مدينة الملك عبد العزيز الطبية مثال طبي .. كيف تواجه التحديات؟
تشرفت بدعوة كريمة من معالي الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة المدير التنفيذي للشؤون الصحية في الحرس الوطني، بزيارة مدينة الملك عبد العزيز الطبية، بصحبة كوكبة متميزة من أعلام ورموز الفكر والقلم والرأي في بلادنا، بتاريخ الخامس من شباط (فبراير) 2007، بغرض المشاركة في اللقاء الإعلامي المفتوح، الذي تحتضنه مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني في كل عام، والذي يهدف إلى تقوية قنوات الاتصال والتواصل بين المدينة وبين رجال الإعلام والصحافة في بلادنا.
خلال اللقاء الإعلامي المذكور، أطلعنا معاليه وعدد من المديرين التنفيذيين العاملين في المدينة، على آخر الإنجازات والتطورات المذهلة، التي توصلت إليها المدينة، في العديد من المجالات الطبية والصحية، وبالذات فيما يتعلق بعمليات فصل التوائم، وعمليات زراعة الأعضاء وخلافه، التي وضعت المدينة وصنفتها بين مصاف المدن الطبية المرموقة على مستوى العالم.
هذا التطور المذهل الذي حققته مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني، وكما أسلفت في العديد من المجالات الصحية والطبية المتقدمة، لم يكن له أن يتحقق دون توفيق الله عز وجل في المقام الأول، ثم حرص القائمين على إدارة المدينة الطبية العملاقة بإشراف وقيادة مديرها العام التنفيذي معالي الدكتور عبد الله الربيعة، الذي استطاع بمساعدة فريق العمل الإداري والفني والطبي من حوله، أن يترجم رسالة المدينة، إلى واقع حقيقي ملموس على أرض الواقع، تلك الرسالة التي تسعى من خلالها الشؤون الصحية في الحرس الوطني جاهدة، الحفاظ على صحة الفرد والمجتمع من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات الصحية وتنفيذها لتقديم أفضل وسائل الوقاية من الأمراض والأوبئة والرعاية الطبية للمرضى.
هذا الصرح الطبي العظيم، من خلال أربعة مستشفيات رئيسية في كل من مدينة الرياض، جدة، الأحساء، والدمام، إضافة إلى نحو 73 مركزا صحيا مساندا، وأسرة بلغ عددها نحو 1233 سريراً، وتسعة مراكز إسعاف، استطاع أن يستقبل وأن يباشر في عام 1424/ 1425هـ، نحو 2686 حالة زيارة مرضية، أو ما يعادل نحو 1.7 في المائة من إجمالي عدد الزيارات للمراكز الصحية والعيادات الخارجية في المملكة عامة، هذا إضافة إلى إجراء نحو 22.1 ألف عملية، أو ما يعادل نحو 2.9 في المائة من عدد العمليات الجراحية التي أجريت في المملكة عامة، كما بلغ عدد المنومين في مستشفيات المدينة خلال الفترة نفسها نحو 67.1 ألف مريض، أو ما يعادل نحو 2.8 في المائة من إجمالي عدد المنومين في مستشفيات المملكة عامة.
هذه الجهود والإنجازات الطبية الكبيرة في مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني، تحققت على أيادي أطباء سعوديين مهرة في مختلف التخصصات والفئات الوظيفية، بلغ مجمل عددهم خلال عام 1425 نحو 1539 طبيباً، أو ما يعادل نحو 4 في المائة من إجمالي عدد الأطباء في السعودية، البالغ عددهم في العام نفسه 38078 طبيباً، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة السعودة بين الأطباء في مختلف التخصصات والفئات الوظيفية، قد بلغت نحو 54 في المائة للعام نفسه، بينما بلغت نحو 21.3 في المائة في المملكة، كما ساهم في تحقيق تلك الجهود الطبية العظيمة، كادر تمريض بلغ عدده 3279 ممرضا وممرضة، مثل السعوديين منهم 10 في المائة، علماً أن نسبة كادر التمريض للسعوديين في المملكة ككل للعام نفسه بلغت 24 في المائة، أي بفارق بلغ نحو 14في المائة.
إنجازات مدينة الملك عبد العزيز الطبية خلال الفترة الماضية، تخطت إجراء العمليات الجراحية والتشخيص الطبي الإكلينيكي (السريري) التقليدي، إلى إجراء عمليات جراحية معقدة ومتخصصة للغاية، مثل عمليات فصل التوائم، وزراعة الأعضاء البشرية، كزراعة الكبد مثلاً، إضافة إلى معالجة الحروق والأورام السرطانية المتقدمة، حتى أصبحت المدينة ضالة كل من يعاني من مثل هذه الأمراض المعقدة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تمكنت مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني، أن تحتل مكانة مرموقة على مستوى العالم بالنسبة لقدرتها الفائقة على إجراء العديد من عمليات فصل التوائم، التي قد حققت نجاحا باهرا وغير مسبوق، بكل المعايير والمقاييس الطبية العالمية، حتى أصبحت المملكة قبلة العالم لمن يقصد هذا النوع من العمليات.
مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني، تجاوزت حدود الممارسة العملية للتخصصات الطبية المختلفة، لتقتحم بنجاح باهر ومذهل أيضاً، المجال الأكاديمي لتعليم الطب والتمريض والعلوم الطبية المساعدة، من خلال إنشاء جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية في مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الرياض، وكلية التمريض والعلوم الطبية المساعدة، اللذان صمما على أسس علمية ومنهاج إبداعي، يقوم على طريق التعليم المبني على حل المشكلات بما في ذلك التعليم الإلكتروني أو ما يعرف مصطلحاً بـ E-Learning.
ومن بين المعجزات والإنجازات الطبية الحضارية أيضاً، التي تحققت في مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني، إنشاء المركز الوطني لإنتاج الأمصال واللقاحات، الذي لعل من أهم وأبرز أهداف إنشائه، تحضير أمصال محلية عالية الكفاءة في معادلة سموم الثعابين والعقارب المحلية، بما في ذلك تحقيق مخزون استراتيجي من هذه الأمصال، يكفي احتياج المملكة ودول الخليج العربي والدول المجاورة.
ولكن على الرغم من الإنجازات والمعجزات الطبية الحضارية العملاقة، التي تحققت في مدينة الملك عبد العزيز الطبية في الحرس الوطني خلال الفترة الماضية، إلا أن المدينة بإمكانياتها المالية الكبيرة ومواردها البشرية المتميزة، تقف أمام العديد من التحديات ولا تزال في حاجة ماسة إلى التطوير والتحسين في العديد من الجوانب الصحية والطبية، التي يأتي في مقدمتها وعلى رأسها الانتهاء من مشروع الملف الطبي الإلكتروني أو ما يعرف مصطلحاً بالبطاقة الطبية الذكية، والإسهام الفاعل في مجال البحث العلمي، وتعميم تجاربها الطبية الناجحة في مختلف مدن ومناطق المملكة، ليشمل ذلك المستشفيات العامة والخاصة، إضافة إلى القضاء على ما يعرف بظاهرة التسوق الطبي، وبالله التوفيق.