خبراء يحذرون: لا تحتفظ بأسرارك وخصوصياتك على الجوال

خبراء يحذرون: لا تحتفظ بأسرارك وخصوصياتك على الجوال

خبراء يحذرون: لا تحتفظ بأسرارك وخصوصياتك على الجوال

أرسلت صديقة الرجل المتزوج رسالة إلى هاتفه المحمول . وكانت زوجته تزداد مشاعر الشك والريبة لديها. ربما يتعين عليهما تهدئة الموقف على مدى عدة أيام.
لقد كتبت له تقول: "إذن سوف أتحدث إليك الأسبوع المقبل".
وكتب يرد عليها قائلاً "أنت ترغبين في فترة استراحة مني؟ لا بأس".
ولاحقاً، اشترى الزوج هاتفاً جديداً. وباع هاتفه القديم في مزاد عبر شبكة الإنترنت وذلك مقابل 290 دولارا. والرجال الذين اشتروا هاتفه حينذاك عرفوا سره. كان الزوج قد اتبع التعليمات الموجودة في كتيب هاتفه المحمول وذلك لمحو جميع المعلومات بما في ذلك الحوارات المثيرة مع عشيقته. لكن لم يكن هذا كافياً.
فبيع هاتفك القديم عندما تشتري هاتفاً أفخم وأفضل يمكن أن يكون مثل التخلي عن مذكراتك. وجميع أنواع المعلومات الحساسة تتراكم داخل هواتفنا المحمولة، ومحوها ربما يكون أصعب بكثير مما تظن.
والممارسة الشائعة بين البائعين -لإعادة ضبط وإعداد الهاتف- غالباً ما تعني محو معلومات حساسة من على الهاتف على ما يبدو. لكن يمكن استعادة هذه المعلومات باستخدام برمجيات متخصصة وفي ذات الوقت رخيصة ومتاحة على شبكة الإنترنت.
اشترت شركة Trust Digital of Mclean, Va 10 هواتف مختلفة من موقع eBay هذا الصيف لاختبار وتجريب وسائل أمان الهواتف التي تبيعها للشركات. وجميع الهواتف كانت بمثابة نماذج معقدة تماماً وقادرة على العمل مع أنظمة البريد الإلكتروني المؤسسي.
وخبراء البرمجيات المحبون للاستطلاع في شركة Trust Digital استرجعت جميع المعلومات تقريباً على كل الهواتف المستخدمة بما في ذلك الحوارات الإباحية بين العشاق الحذرين.
والهواتف الأخرى احتوت على:
خطط إحدى الشركات للفوز بعقد نقل ومواصلات فيدرالي قيمته عدة ملايين من الدولارات.
رسائل إلكترونية عن مبلغ مقداره 50000 دولار من شركة أخرى للحصول على رخصة برمجيات.
حسابات بنكية وكلمات مرور Passwords.
تفاصيل عن إيصالات تتعلق بأقساط أجهزة وأدوات خاصة بأحد العمال.
والمعلومات التي تم استعادتها كانت تعادل 27 ألف صفحة؛ كوم من الأوراق المطبوعة يبلغ ارتفاعه ثماني أقدام.
يقول نيك ماجلياتو المدير التنفيذي لشركةTrust Digital لقد وجدنا جبلاً من المعلومات والبيانات الشخصية والمؤسسية".
وكثير من الهواتف المحمولة كان يمتلكها البائعون والتجار شخصياً لكنها كانت مكتظة بالمعلومات المؤسسية الحساسة، مما يؤكد اختلاط الأوراق بين العمل والبيت. لقد أضاف ماجلياتو قائلاً "الهواتف المحمولة لا تأتي وعليها بطاقة تحذيرية تقول: احذروا". فالمعلومات والبيانات الموجودة على هذه الهواتف مهمة جداً".
أحد الهواتف أدى إلى إفشاء أسرار مدير تنفيذي في إحدى شركات التكنولوجيا الصغيرة في سيلكون فالي. لقد تضمن الهاتف تفاصيل بشأن صفقة وشيكة مع شركة أدوبي Adobe Systems Inc وعروض رسائل إلكترونية من شريك ياباني محتمل.
