مؤشر الركود الاقتصادي يهبط بالسوق الأمريكية 5.8 %

مؤشر الركود الاقتصادي يهبط بالسوق الأمريكية 5.8 %

مؤشر الركود الاقتصادي يهبط بالسوق الأمريكية 5.8 %

[email protected]

منذ سبعة أشهر تقريباً والأسهم الأمريكية ترتفع مؤشراتها بشكل مُطرد صاحبها كثير من التفاؤل المعقول والمُستند إلى حقائق اقتصادية، مؤشر "ناسداك" كمثال ارتفع من 2012 نقطة حتى وصل إلى 2531 نقطة أي بنسبة تزيد على 25 في المائة، وتحدثت في تقرير قبل ثلاثة أسابيع عن أنه من الصعب أن يبقى "ناسداك" فوق مستوى 2500 نقطة ويُحافظ على مكاسبه حسب رؤية التحليل الفني، لكن أن يحدث هبوط وتراجع قوي مثلما حدث في الأسبوع الماضي فهو أمر ليس في الحُسبان، والمتهم الرئيسي هو بورصة الأسهم الصينية التي هبط مؤشرها بنسبة 8.8 في المائة، والسبب خوف المتعاملين في الصين من سياسيات ضريبية قد تُطبقها الحكومة الصينية على المُستثمرين للحدّ من تضخم أسعار الأسهم كما فعلت في أسواق العقار، هذا الخوف في الصين تفشى وانتشر وضرب البورصات العالمية حتى وصل إلى سوق الأسهم الأمريكية، حيث تُعتبر الصين الشريك الخفي للاقتصاد الأمريكي.
المؤشرات الاقتصادية في أمريكا لم تتغير ولم يطرأ عليها أمر يزيد من حدة التشاؤم ولا حتى أمر الأسهم الصينية يُعد سببا وجيها، حيث سبق أن هبطت بورصة شنغهاي الصينية في نهاية كانون الثاني (يناير) ولم يهتم لها أحد بسبب ارتفاع مستوى التفاؤل، لكن هذه المرة اختلف الأمر لأن المُستثمرين أو المُضاربين وجدوا سببا يزيد من خوفهم ويدفعهم لجنيّ الأرباح وهذا بالمثل يجري على باقي أسواق الأسهم العالمية التي تأثرت قبل أن يصل الخبر إلى سوق الأسهم الأمريكية، وهكذا أنهت المؤشرات الرئيسية للسوق الأمريكية تداولاتها على انخفاض حيث هبط "داو جونز" بنسبة 4.2 في المائة بينما "ناسداك" وS&P 500 هبطا بنسبة 5.8 و4.4 في المائة على التوالي، ولم تشهد السوق الأمريكية مثل هذا الهبوط منذ الهبوط الذي حصل بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، كما تأثرت البورصات العالمية بالانخفاض فمؤشر نيكاي 225 الياباني هبط 5.2 في المائة ومؤشر الأسواق الناشئة المعروف باسم MSCI Emerging Index هبط بنسبة 8.1 في المائة في أسبوع وسوق الأسهم الصينية اكتفت بالهبوط 6.8 في المائة صاحبة كل هذه الفوضى كما يُقال.

