دراسة: الطبقة الوسطى في الخليج مهددة بالتأزم نتيجة التطورات المدنية والاقتصادية

دراسة: الطبقة الوسطى في الخليج مهددة بالتأزم نتيجة التطورات المدنية والاقتصادية

أظهرت دراسة أعدتها شركتا استشارات دولية أن تغيرات جوهرية طرأت على مفهوم ومحتوى الطبقة الوسطى في المجتمعات الخليجية، وذلك بسبب النظام العائلي التقليدية والتطورات المدنية والاقتصادية المتسارعة، علاوة على بروز قوة البيروقراطية الحكومية المرتبطة بوظائف القطاع العام الحديثة. وهي جميعها تطورات تلقي بظلال من التأزم على هذه الطبقة.
ووجدت الدراسة التي أعدتها شركة ماكينزي والزغبي إنترناشونال وتضمنتها نشرة "ذا مكنزي كوارترلي" تحت عنوان "إلقاء الضوء على الطبقة الوسطى في الخليج" أن 20 في المائة من البحرينيين الذين شملهم المسح في ثلاث دول خليجية هي البحرين, الإمارات, والسعودية قالوا:" إنهم عاطلون عن العمل وإنهم يبحثون عن عمل في مقابل أقل من 10 في المائة في السعودية والإمارات. كما أن 16 في المائة من البحرينيين الذين شملتهم العينة قالوا إنهم فقدوا وظائفهم خلال العامين الماضيين، كما أن الباحثين عن عمل ذكروا أنهم لا يعانون فقط من انخفاض أو انعدام الدخل وإنما أيضا وجودهم في أسر ذات عائل واحد. وشملت العينة 2400 شخص من الدول الثلاث.
وفي المقابل وجدت الدراسة أن معظم الباحثين عن عمل من الإمارات والسعودية ينتمون إلى عائلات يعمل يها ما بين اثنين إلى ثلاثة أشخاص، وعلى رغم عدم التحاقهم بوظائف مدرة للدخل إلا أنهم ذكروا أن لديهم مصادر دخل سخية من العائلة أو من مصادر أخرى. ووجدت نسبة منخفضة نسبيا من الطبقة الوسطى العاملة في البحرين التي شملها المسح أن أعمالهم تحقق لهم الرضا، بينما أعلى من هذه النسبة بقليل وجدوا وظائفهم تحقق لهم التميز الاجتماعي وفي المقابل تفوق السعوديون والإماراتيون. ويتواصل ذلك في عناصر الدراسة الأخرى إذ أوحت إجابات البحرينيين أنهم أقل تفاؤلا، وأقل رضا وأقل ثقة في المستقبل من نظرائهم السعوديين والإماراتيين.
وبينت الدراسة أن الفجوة بين هؤلاء الذي وصفوا أنفسهم بأنهم الطبقة الدنيا من الدول الثلاث وبين الطبقة المتوسطة (كبيرة) فيما يتعلق بالدخل، الثقة في المستقبل والرضا، إلى الدرجة التي تستحق أن تولى الاهتمام اللازم.
ولفتت الدراسة إلى أنه وبالرغم أن الطبقة المتوسطة تعتبره سمة مميزة للمجتمعات الحديثة والاقتصادات النامية وتشتمل على شريحة عريضة من المهنيين وهي مركز دعائم الاستقرار في المجتمع إذا إن هذه الطبقة لها نصيب واضح من المستقبل تعمل جاهدة لتحقيق أحلامها، إلا أنها ليست معرّفة بشكل واضح في دول مجلس التعاون الخليجي الست.
ووجهت إلى أفراد العينة أسئلة تتعلق بأعمالهم، وطبقتهم الاجتماعية، والأمور المقلقة بالنسبة لهم، إضافة إلى الطبقة الاجتماعية التي ينتمون إليها.
