مشروع لتدوير الإطارات . . يجمع بين الاستثمار الاقتصادي وحماية البيئة

مشروع لتدوير الإطارات . . يجمع بين الاستثمار الاقتصادي وحماية البيئة

أطلقت شركة سعودية ـ مقرها المنطقة الشرقية ـ مشروعا استثماريا يعد أحد أهم المشاريع التي تعنى بالمحافظة على البيئة في العالم, وذلك من خلال الاستفادة من الإطارات التالفة في إنتاج مواد صديقة للبيئة تحقق عائدا ماديا للمستثمر وفي الوقت نفسه تحمي البيئة من التلوث.
ويأتي هذا الاستثمار الواعي في البيئة في الوقت الحالي الذي يؤكد فيه الخبراء أن المملكة تتخلص من عشرات الملايين من الإطارات سنويا بطرق غير آمنة دون تقدير لأضرارها المستقبلية على الإنسان والبيئة، إذ يصنف هذا النوع من النفايات بأنها من أشد أنواع الملوثات البيئية كونها تحتاج إلى مئات السنين حتى تتحلل وتذهب آثارها من البيئة.
أوضح لـ "الاقتصادية" يوسف راشد الراشد المدير التنفيذي للشركة السعودية لمنتجات المطاط، أن المشروع تم تأسيسه من قبل شركة أخرى، لكنه تعثر فيما بعد وتوقف عن العمل إلى أن تم ضمه إلى شركة راشد سعد الراشد وأولاده المحدودة، معتبرا أن التخلص من الإطارات التالفة بطرق عشوائية يعد هدرا لأحد المصادر التي يمكن الاستفادة منها.
وفي الوقت الذي لم يفصح فيه الراشد عن حجم المبلغ الذي تم رصده للاستثمار في هذا المشروع إلا أنه قال: " أستطيع أن أقول إن شراء الشركة لمشروع متعثر يعد مخاطرة في العرف التجاري، لكن فكرة المشروع التي تصب في حماية البيئة والمحافظة عليها كان دافعا لنا في أن نجعل منه صديقا للبيئة وفي الوقت نفسه كيانا اقتصاديا ناجحا.

يطهر البيئة من التلوث
وأفاد الراشد أن مصنع إعادة تدوير الإطارات سيبدأ إنتاجه الفعلي لكامل الطاقة الاستيعابية خلال الأشهر القليلة المقبلة، وننوي تخصيص ثلاثة مواقع لتجميع الإطارات التالفة في ثلاث مناطق: الشرقية، الوسطى، والغربية، على أن تتضمن هذه المواقع آليات ومكائن مخصصة لتقطيع الإطارات إلى أجزاء ومن ثم نقلها إلى مصنع الشركة لتتم معالجتها وذلك في حال توافر الدعم المناسب من البلديات.
وفيما يتعلق بالجوانب الإيجابية التي سيقدمها المشروع للبيئة بين الراشد أن من مميزات المشروع تطهير البيئة من الأضرار التي تخلفها هذه الإطارات والتي من بينها: تخلص الهواء والجو من التلوث البيئي الذي تسببه سحب الدخان الكثيف الناجم عن حرائق الإطارات من قبل العمالة الوافدة كي تحصل على كمية الأسلاك الحديدية التي بداخلها وتبيعها الشركات إعادة تدوير الحديد بأسعار زهيدة مقابل أضرار بالغة على الصحة العامة، القضاء على المكان الخصب لتجمع البعوض والحشرات التي تسبب الأمراض مثل: مرض حمى الضنك الذي انتشر أخيرا في مدينة جدة، حيث ذكرت تقارير إعلامية صادرة عن اللجنة المكلفة بتحديد أسباب وجود المرض في وزارة الصحة أن الإطارات التالفة الملقاة في الأحياء كانت مأوى لتجمع وتكاثر أعداد كبيرة من البعوض.

نفتقد الإحصائيات الدقيقة
وفيما إذا كانت هناك إحصائيات تبين حجم الإطارات التي يتم إتلافها سنويا في السعودية، قال الراشد إنه " للأسف" لا توجد حتى الآن أية أرقام دقيقة عن عدد الإطارات التي تتلف سنويا وترمى في العراء، كما أنه لا يوجد أيضا أية معلومات واضحة عن حجم الاستثمار في سوق إعادة التدوير بشكل عام وتدوير الإطارات بشكل خاص. لكنه أفاد أنه اطلع على معلومات قبل عشر سنوات تفيد أن السعوديين يستهلكون ما بين 2.5 و2.8 مليون إطار سنويا، وأعتقد ـ والحديث لا يزال للراشد ـ أن هذا العدد ارتفع بنسبة تتجاوز 5 في المائة سنويا ـ مقارنة بعدد السكان ـ ما يعني أن هذا الرقم ارتفع بأكثر من 25 في المائة عنه في السنوات العشر الماضية.

