جيل يتربى على الإقصاء وعدم الإصغاء .. التدريب يسد الخلل
يشكو المهتمون بالسلك التعليمي من غياب دور الحوار الراقي الذي يوصل الطرفين لنقطة التقاء واحدة ذات نتيجة إيجابية تخدم التعليم بشكل عام.
الكل يشكو المدير يتأذى من زيارة المشرف بدواعي عدم التوافق في الفكر، فالمشرف يطالب بمهنية عالية، بينما يرى المدير عدم القدرة على تطبيق ذلك لعدم توافر الإمكانيات، وفي مجلس المعلمين تتعالى الصيحات لعدم الرضا من كثرة الطلبات، دفتر التحضير، دخول الحصص، الإشراف، الوسائل التعليمية.. الخ
فيما يرى الطالب نفسه كسير الجناحين أمام المعلم فما يطلبه منه هو الصحيح دون نقاش فالواجبات تتراكم والشرح قد يمر مرور الكرام وغير ذلك.
ويبدو الأمر خطيرا جدا، ولا سيما إذا تأملنا القضية من جميع النواحي وعلمنا أن الطالب سيكبر وتكبر معه فكرة الإقصاء وعدم الإصغاء، فيكون حديثه مع أبنائه توحدي، ومع مرؤوسيه مركزي، ومع طلابه دكتاتوري، فالموضوع ليست مشكلة فرد إنما هو (همّ أمة كاملة).
يروي حسين الصالحي وكيل مدرسة ثانوية أنه لا ينسى واقعة ترك فيها أحد الطلاب مقاعد الدراسة نهائيا، بعد تعرضه للكثير من التوبيخ من معلميه، مؤكدا أنه حاول مرارا وتكرارا إبداء وجهة نظره في عدد من الأمور التي اتهم فيها دون جدوى، فقرر الرحيل نهائيا بحثا عن مكان آخر يجد من ينصت له فيه.
في هذا الصدد، يؤكد لـ "الاقتصادية" خالد السليمان مدير مركز التدريب والابتعاث في الإدارة العامة للتربية والتعليم في منطقة الرياض، أنه تم تدريب 30 مشرفا في مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ليؤدوا دورهم في تدريب المعلمين في دورات صباحية ومسائية ذات اسم (مهارات في الحوار الفعال) تتعلق بمهارات الإصغاء، تقبل رأي الآخرين وكثير من آداب الحوار لكافة شرائح المجتمع التعليمي.
وأكد أنهم بصدد تدريب 1200 معلم في هذا الفصل الدراسي فيما ينتظر أن يصل العدد في العام القادم إلى 3000 معلم.
وأبان: هذه الدورة هي الأولى من نوعها التي تقام في مركز التدريب، حيث سيتم تقييمها بعد عام ونصف العام ومن ثم تدرج كدورة أساسية.
واعتبر السليمان أن مثل هذه الدورات ستسهم في أن المعلم وكل مسؤول في التعليم سينقل تجربته للطلاب ثم هم ينقلونها للمنزل وبالتالي تنعكس على المجتمع وتحقق أهداف كبيرة.
الشيء الجميل أن تبادر وزارة التربية والتعليم ممثلة في مركز التدريب في تفعيل الحوار ومضامينه للمعلمين الشريحة الأهم في المجتمع وبذلك يبزغ سؤال: هل يدرك المعلمون ومديروهم والمشرفون التربويون ضرورة الالتحاق بمثل هذه الدورات؟ وهل فعلا يحتاجون إلى (تعميم) رسمي يدعوهم للنهوض بقدراتهم الحوارية في زمن المصارحة؟