هناك أمر حصل وهيأ الأجواء حتى تتأثر الأسهم الأمريكية بهبوط الأسهم الصينية وهو تصريح مُحافظ البنك المركزي الأمريكي السابق السيد جرينسبان يوم الإثنين الماضي، حيث قال إن هناك مؤشرات تدل على أن ركود الاقتصاد الأمريكي سيزداد ويتطور في العام الحالي 2007، الغريب أن السيد جرينسبان كان قليل الحديث وذا تعبيرات تجعل تصريحاته تُفهم بقليل من العناء، لكنه هذه المرة أدلى بتصريح واضح المعنى لا يقبل التفسير ولا التأويل وبعدها بدأت موجات خفيفة من عمليات البيع وهذا أمر منطقي فهذا الكلام يصدر من رجل له كلمته في الشأن الاقتصادي حتى وإن ترك قيادة البنك المركزي الأمريكي. جدير بالذكر أن محافظ البنك المركزي الحالي السيد بين برنانكي حاول أن يُهدئ من مخاوف المُستثمرين بقوله إنه لم يطرأ أي تغيير على رأيه ونظرته الأساسية في حال الاقتصاد عما سبق أن صرح به، ثم وصلت أخبار سوق الأسهم الصينية وتأثر الأسواق الأخرى به مما أدى إلى تدافع المتداولين إلى البيع بجنون دون تمييز أو محاولة لربط الأمور بعضها ببعض ولا يُلامون.
العجيب أنه بدأ الكلام يزداد أكثر عن تردي وضع الاقتصاد وضعف مؤشراته بشكل مبالغ فيه وبدأ الكل يتحدث عن السلبيات مثل القول إن تردي مبيعات المساكن سيؤدي إلى ضعف في إنفاق المُستهلكين وإن مبيعات المساكن لشهر كانون الثاني (يناير) انخفضت بنسبة 16.6 في المائة، والتفكير بأن صناديق التحوطّ قد تلجأ إلى بيع وضخ الأسهم من محافظها إلى السوق بعد ارتفاع الينّ مقابل الدولار، وزاد الحديث عن انخفاض قوي في الطلب على السلع المُعمرة وإن معدل الناتج المحلي GDP بعد المراجعة انخفض من 3.5 إلى 2.2 في المائة وهكذا ازداد الحديث عن السلبيات بشكل صارخ في كل مكان وأصبح المُستثمر مُحاصرا بكل هذا الكمّ الهائل من الخوف الأعمى، هل تظن أن مُطلقي مثل هذه التصريحات المُتشائمة هم مُرجفون حسب التعبير الدارج بين المتداولين في سوق السهم السعودية؟
تناسى المُصابون بنوبة الخوف وجود كم لا بأس به من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية مثل وجود تقرير يُبين أن مبيعات السيارات ارتفعت بشكل ملحوظ في شباط (فبراير) مقارنة بمبيعات شهر كانون الثاني (يناير) وأكثر من المُتوقع، كما ارتفع مؤشر ISM للصناعة في شباط (فبراير) حتى مستوى 52.3 نقطة بدلاً من 49.2 نقطة في كانون الثاني (يناير)، حيث إن بقاء المؤشر فوق مستوى 50 هو إيجابي، كما ارتفع إنفاق الفرد في كانون الثاني (يناير) بنسبة 0.5 في المائة ومبيعات المساكن المُستخدمة في كانون الثاني (يناير) ارتفعت بنسبة 3 في المائة، صحيح أن معدل الناتج المحلي GDP بعد المراجعة هبط حتى 2.2 في المائة بعد أن كان عند 3.5 في المائة ولكنه ما زال في الحدود المتوقعة وهي بين 2 و3 في المائة. نلاحظ أن أغلب البيانات الإيجابية أتت من أداء الاقتصاد الأمريكي في شباط (فبراير) وامتداد إيجابي للنتائج الجيدة في الأشهر السابقة مما يعني أن التراجع الذي حصل في كانون الثاني (يناير) هو أمر طارئ يُخالف المعدل العام لكل المؤشرات الاقتصادية.

