53 % من طلاب الثانوية: المعلم بلا هيبة!
الهيبة تعني الإجلال والتقدير والمخافة احتراما وتبجيلا، وتقترن تلك الصفة دوما بالقادة ومن يسوسون المجتمعات والأمم.
والمعلم قائد الأجيال وصانع الرجال .. لا يمكن أن يكون كذلك إلا أن يهابه طلابه ليس خوفا ورعبا وتهديدا وعبوسا إنما يهابون غضبه ويخشون مضايقته تقديرا وحبا.
"الاقتصادية" أجرت مسحا ميدانيا على مدارس متفرقة من الرياض، شملت 630 طالبا في المرحلة الثانوية لاستقاء رأيهم حول "هل للمعلم هيبة؟"، فكانت النتيجة أن 340 طالبا (53 في المائة) يرون أن المعلم بلا هيبة وتركزت الأسباب ـ من وجهة نظرهم ـ على ضعف غالبية المعلمين من الناحيتين التربوية والتعليمية، فيما أكد 290 طالبا أنهم يهابون معلميهم.
وإذا كان الطالب لا يهاب معلمه ولا يوقره فإننا أمام خلل يهدد سير العملية التعليمية ويجب معه تدارك تلك الفجوة.
من جهته، يقول محمد الجمعان باحث اجتماعي إن المعلم فقد هيبته منذ نحو عشر سنوات مع دخول دفعات كبيرة من المعلمين الشباب في الميدان التربوي!
وتابع: حينما كنا طلابا أشرف على تربيتنا وتعليمنا قامات تربوية من بعض المعلمين القدامي والرعيل الأول سواء من بعض المعلمين العرب أو السعوديين الخبراء.
وأضاف الجمعان: الحق يقال وأرجو ألا يغضب مني المعلمون الشباب أو الجيل الحديث، إن المعلم القدير القديم كان يطرح علينا المعلومة بطريقة تربوية "أي نتعلم العلم والأدب" ويغرس فينا حب المادة فأصبحنا نحبه ونحب مادته وفي الوقت نفسه نهابه ونجله، أما معلمو الجيل الحديث فهم مجتهدون وتنقصهم الخبرة ويحتاجون إلى دورات تأهيلية في فن التعامل مع الطلاب.
وأشار إلى أن شقيقه في الصف الثالث ثانوي أتاه يوما يشكو إليه حاله ومآله مع معلم إحدى المواد العلمية، لافتا إلى أنه ضحك في موقف ما في الفصل فما كان من المعلم الشاب إلا أن أرعد وأزبد وحلف أيمانا مغلظة بأنه لن ينجح عنده، مبديا اندهاشه من ذلك الموقف من المعلم الذي قابل خطأ بسيطا من طالبه بخطأ أكبر بدلا من احتواء الموضوع ومعالجته تربويا.
وأبان الجمعان أنه يتمنى ألا يغضب كلامه أحدا، مضيفا: النقد البناء قد يكون مر المذاق لكنه مثل الدواء يشفي إن تعاملنا معه بجدية، ويجب ألا ننتظر حتى يكبر أولئك المعلمون وينضجون ويكون جيلنا الجديد من الطلاب ضحية حقول تجارب معلمين جدد غير مؤهلين تربويا وغير قادرين على التعامل مع هذه الفئة خاصة في الثانوية "المراهقة" أو مرحلة اللاوعي والاندفاع.
واختتم الجمعان حديثه قائلا: مع كل تلك المواقف والمبررات أعتقد أنني أجد العذر لشريحة الطلاب الذين يرون أن المعلم حاليا بلا هيبة ويجب أن نحترم وجهة نظرهم.
في السياق ذاته، أكد أحمد العبد الله معلم في إحدى مدارس غرب الرياض، أنه رغم تحفظه تجاه النتيجة النهائية للاستبانة، إلا أنه يرى أن المعلم المتمكن في الجانبين التربوي والتعليمي لا يمكن أن يفقد هيبته أمام طلابه.
وأشار إلى أنه ربما تكون هناك بعض العينات من المعلمين ضعيفي الشخصية وغير ملمين بمادتهم العلمية وتنقصهم الخبرة في التعامل مع المواقف التربوية اليومية وهم من ينضوون تحت مظلة "المعلم بلا هيبة".
من جهته، أبدى ناصر الحربي طالب ثانوي، تضجره من عدم تفاعل المعلمين تربويا، موضحا أنه يتردد ألف مرة قبل أن يطرح أي مشكلة شخصية أمام أحد معلميه "لأنني تعرضت لعدة مواقف تهكمية فيما أقول ولا مبالاة فيما أطرح من معاناة، فكيف تريدونني أهاب من يحقرني".
واستدرك الطالب الحربي قائلا: ربما أظلم بعض المعلمين القديرين لكن من وجهة نظري الشخصية ومن خلال ما يفكر فيه جل زملائي، أرى أن نتيجة الاستبانة عادلة وهي غيض من فيض ما رأينا.
على الصعيد ذاته، نافح المعلم سليمان التويجري عن أقرانه المعلمين، مبديا ضيقه الشديد من نتيجة استبانة "الاقتصادية"، وقال: مسكين المعلم نحمله ما لا يطيق ونتهمه ونقزمه وننزع منه ما نشاء ونعطيه ما نشاء حتى بات الشماعة التي تعلق عليها الأخطاء.
وأردف: يا من تنتقدون المعلم على كل صغيرة وكبيرة ارتقوا بأفكاركم وانظروا بعين العقل وحكموا المنطق وراعوا الله في اتهاماتكم، فهل المعلم أخذ حقه المادي وما يستحق، وهل المعلم حصل على حقه المعنوي وما يستحق في مجتمعه؟ إذاً كيف نحاسب ونعاتب من يجب أن يحاسبنا ويعاتبنا!