عملة نقدية خاصة في ميونخ و المزيد من المدن الألمانية تتطلع للتجربة
لا تخفي ايزابيلا فايس امتعاضها واستياءها ..
فالنقود لم تخلق لتكنز بل لتتحرك ..هذا ما تقوله وتضيف :"عندما كنا صغارا كنا نغنى مع باقي الأطفال أغنية شعبية معروفة تقول أيتها النقود تحركي وانتقلي من يد ليد .. ولكن أسلوب تعاملنا الحالي مع النقود حول هذا الهدف إلى النقيض تماماً. فبدلاً من إنفاق المال أصبح هدف أغلب الناس هو امتلاك المال واكتنازه والطمع في تحقيق أكبر ربح ممكن. ولهذا أصبح الناس يضخون مدخراتهم في الأسواق المالية الدولية ويضاربون بها خاصة في الأسواق الآسيوية وهو ما يستنزف الاقتصاديات الوطنية.
وايزابيلا فايس هي استشارية مالية متخصصة سابقة وهي تطمح وعدد لا يستهان به من مؤيديها إلى قلب الدفة أو بالأحرى إعادتها لطبيعتها الأولى كما تقول وقد عمل هذا الفريق بالفعل على هذا الأمر وكانت النتيجة..
فمع اليوم الأول من العام الحالي 2007 ظهر في مدينة ميونخ الريجيو Regio وهو عملة نقدية محلية ، والهدف هو توثيق القوة الشرائية في الولاية الألمانية الجنوبية وتعزيز الاقتصاد المحلي من ناحية. ومن ناحية أخرى فالريجيو هو أيضا وسيلة للدفع مثله مثل اليورو تماماً حيث يمكن شراء البضائع عن طريق الريجيو.
ولكن هل تنجح هذه التجربة ؟
لطالما حمل إلينا التاريخ أخبارا عن محاولات سابقة .ففي فترة الثلاثينيات من القرن الماضي، نجح تيرولير أورتشين فورجيل في محاربة الكساد من خلال سك عملة إقليمية.وفي سويسرا يوجد منذ ما يزيد على 70 عاماً عملة الفير Wir إلى جانب الفرنك السويسري وهو العملة الرسمية . وفي ألمانيا تتزايد المبادرات من هذا النوع منذ بضعة أعوام. وتسجل رابطة (ريجو جيلد) منذ بداية عام 2006 عشرين منطقة لها عملاتها النقدية الخاصة بها، وأغلبها من جنوب ألمانيا، ولا تزال توجد نحو 33 منطقة أخرى تحت الدراسة والتخطيط. إضافة إلى وجود مناطق أخرى لا ترغب في استخدام الريجو وترغب في استخدام عملة محلية أخرى مثل العملة النقدية المحلية القديمة في ألمانيا وهي الرولاند وتستخدم في ولاية بريمن .
وتُعتبر أنجح البدائل النقدية في الوقت الراهن بالفعل عملة (شيمجاور – Chiemgauer) المستخدمة منذ بداية عام 2003، وحققت العام الماضي حجم مبيعات تقديريا بلغ بما يعادل 1.5 مليون يورو. وقد بدأت عملة شيمجاور كمشروع مدرسي لمدرسة فالدورف. وفي البداية، طبع معلم الاقتصاد، كريستيان جيليري، وطلابه، وسيلة الدفع بأنفسهم، واليوم تم ربطها بأربع مطابع. وهناك 14 علامة احترازية، يُفترض بها أن تصعّب على المزورين، تقليد وتزوير عملة شيمجاور.
ولكن كيف تسير آلية إطلاق عملة إقليمية؟ أولاً، يجب أن يتم تأسيس اتحاد أو رابطة محلية وفق ما يوضّح جيليري وهو أول رئيس لرابطة عملة شيمجاونر الإقليمية. وبالنسبة لعملة شيمجاور تم الاتفاق على قبول العملة الجديدة كوسيلة للتعامل في شؤون التجارة، الأسواق، والمشاغل الحرفية، والشركات المتوسطة وذلك في مناطق تراونشتاين، روزينهايم .ويتم استبدال اليورو بالعملة المحلية شيمجاور على أساس واحد يورو لكل واحد شيمجاور.