الأسبوع الحالي
المُستثمرون هذا الأسبوع يُريدون أن يتلمسوا طريقهم إلى النجاة وأخذ القرار الصحيح في مثل هذه الأجواء، إذاً السؤال الطبيعي الذي يتبادر لتفكير كل منهم هو: هل أهرب وأبيع أسهمي التي أملكها أو أن ما حصل أمر عارض يمكن تحمله حتى تعود الأمور إلى حالة الاستقرار؟ وهل ما حدث من هبوط هو فرصة للشراء لا تتكرر إلا نادراً؟ وبما أن المؤشرات الاقتصادية والحديث عن الركود هو أحد أهم أسباب الهبوط فإن الطريق إلى معرفة الحقيقة أكثر في نظر المُستثمرين يأتي بمراقبة المؤشرات الاقتصادية التي ستصدر هذا الأسبوع وأهمها بيانات عدد الوظائف الجديدة لشهر شباط (فبراير).
محافظ البنك المركزي سيتحدث غداً الثلاثاء في تصريح يجمعه بعدد من محافظي البنوك المركزية لعدد من الولايات، وبما أن الشأن أصبح عالمياً بالدرجة الأولى فإن معظم المُستثمرين سينجذبون لكل مسؤول اقتصادي في العالم، ولذا ستجد مؤشرات اقتصادية عالمية أخرى الاهتمام نفسه مثل مؤشر بيانات الإنتاج الصناعي الألماني وكذلك البيان الذي سيصدر عن البنك المركزي البريطاني المُتعلق بسياسته المالية ومثله البنك المركزي للاتحاد الأوروبي وذلك يوم الخميس، كما ستلقى زيارة وزير الخزانة الأمريكي إلى الصين وكوريا الجنوبية كل الاهتمام، حيث يُتوقع أن يضغط على الحكومة الصينية من أجل التدخل في تقييم عملتها لتعكس قوة اقتصادها.
البيانات الاقتصادية التي ستصدر مُهمة ويتركز معظمها يوم الجمعة وأهمها تقرير عدد الوظائف الجديدة بسبب الأوضاع الحالية لأسواق الأسهم حيث يُعتبر الاهتمام نتيجة طبيعية أو ردّ فعل بعد تصريحات محافظ البنك المركزي الأسبق وحتى يتعرف المُستثمرون هل يوجد فعلاً ما يؤكد حدوث ركود اقتصادي أو ما يؤكد استمرارية بقاء أو تدني معدل الناتج المحلي GDP كما حدث للناتج المحلي في الربع الرابع، التوقعات تتحدث بأن عدد الوظائف الجديدة التي تمكن الاقتصاد الأمريكي من خلقها وإيجادها في سوق العمل قد تصل إلى 100 ألف وظيفة جديدة في شباط (فبراير).

التحليل الفني
عندما وصل "ناسداك" إلى مستوى 2531.42 نقطة يوم الخميس الماضي وكون نجمة "الدوجي" وأعقبه هبوط يوم الجمعة قبل الماضي كانت هذه إشارة واضحة إلى بدء جنيّ الأرباح والهبوط المنطقي ولكن لم يكن في الحسبان أن يحدث ما حدث من هلع، وكنت أتوقع أن يتمكن مستوى 2500 نقطة من دعم "ناسداك" بسبب وجود متوسطات الحركة ويبدأ الهبوط تدريجيا، وفي الوضع الحالي فإن السوق يُفضل عدم دخولها لمن لا يملك فيها أسهما حتى تهدأ الأمور وتتضح الرؤية. والمضاربة في هذه الفترة في غاية الخطورة، لذا يجب الانتظار فكل هبوط قوي مُبالغ فيه يعقبه ارتداد لأعلى قوي كما اعتدنا.
أغلق مؤشر "ناسداك" عند مستوى 2368 نقطة خارج الحد السفلي "للبولينجر باند" وأقرب مستوى دعم قريب من 2325 نقطة والمقاومة عند مستوى 2400 يليها متوسط 50 يوما عند مستوى 2454 نقطة تقريباً، وليس مُستبعداً في ظل أجواء التشاؤم التي تلف السوق أن يصل "ناسداك" إلى مستوى متوسط 200 يوم عند 2286 نقطة وإذا حدث هذا فمنها ستكون الانطلاقة أقوى لأعلى، ويمكن تحديد مستويات الدعم والمقاومة باستخدام نسب فيبوناتشي على الرسم البياني الأسبوعي Weekly Chart.
السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مستثمر هو: هل يعتبر ما حدث فرصة للشراء؟ والجواب هو نعم للمُضارب ولكن التوقيت مهم جداً، ومن يملك أسهما قبل هبوط السوق واحتفظ بها حتى الآن فعليه أن يُحدد نقاط مقدار الخطورة وما يمكن أن يتحمله منها ويحدد بقاءه أو بيعه للسهم، جدير بالذكر أن مكرر الأرباح للأسهم المُدرجة ضمن مؤشر S&P 500 وصل إلى 15.8 وهو مناسب جداً حسب مقاييس الاستثمار.

الأكثر قراءة