ملاعب الأطفال ومضامير الجري والأرضيات
وأوضح الراشد أنه تتم الاستفادة من الإطارات المعاد تدويرها في تجهيز المراكز الرياضية خاصة الملاعب ومضامير الجري، إذ إن 85 في المائة من استخدامات الحبيبات التي تنتج من إعادة تدوير الإطارات التالفة يستفاد منها في تجهيز مضامير الجري.
كما يتم استخدام المنتج في تجهيز ملاعب الأطفال لأنها تحتاج إلى كميات كبيرة من حبيبات المطاط التي ترصف على الأرضيات على شكل طبقات مطاطية الهدف منها حماية الأطفال أثناء اللعب، إلى جانب استخدامات أخرى كصناعة الأرضيات المطاطية التي تكون على شكل بلاطات مطاطية بسماكات مختلفة، وتستخدم في أماكن كثيرة منها رصف الشوارع وعوازل للصوت وغيرها كثير. كما أن الشركة تعمل حاليا على تطوير المنتج من خلال إجراء الأبحاث والدراسات عليه لتتم الاستفادة من هذا المنتج أكثر وإعادة تكريره كمنتج أساسي.

التطور والحرص العالميان
ولم يستبعد الراشد أن يتم استخدام " حبيبات المطاط " المستخرجة من الإطارات التالفة مستقبلا في سفلتة الطرق في السعودية، من خلال خلط نسبة بسيطة قد تتراوح بين 5 و10 في المائة إضافة إلى الأسفلت المستخدم حاليا.
وقال: هذه الحبيبات تستخدم في صناعة الطرق في ولاية نيفـادا في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إن هناك 32 ولاية أمريكية تستخدم حبيبات المطاط في صناعتها، وهي تناسب جدا المناطق الحارة كما هي الأجواء في المملكة. وهناك حرص كبير في بلدان مختلفة رصدت مبالغ كبيرة في البحث والتطوير وتوعية المواطنين ما سيسهم في الحفاظ على البيئة في المقام الأول والاستفادة مما تمت إعادة تصنيعه من الإطارات التالفة.

نطالب بدعم الجهات المعنية
وطالب الراشد الجهات المعنية بالمحافظة على البيئة بتسهيل إجراءات وتشجيع إقامة المشاريع الجديدة التي تستثمر في البيئة النظيفة، وكذلك المشاريع التي يتركز نشاطها في معالجة نفايات المنتجات الاستهلاكية التي لو تركت لكانت لها آثار سلبية بالغة على الإنسان والبيئة.

وقال: على البلديات وأمانات المناطق الدعم والتعاون وتأمين أراض لتجميع الإطارات التالفة التي يتم جمعها وإرسالها إلى وحدات المعالجة، وكذلك على رئاسة الأرصاد وحماية البيئة تشجيع الشركات التي يمكن أن تستثمر في المنتجات التي لها عائد على سلامة البيئة، وتطبيق عقوبات صارمة بحق الذين يتخلصون من الإطارات التالفة بطرق غير آمنة مثل الحرق أو الردم. ونطالب أيضا إيقاف استيراد أي كمية من حبيبات المطاط من الخارج وذلك لنعمل على تنظيف بيئتنا المحلية ودعم الصناعة المحلية.

ملايين الإطارات ترميها الشركات
ولفت الراشد إلى أن هناك ملايين الإطارات ترميها الشركات والمؤسسات القائمة على تنظيف المدن في مرمى النفايات وتتخلص منها بطرق عشوائية مثل الدفن أو الحرق أو إبقائها دون معالجة ما يسبب أضرارا بالغة على البيئة، متسائلا لماذا لا يتم تسليمها للمستثمرين في مجال إعادة التدوير مقابل أن يتكفل هو بنقلها وتخزينها أو مقابل أسعار رمزية ليتم التخلص منها بطرق ليس لها أضرار على الإنسان والبيئة.
وأبدى الراشد استعداد الشركة لتجهيز حاويات خاصة بجمع الإطارات التالفة توضع في المدن الصناعية وورش إصلاح السيارات في مختلف المناطق، ليتم التخلص من هذه الإطارات بطرق سليمة، إذا ما سمحت له أمانات المدن بذلك، مقابل الاستفادة من هذه الإطارات في مشروعه، معتبرا أن هذه الخدمة هي من صالح البلدية والبيئة كذلك، فضلا عن المساهمة في نجاح هذا المشروع الاستثماري الذي يصب في مصلحة أبناء الوطن الغالي، وهناك مجال لاستفادة البلديات والمؤسسات الصناعية في المشاركة وكسب عوائد مادية رمزية تجسد وتعكس مدى حرصها على البيئة.

لدينا 20 ألف طن إطارات
وأشار المدير التنفيذي للشركة السعودية لمنتجات المطاط إلى أن الطاقة الاستيعابية لمصنع المعالجة يقدر بنحو مليوني إطار سنويا وهو ما يعادل 11 ألف طن، في حين يتوافر لدينا حاليا أكثر من 20 ألف طن من الإطارات، ما يعني أن هناك فائضا في عدد الإطارات الخام بنسبة 97 في المائة تقريبا.
وحول إمكانية توسيع نشاط الشركة مستقبلا، لفت الراشد إلى أن رفع الطاقة الاستيعابية لمشروع إعادة تدوير الإطارات سيكون مرهونا بإيجاد دعم وتعاون مشترك وتفهم لدورنا في الحفاظ على البيئة من قبل الجهات المعنية في السعودية خاصة البلديات ورئاسة الأرصاد وحماية البيئة.

الأكثر قراءة