ولا يزال الحديث في العاصمة يدور حول سيمفونية مستقبلية، بحيث يمكن للاقتصاد المحلي فعلاً الاستفادة من العملات المحلية في وقت أصبحت فيه تلك العملة حقيقة واقعة في مدينتي تراونشتاين، وروزينهايم. وفي عام 2003 نحو 20 قلدت شركة عملة شيمجاور، وقد وصلت في الوقت الراهن إلى 550. امتد هذا الدليل التصنيفي من الألف إلى الياء، من الصيدليات إلى تقنيات الدفع، الذي عرضته الرابطة على الشبكة، www.chiemgauer.info. وبالفعل تدفع بعض الشركات الأعضاء الأجور لديها إلى حدٍ ما منها بالعملة النقدية الإقليمية.
وأحدهم، كريستوف ليفانيير، فرنسي، عمل أبوه بصورة وطيدة في إحدى الشركات العائلية القديمة في بايرن. وهو مدافع عن الصداقة الألمانية - الفرنسية، ومعجب كبير باليورو، حسب ما يقول ليفانيير. وبرغم هذا يقبل بتقنية التاجر الكبير، إلى جانب النقد الأوروبي، وكذلك النقود اللامعة للمجتمع المجاور، بيرشتيسجادن، وشيماجور. ومن عام 2005 يحظى موظفوه العشرة فقط بنصف الزيادة المالية المخصصة لعيد الميلاد المجيد باليورو. "وفعلاً الآن أصبح الأمر حقيقة، بأنه ليس بالضرورة أن تضمن العولمة حجم المبيعات في منطقتها"، حسب ما يقول ليفانيير. عندما انضم إلى مبادرة شيمجاور، ما كان ليجرؤ على قول هذا بعد. ولكن في الوقت الراهن فإن وسيلة الدفع في المنطقة مقبولة. "ويرى الموظفون كذلك، بأنه يمكنهم المساعدة عن طريق التعاون، في تأمين فرصهم في العمل"، حسب ما يقول ليفانيير.
وهذا تقدير، يشاطره بوضوح جيرهارد هانسلماير، نائب المدير العام لبنك رايفايزين، في فاسيربورج. ينتمي البنك إلى أوائل الذين انفتحوا بأنفسهم سريعاً على النقد الإقليمي، ويُديرون حسابات تجارية بعملة شيمجاور. وفي النهاية، حسب ما ورد عن هانسلماير، فإن مهمة بنوك الرابطات الأخوية، دعم الشركات المحلية. وفي الوقت الراهن يوجد بنوك في غيرها من المناطق، أغلبها بنوك رابطات أخوية، أو صناديق ادخارية، والتي تتعاون في هذا الأمر. وحتى بنك GLS انضم إلى العملة المحلية .
بينما يقف بنك الاتحاد متشككاً حيال العملات النقدية الإقليمية، كونه الراعي الأعلى لليورو في ألمانيا. وفي الوقت الراهن، فإن الاستخدام لا يزال محدودا، ولكن مع ازدياد قوي يمكن أن يصبح كمصدر إزعاج لسياسة بنك الاحتياط، حسب ما ورد عن المتحدثة، جبارييل رايتز فيرنير. بالأخص عندما يدور الأمر في المال الإقليمي حول العلامات، بأنه يمكن تصميمه بصورة مشابهة للمال، واستخدامه بصورة عامة، حيث يرى المرء من بنك الاتحاد خطراً في هذا. وعلى أية حال، فهم ما زالوا في انتظار اليوم.
وفي النمسا لم ينجح المرء في هذا في عام 1933. "معجزة فورجيل"، كما تُسمى حتى اليوم، حيث تم الإنهاء عليها بناء على تحريض وزارة المالية من قبل محكمة العدل الإجرائية في فيينا. ولم يكن هذا الأمر حينها غير مفهوم بالنسبة لسكان فورجيل فقط، ولكن لجميع المدن والشركات التي شاركت في هذه التجربة وعددها 170 شركة ومدينة .