انتقاد لطرق التعامل مع المشكلات البيئية .. البرامج الوقائية أهم من السياسة العلاجية؟
انتقد عدد من خبراء البيئة العرب طرق التعامل مع المشكلات البيئية المطبقة في بلدانهم كونها تركز على السياسة العلاجية المبنية على ردة الفعل بعد وقوع الكوارث وليس على البرامج الوقائية المعتمدة على منع التلوث من مصدره قبل وقوعه.
واتفق الخبراء أنفسهم خلال تجمع بيئي عقد في العاصمة البحرينية (المنامة) لمناقشة تلوث البيئة وصحة الإنسان، على أن التلوث البيئي يشكل نسبة كبيرة من المسببات التي تجلب الأمراض للإنسان، معترفين بأن الملوثات التي يلقيها الإنسان لها علاقة ببعض الأمراض التي يعانيها البشر حاليا وبالتالي فإن الجهات المعنية بالبيئة لا بد لها أن تعمل وفق سياسة وقائية تمنع من خلالها حدوث التلوث كي لا يصل إلى الإنسان.
ودعا الدكتور إسماعيل مدني مدير عام الإدارة العامة لحماية البيئة والحياة الفطرية في البحرين، إلى ضرورة تبني السياسة الوقائية المعتمدة على منع التلوث من مصدره بدلا من السياسة العلاجية المبنية على ردة الفعل غير المستدامة.
وناقش المؤتمر محاور رئيسية عدة كان من أهمها علاقة التلوث البيئي بالصحة العامة، علاقة التلوث البيئي بالصحة المهنية "بيئة العمل"، إلى جانب عدد من الدراسات الوبائية حول علاقة التلوث البيئي بالصحة العامة والصحة المهنية والإدارة البيئية لمنع ومعالجة التلوث وحماية صحة الإنسان.
وأوضح الدكتور حبيب الهبر المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في المكتب الإقليمي لغرب آسيا، أن المنطقة العربية شهدت خلال العقدين الماضيين تحسنا ملحوظا في مجالات البيئة، الصحة، السكان، التربية والتعليم، ومحو الأمية، مرجعا أسباب ذلك إلى التقدم الملحوظ في الخدمات البيئية والصحية والارتقاء في مستويات التعليم وارتفاع مستويات دخل الأسرة، إلى جانب زيادة عدد المؤسسات الطبية والخدمية.
لكن الهبر نبه إلى أن كل تلك المجالات التي ذكرها مازال تواجه ضغوطا كبيرة مثل استمرار زيادة النمو السكاني واستنفاد الموارد وبخاصة المياه، إضافة إلى التدهور البيئي، تقلبات النشاطات الاقتصادية، ازدياد أعداد الشباب، استمرار الفقر وسوء التغذية، الأمية، النزاعات، والحروب.
وبين الهبر أن عدد السكان في الوطن العربي سيصل إلى 454 مليون نسمة عام 2025، حيث تبلغ نسبة النمو السكاني في المنطقة 2.4 في المائة خلال العام الواحد، أي أنها أعلى بكثير من المعدل العالمي الذي يبلغ 1.5 في المائة.
وقال: "إن هذا النمو المترافق مع سوء التوزيع السكاني بين المدن والأرياف تسبب في حدوث ضغوط هائلة على البيئة والموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة وتدني قدرتها الاستيعابية".
إزاء ذلك أكد الدكتور جمال الدين جاد الله نائب مدير إدارة البيئة والإسكان والتنمية المستدامة في جامعة الدول العربية، أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الأيسيسكو" حرصت منذ تأسيسها عام 1982 على إعطاء عناية خاصة بالبيئة والمشكلات المتعلقة بها وتأثيرها على صحة الإنسان.
وقال: إن "الأيسيسكو" وضعت خططا وبرامج في مجال الحفاظ على البيئة على شكل أنشطة متعددة شاركت فيها على الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية كافة انطلاقا من إدراكها العميق لأهمية وخطورة هذا الموضوع الذي أصبح الشغل الشاغل, ليس للحكومات الرسمية فحسب, بل لكل الجهات ومنها المنظمات الدولية لما له من تأثير بالغ على حياة الإنسان وتنميته ومستقبله في ظل التطورات الصناعية والتكنولوجية.
واعتبر جاد الله أن قضية البيئة والاهتمام بعناصرها ومكوناتها وحفظ توازنها ليست قضية عابرة وإنما قضية تنموية بكل أبعادها لتداخلها مع مضامين السياسات والاستراتيجيات الوطنية للدول.
ودعا نائب مدير إدارة البيئة والإسكان والتنمية المستدامة في جامعة الدول العربية إلى ضرورة تكاتف جهود الجميع من مؤسسات حكومية رسمية ومنظمات غير حكومية ووسائل إعلام وقادة رأي، إلى جانب توظيف وسائل الاتصال الحديثة وتقنياتها وما توفره من إمكانات التوعية والإرشاد والتثقيف للمواطن الضعف وتعزيز الممارسات الإيجابية التي من شأنها تحقيق مجتمع سليم متقدم ومتطور تسوده الصحة والاستقرار والسلام.