وسأل المسؤول التنفيذي في اليابان قائلاً "إذا كنا نريد موزعا حصريا في اليابان، فما نوع شروط العمل التي تريدها؟"
وخمنت شركة Trust Digital أن المدير التنفيذي في الولايات المتحدة أعطى هاتفه القديم لرفيق سابق له في غرفة، والذي استخدمه لوقت قصير ثم باعه بمبلغ400 دولار من خلال موقعeBay . والباحثون وجدوا رسائل بريد إلكتروني تغطي فترات مختلفة لكلا الرجلين اللذين استخدما العنوان نفسه إلى وقت قريب.
يقول الخبراء إن التنازل عن هاتف قديم أمر مألوف، فالعملاء يقومون بتحديث هواتفهم المحمولة كل نحو 18 شهراً في المتوسط.
يقول ميرو كازاكوف، باحث في شركة كومبيت بوسطن ويتابع مبيعات واتجاهات الهواتف المحمولة"معظم الناس يتخلصون من هواتفهم المحمولة بعد استخدامها لفترة من الوقت؛ فكثيرون منهم يعطون هواتفهم القديمة لأفراد أسرهم أو لأصدقائهم". ويضيف كازاكوف أن بيع الهاتف المستعمل الذي يمكن أن يجلب أحياناً مئات الدولارات، أمر يزداد شيوعاً هذه الأيام.
والهواتف العشرة التي قامت بدراستها شركة Trust Digital كانت تمثل نماذج شائعة من شركات التصنيع الرائدة. وجميع الهواتف تخزن معلومات على شرائح ذاكرة ومضية "فلاش"، وهي التكنولوجيا نفسها الموجودة في الكاميرات الرقمية ديجيتال وبعض المشغلات الموسيقية.
والذاكرة الومضية "الفلاش" غير مكلفة وقوية. لكنها بطيئة في محو المعلومات بطرق تجعل من المستحيل استعادتها. لذلك كثير من الشركات المصنعة تستعيض بطرق تمحو المعلومات بصورة غير كاملة لكن لا تجعل الهاتف يبدو بطيئاً.
وعادة ما تعطي شركات تصنيع الهواتف تعليمات من أجل حذف معلومات العميل بأمان، لكن لا يكون من السهل أو الميسور إيجادها. والأبحاث في شركة Motion Ltd المحدودة ركبت في هواتف بلاك بيري برنامج مسح يسهل استخدامه.
وشركة Palm Inc. التي تصنع هواتف تريو Treo، تضع تعليمات وتوجيهات في موقع الويب الخاص بها من أجل ما تسميه "إعادة ضبط". والأمر يتضمن خفض ثلاثة أزرار في وقت واحد بينما يتم الضغط على زر رابع صغير في ظهر الهاتف.
لكن هذا يصعب القيام به لدرجة أن شركةPalm ذاتها تقول إن الأمر قد يحتاج إلى شخصين. وقاال جو فابريسJoe Fabris إن الشركة جعلت العملية عن عمد صعبة هكذا لأنها لا ترغب في أن يمحو العملاء معلوماتهم عرضياً أو من غير قصد.
لقد استرجعت شركة Trust Digital الرسائل الإلكترونية المحذوفة وغيرها من المعلومات من هاتف تريو مستعمل؛ تلك المعلومات التي أعطتها صحيفة The Associated Press من أجل مظاهرة بعد أن تمت إعادة ضبطه وإعداده وبدا فارغاً. وبمجرد أن تم إعادة ضبط وإعداد الهاتف باستخدام طريقة شركة Palm، لم يكن في الإمكان استعادة أي معلومات. ومؤسسة The Associated Press استخدمت بالفعل هذه الطريقة لحماية المعلومات الخاصة بهواتف مراسليها. ويقول نورم لودرميلتش مسؤول التكنولوجيا بشركةTrust Digital الوسائل والأدوات متاحة للقراصنة واللصوص كي يقوموا بالبحث والتفتيش عن المعلومات المحذوفة على الهواتف المستعملة. فالأمر بالتأكيد سهل ولا يحتاج إلى عبقرية".
