أسعار القمح العالمية ترتفع 100 % .. وهناك من يطالب بوقف زراعته!
أسعار القمح العالمية ترتفع 100 % .. وهناك من يطالب بوقف زراعته!
من المتعارف عليه أن زراعة القمح الغرض منها توفير الخبز بشكل أساسي، والمادة الخام لبعض الصناعات الغذائية وأعلاف الحيوانات، ولكن أخيرا نشرت وسائل الإعلام نتائج الأبحاث التي تم التوصل إليها في الولايات المتحدة والدول الغربية بأنه بالإمكان إنتاج الوقود البيولوجي وهو مادة الإيثانول الحيوي من القمح والذرة بحيث يمكن استخدام هذه المادة كوقود للمركبات. ويبقى الآن فقط مدى الجدوى الاقتصادية من تطبيق تلك الأبحاث على أرض الواقع، وإذا ما ثبتت جدواها، فإنه من المتوقع أن تقوم الدول المنتجة للقمح بتصديره كطاقة بدلاً من تصديره كغذاء وذلك بسبب الأسعار المجزية للطاقة، وهذا يقودنا إلى أن أسعار القمح والذرة في الأسواق العالمية ستشهد ارتفاعاُ كبيراً وبأرقام قياسية، هذا إن وجدت في صورتها الخام، وحتماً وإن كان لدينا اكتفاء ذاتي من القمح حالياً فلسنا في مأمن من تأثيرات ارتفاع الأسعار في اقتصادنا الوطني.
ففي المستقبل القريب ومع النمو المتزايد للسكان في المملكة والازدياد في الطلب على الغذاء سيكون لزاماً علينا أن نتوسع في زراعة القمح وهو ما سيتعارض مع التوجهات نحو خفض كميات المياه التي تستهلكها الزراعة ، أو الاتجاه للخيار الآخر وهو سد النقص من خلال استيراده من الخارج وبأسعار عالية جداً هذا إذا وجدنا الكميات الكافية منه .
أما الذرة - وبالذات الذرة الصفراء - فإنتاجنا منها ضعيف جداً ونستورد جميع احتياجاتنا منها من خارج المملكة وتدخل الذرة في مكونات الأعلاف في مشاريع الدواجن والأبقار وتربيه وتسمين الأغنام، وارتفاع أسعارها سيؤدي بلا شك إلى ارتفاع أسعار المنتج النهائي مثل لحوم الدواجن والبيض والألبان ومشتقاتها واللحوم الحمراء وهذا سيقودنا إلى ارتفاع فاتورة الغذاء ومن ثم ارتفاع تكلفة المعيشة على المواطن والمقيم.
وفي تقديري أن مشكلة ارتفاع أسعار هذين المنتجين ستكون عالمية، وبالتالي يتطلب الأمر البحث عن الحلول المناسبة منذ الآن فيما لو حدثت هذه المشكلة، وأعتقد أن الحل يبدأ بمتابعة نتائج الأبحاث المتعلقة بإنتاج الوقود الحيوي من القمح والذرة، وتشخيص الموضوع بشكل علمي من خلال الحوار والمناقشات العلمية والاقتصادية مع الأطراف كافة سواء من الجهات الحكومية أو المستثمرين في المجالات الزراعية ذات العلاقة بموضوع القمح والذرة بحيث يتم التوصل إلى خطة واضحة المعالم لتجاوز هذه المشكلة فيما لو حدثت.
إن المطالبين بإيقاف زراعة القمح في المملكة لا يدركون خطورة هذا التوجه، فعلامات الخطر قد دقت من الآن حيث ارتفعت أسعار القمح أخيرا من 670 ريالا للطن إلى 1300 ريالا للطن لأسباب غير الوقود الحيوي، فماذا سيكون عليه سعر القمح عند استخدامه كطاقة ؟ علماً بان سعر شراء الدولة للقمح من المزارعين ألف ريال للطن وبذلك فقد وفرت الدولة النقود والعملة الصعبة واستفاد المزارع والمواطن والشركات الزراعية من السياسة الحالية لدعم شراء محصول القمح. ولكن من المؤمل أن تنتهج سياسة إنتاج القمح في المملكة تطبيق الميزة النسبية للإنتاج في المناطق وترشيد استهلاك مياه الري وربط هذا التوجه بدعم شراء المحصول .
ونأمل أن تتواصل جهود المزارعين والمستثمرين في القطاع الزراعي الخاص في سياسة ترشيد استهلاك مياه الري في زراعة القمح وفي الأنشطة الزراعية الأخرى مكملين بذلك رغبة الجهات الرسمية في التوجه نحو هذا الاتجاه .
أخيرا، عندما ينتج الوقود من القمح، هل سيأتي يوم يكون لدينا فيه قمح أوكتين 91 وآخر 95 ؟!
* متخصص زراعي