وذكرت النشرة أنه على رغم أن التحليل لم ينته بعد، إلا أن النتائج المبدئية تشير إلى أن الطبقة الوسطى في كل من السعودية والإمارات تبدو متفائلة بالمستقبل بينما لم يكن البحرينيون على الدرجة نفسها من التفاؤل. واعتبر ثلث من شملتهم الدراسة أنفسهم بأنهم من الطبقة المتوسطة، إلا أن الدراسة أشارت إلى أن ترك الخيار لدى أفراد العينة يضخّم هذه الفئة فيفضل كثيرون من الطبقة الأعلى والأدنى الانتماء إليها، ولذلك فإن مستوى الدخل لهذه الفئة راوح بين 5000 درهم 1350) دولار أمريكي- نحو 510 دينار بحريني) و30 ألف درهم شهريا، وبلغ متوسط الدخل ما بين 10 آلاف درهم و20 ألف درهم. وباستثناء العسكريين فإن معظم أفراد العينة ينتمون إلى أصحاب الياقات البيضاء من المهنيين والعاملين في مجال التعليم، والرعاية الصحية، والعاملين في المكاتب والتسويق.
وفي الرد على سؤال العينة عن التوقعات بشأن المستقبل جاء البحرينيون المتفائلون في المرتبة الثانية إذ في التوقعات أن المستقبل سيحمل وضعا أفضل وبلغت نسبتهم 36 في المائة من أفراد العينة مقارنة بـ33 في المائة من الإماراتيين، فيما كان السعوديون أكثر تفاؤلا إذ أبدى 65 في المائة من أفراد العينة تفاؤلهم بالمستقبل، وعبر 12 في المائة من أفراد العينة البحرينية عن تشاؤمهم من أن يحمل المستقبل وضعا أسوأ في مقابل 2 في المائة فقط من عينتي الإمارات والسعودية الذين انضموا إلى هذه النظرة التشاؤمية. فيما أجاب 61 في المائة من العينة الإماراتية، و34 في المائة من العينة البحرينية و14 في المائة من العينة السعودية بأنهم ليسوا متأكدين مما سيحمله لهم المستقبل.
ورأت الدراسة أن هذا الاتجاه يعكس التفاعل مع التطورات المحلية والتوترات الإقليمية أكثر منها الظروف الشخصية، مدللة على أن تدفق الإيرادات النفطية إلى دول الخليج أدى إلى رفع التوقعات الاقتصادية، إلا أن من الجهة الأخرى أدى تسارع التغيرات الداخلية المصاحبة للقلق الإقليمي بشأن إيران والعراق إلى خفض هذه التوقعات، ووجدت الدراسة أن هذه الأوضاع تفسر إجابات عدم التأكد مما يحمله المستقبل. وذكرت الدراسة أنه، إضافة إلى ذلك، كان من الملاحظ أنه من خلال السنوات الثلاث الماضية وجود شعور متضخم بالفخر، إذا يعرّف أبناء الخليج أنفسهم بانتماءاتهم إلى دولهم أكثر منه إلى الإسلام والعروبة.
وأوضحت الدراسة فيما يتعلق بالأمان الوظيفي أن البحرينيين أقل نسبيا من نظرائهم السعوديين والإماراتيين في مسألة الشعور بالأمان الوظيفي بـ72 في المائة من أفراد العينة يشعرون بأمان وظيفي في البحرين مقابل 67 في المائة في السعودية و68 في المائة في الإمارات. كما أن 55 في المائة فقط من البحرينيين يشعرون بأن أوضاعهم أفضل حاليا منها قبل أربع سنوات مقابل 57 في المائة من الإماراتيين و62 في المائة من السعوديين.
كما أوضحت تفاصيل المسح فيما يتعلق بالرضا عن الخدمات التعليمية والصحية، أن البحرينيين هم أقل رضا من نظرائهم الإماراتيين والسعوديين، فـ 64 في المائة من البحرينيين عبروا عن رضاهم عن النظام التعليمي و54 في المائة عن نظام الرعاية الصحية مقابل 83 في المائة من السعوديين لكلا النظامين و90 في المائة، و97 في المائة من الإماراتيين عبروا عن رضاهم عن النظام التعليمي ونظام الرعاية الصحية على التوالي.
وخلصت الدراسة إلى أن النظام العائلي التقليدي والقبلي في العالم العربي من الممكن أن يخلق صورة معقدة عن الطبقة الاجتماعية. وإضافة إلى ذلك فإن المدنية المتسارعة والنمو الاقتصادي وتوسع البيروقراطية الحكومية أفرزت فئة جديدة من المتمدنين والموظفين، ووجدت الدراسة أن ذلك انعكس بشكل واضح في إجابات أفراد العينة.

الأكثر قراءة