ويقول مدير شركة Palm للحلول اللاسلكية "إن الشركة قد تحذر عملاءها في رسالة إخبارية قادمة عن مخاطر بيع هواتفهم المستعملة بعد استبيانات واستقصاءات مؤسسة The Associated Press. ، مضيفا "ربما أصبح يتعين علينا أن نسلط الضوء أكثر على هذه المشكلة".
دين أولمستيد صاحب شركة Fresno Calif باع هاتفه Treo عبر موقع eBay بعد استخدامه لمدة ستة أشهر. هو لم يكن يعرف شيئاً عن تعليمات شركة Palm الخاصة بحذف جميع معلوماته الشخصية بأمان، والآن هو يشعر بالقلق.
يقول أولمستيد "ربما كان يتعين علي القيام بهذا. إن الناس في حاجة إلى أن يعرفوا أهمية هذا الأمر. أتمنى أن يصل هاتفي إلى شخص مأمون ولطيف".
جاي مارتن صاحب شركة Albuquerque, N.M. لم يكن قلقاً بنفس القدر من أن يطلع أحد على أسراره. لقد باع أيضاً هاتفه Treo عن طريق موقع eBay ولم يحذف معلوماته بشكل تام. لقد قال مارتن الذي يدير موقع http://www.imusteat.com: " أنا أضمن أن ثلاثة أرباع الناس الذين يشترون هذه الهواتف لا يفكرون في هذا الأمر".
ويقول ماجلياتو إن شركة Trust Digital لم تجد أي دليل يثبت أن اللصوص أو جواسيس المؤسسات والشركات يعتادون شراء الهواتف المستعملة كي يكتشفوا ما بها من أسرار. مضيفا "لا أعتقد أن الأشرار قد فطنوا إلى هذا الأمر". المستشار السابق لأمن الاتصالات الفضائية الخاصة بالرئيس بوش والذي يدعى هاورد شميت Howard Schmidt كان يحمل ما يقرب من أربعة هواتف ووسائل بريد إلكتروني وقال إنه كان دائماً حريصاً عليها. وحتى يؤمن هواتفه القديمة بلاك بيري، كان شميت يقوم عن عمد بكتابة كلمة المرور بطريقة خاطئة 11 مرة مما يؤدي إلى تدمير المعلومات الموجودة عليها ذاتياً.
يقول شميت"الناس ليسوا مدركين كم هم يكشفون أنفسهم للآخرين. إن الأمر أكبر بكثير من مجرد شيء تلتقطه وتتحدث فيه. إن الأمر يتعلق بشخصيتك وكيانك. فهناك بالفعل أشخاص يبحثون عن هذه المعلومات كي يقوموا باستغلالها".
المسؤولون التنفيذيون في شركة Trust Digital وافقوا على مراجعة المعلومات المستخلصة من الهواتف المحمولة مع مؤسسة The Associated Press بشرط ألا تحدد المؤسسة شخصيات البائعين أو أصحاب الشركات والأعمال. أيضاً عرض هؤلاء المسؤولون على مؤسسة The Associated Press إيصالات من مزادات الإنترنت التي اشتروا خلالها عشرة هواتف محمولة على مدار الصيف بأسعار تراوح بين 192 دولار و400 دولار لكل منها.
وشركة Trust Digital قالت إنها تنوي إعادة جميع الهواتف إلى أصحابها الأصليين، كما قالت إنها حفظت المعلومات الشخصية التي تمت استعادتها على جهاز كمبيوتر واحد مغلق ومفصول عن شبكتها المؤسسية في مقرها في ولاية فيرجينيا الشمالية.
بياتر "مادج" زاتكو وهو خبير مرموق في مجال سلامة وأمن الكمبيوتر، يقول إن أصحاب الهواتف ينبغي أن يقرروا ما إذا كانوا يعرضون أجهزتهم القديمة المستعملة في المزاد مقابل عدة مئات من الدولارات -ومن ثم يخاطرون بكشف أسرارهم- أو يقذفون هواتفهم القديمة تحت شاحنة كبيرة للتخلص منها بشكل تام.
ماذا عن قضية مثل لوثاريو Lothario الذي فضحت أمره شركة Trust Digital؟
يقول زاتكو "من الأفضل أن أدهس الهاتف المحمول بقدمي. أو أضع عليه حامضاً ليفسده".

الأكثر قراءة