أحد الضحايا الفرنسيين اعتنق الإسلام قبل يومين من الحادثة
أعلنت وزارة الداخلية إلحاقا لبيانها المعلن يوم الإثنين 8 / 2 / 1428هـ، عن تعرض عدد من المقيمين فرنسيي الجنسية لإطلاق نار من سيارة مجهولة، مما نتج عنه مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة رابع تم نقله إلى المستشفى. وأوضح المتحدث الأمني في وزارة الداخلية أن المصاب مبارك جون مارك البالغ من العمر 17 عاما، توفي صباح أمس الثلاثاء متأثراً بإصابته. وكانت أصوات المحركات قد هدأت وانفكت الأطواق الأمنية حول "وادي بواط"، الذي لم يعرف كثافة في الحركة، كتلك التي شهدها أمس الأول حين قتل فيه الفرنسيون الثلاثة واصطكت بين جنباته أصوات النساء الثكالى والأطفال اليتامى، الذين لم يكن ذنبهم سوى أنهم شقر لم يستطع ذلك القناص المتوحش استيعاب ألوانهم. وذهبت ألوان المفجوعين مع ذهاب دماء الضحايا، غير أن هذا القاتل المريض الذي لم يرع حرمة دم الإنسان المسالم شرعا ولم يكن له نصيب من المرؤة العربية مذهبا، إذ لم يعط لنفسه الموبؤة برغبة القتل أي فرصة للتعرف قليلا على ضحاياه. ولم يكن هناك سبب وجيه للقتل إلا برأي أحد اثنين إما جاهل متعصب أعماه التشدد والتنطع عن الطريق الوسطي للإسلام، أو عدو مخرب أراد خلق فجوة وعداء متزايد بين الديانتين الكبيرتين في العالم، بحسب رأي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في إحدى المناسبات. أحد الضحايا الفرنسيين ويدعى جون مارك بوتي، دخل دائرة إضافية للحرمة الدينية للدم فالرجل كان قد أعلن إسلامه عصر الجمعة الماضي، وهو متزوج من فرنسية من أصول مغربية ويعمل مهندسا في إحدى الشركات في الرياض. وكان يخطط لاختيار اسم يلائم ثقافته الجديدة، غير أن رصاص الغدر لم يمهله ليعيش حياته بشكل جديد وفق ما يعتقد أنه يرضي ربه، الأمر الذي ربما اعتقد ذلك القاتل أنه يفعله بقتله وفقما ارتضاه له عقله ونفسه الدنيئة. وكان المغدور الفرنسي بصدد أداء العمرة لأول مرة في عمره لينقضي عمره، دون أن يقضي ولو عمرة. وكان المسلم الجديد آتيا للتو في إطار جولة سياحية من منطقة العلا بعد زيارته مدائن صالح، تلك التي تعلقت بها تلك النفوس المعبأة بالثقافات الدينية وعلى رأسها الإسلام وكان ينوي أداء العمرة عقب عودته إلى المدينة، بحسب مصادر مقربة منه في الشركة التي يعمل فيها في الرياض. الضحية الثانية هو مهندس أيضا في إشارة إلى أن القتلى، الذين يقتلون لا تخسرهم أوطانهم فقط بل البلدان التي بذلوا جهودهم فيها واستفادت منهم كما استفادوا منها. جون نوفل كان أحد هؤلاء ويعمل في الشركة ذاتها التي يعمل فيها بوتي ويشكل هو وزوجته إحدى ثلاث عائلات واصلت رحلتها من مدائن صالح إلى المدينة، ناوين إكمال الطريق إلى مكة المكرمة، في حين عادت أربع أسر أخرى إلى الرياض من مدائن صالح. أما الضحية الثالثة فهو مدرس قالت معلومات صحافية إنه يدرس أبناء القتيل الثاني. وبالعودة إلى مشهد القتل، الذي خرجت فيه زوجة الضحية الأول لتجيب فيه عن سؤال لسيارة مجهولة تقدمت منهم بصفتها عربية مغربية الأصل، أشارت إلى أن المجموعة الفرنسية السائحة، التي وقفت بجانب أحد الجبال في هذا الوادي الخالي عادة من الزوار، بغرض الاطلاع على بعض الآثار والجوانب الجيولوجية فيه، دعا قائد السيارة المجهولة إلى النزول متلثما مع شخصين آخرين ليعزل الرجال عن النساء و الأطفال ويباشر إطلاق النار على الرجال في صورة تفتقد أبسط المعاني الإنسانية، فضلا عن افتقادها قيم المرؤة التي تميز العربي المسلم.
من جانبها تواصل القوى الأمنية استنفارها الكامل للبحث عن المجرمين، حيث ذكر العقيد محسن الردادي المتحدث الرسمي لشرطة منطقة المدينة المنورة، أن الاستدلالات على الفاعل بدأت من شهادة ذوي الضحايا التي أشارت إلى سيارة من نوع جيب باترول زيتية اللون كان يستقلها ثلاثة أشخاص، لم يذكروا معها رقم لوحتها، مؤكدا أن البحث جار بمساعدة جميع قطاعات الأمن الداخلي ومساعدة سلاح الطيران الجوي في مراقبة الوديان السحيقة والأماكن التي يصعب متابعتها بدوريات الأمن العادية، وأشار الردادي إلى حرص المسؤولين الكامل على ضبط الجناة ليلقوا عقابهم العادل.
إلى ذلك شهدت المدينة المنورة بين صلاتي المغرب والعشاء أمس، آخر فصول المشاهد المحزنة للحادث الذي وقع شمالا منها على الطريق المؤدي إلى تبوك والعلا، فقد ودعت طيبة بعد مغرب أمس السواح الفرنسيين الأربعة وبينهم شاب صغير لحق بهم بعد أن ظل يصارع الموت 24 ساعة. في حين شهد الحرم النبوي الصلاة على الفرنسيين المسلمين حديثا، ومن بينهم الشاب مبارك جون مارك والذي لم ينادى بهذا الاسم إلا منذ أيام قلائل ليدفن مع أبيه المهندس في إحدى الشركات في مدينة الرياض والذي أشهر إسلامه في ذات التاريخ، وكان قاصدا المدينة بغرض الذهاب إلى العمرة، بعد أن أمضى وقتا مع أصدقائه الفرنسيين الآخرين في مدينة العلا، حيث الآثار التاريخية في مدائن صالح قبل أن يعود رفاقه إلى الرياض ويتجه هو مع رفاقه المسلمين إلى المدينة المنورة.