1000 طالب يخفون وجوههم من أجل علاج "إنفلونزا الطيور"
وافقت هيذر فوت على إخفاء وجهها في الحرم الجامعي هذه الأيام. لكن فوت الطالبة في السنة النهائية في جامعة ميشيجان والبالغة من العمر 23 عاما لا تخفي وجهها خجلا من فضيحة.. وإنما لأنها تشارك في أول دراسة أمريكية لمعرفة ما إذا كانت الأقنعة الطبية ومعقمات الأيدي والإجراءات الوقائية الأخرى يمكن أن تبطئ من انتشار الإنفلونزا. وتقول فوت وهي ضمن أكثر من 1000 طالب وقعوا أسماءهم للمشاركة في التجربة "ارتداؤها يسبب بعض الحرارة والإزعاج لكنه في المجمل أمر سهل إلى حد كبير... وينساه المرء بعد فترة." لكن الفكرة لا تلقى هذا القدر من القبول من جانب الجميع. تقول دومينيك لي (21 عاما) وهي طالبة في الجامعة كانت تزور مقر سكن فوت الأسبوع الماضي: "مثل الصور التي شاهدناها من الصين حين تفشى لديهم مرض "سارز".. كما أنه يعوق الاتصال. تخشى الحديث معها لأنها تضع حاجزا". ويراقب الباحثون مثل ردود الفعل هذه من كثب. وفضلا عن تتبع إذا ما كان ارتداء الأقنعة الطبية فاعلا في الإبطاء من انتشار الإنفلونزا فإنهم يحاولون وضع أيديهم على مدى السهولة التي يمكن أن يتقبل بها السكان الوضع في حالة تفشي وباء إنفلونزا الطيور. وفي بعض المناطق في آسيا يشيع استخدام الناس المصابين بنزلات البرد أو الإنفلونزا هذه الأقنعة من باب مراعاة الآخرين, لكن من غير الواضح إذا ما ان هذا سيحظى بالقبول في الغرب.
يقول الدكتور أرنولد مونتو المتخصص في علم الأوبئة في كلية الصحة العامة في الجامعة الذي يقود الدراسة "جرى تعريف هذه المسألة كمسألة مهمة في عملية التخطيط لمواجهة (الوباء) حتى إذا وجدنا تأثيرا صغيرا نسبيا فقد يترجم هذا إلى تأثير أكبر كثيرا خلال تفشي وباء, وسيكون هناك دافع أكبر لارتداء القناع". وأصاب مرض التهاب الجهاز التنفسي الحاد "سارز" ثمانية آلاف شخص وأسفر عن مقتل ما يقرب من 800 عام 2003 وكاد يصيب بالشلل المدن الآسيوية التي تأثرت به مثل هونج كونج وجوانتشو حين بلغ ذروته.
ويحاول الخبراء استخلاص الدروس من تجربة مرض "سارز" من أجل مواجهة الوباء المقبل. وفي الوقت الحالي يعتبر فيروس (إتش5 إن1) المسبب لإنفلونزا الطيور المصدر الأكثر ترجيحا لحدوث وباء رغم أنه لم يصب إلا 272 شخصا منذ عام 2003 توفي منهم 166. ولأن إنتاج لقاح قد يستغرق أعواما كما أن إمدادات العقاقير المضادة للفيروسات غير كافية يريد باحثون وخبراء في مجال الصحة العامة معرفة إذا ما كان اتباع إجراءات صحية بسيطة يمكن أن يساعد في الإبطاء من انتشار أي مرض معد جديد.
والمشاركون في الدراسة مطالبون بارتداء الأقنعة القطنية التي تغطي
الفم والأنف وتربط خلف الأذنين في أي وقت يكونون فيه قرب أشخاص آخرين في أماكن إقامتهم باستثناء أوقات تناول الطعام والاستحمام والنوم.
وتمثل هذه المهمة عبئا كبيرا على بعض الذين يشيرون أيضا إلى أن
الوصمة الاجتماعية تعتبر رادعا.
ويقول خليل موريسون (21 عاما) الذي يعيش خارج الحرم الجامعي لكنه
قرأ عن الدراسة في جريدة الجامعة "الناس الذين يرتدون هذه الأقنعة يعانون عادة مرضا رئويا أو شيئا من هذا القبيل... أخشى أن يبدي الناس ردة الفعل نفسها التي أبديتها أنا وأن يبتعدوا عني". ولاستقطاب مشاركين في الدراسة خلال فترة زمنية قصيرة قبل أن يبلغ موسم الإنفلونزا الشتوي ذروته وجه الباحثون للطلبة ضربة في نقطة ضعف تقليدية هي جيوبهم.. فكل طالب يحصل على ما بين 40 و100 دولار, ويتوقف هذا على مدى مشاركته في الدراسة التي تمولها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وإذا ظهرت عليهم أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا واحتاجوا إلى إجراء
اختبار للكشف عن إصابتهم من عدمها فسيحصلون على 25 دولارا إضافية. وخلال جلسة اجتماعية عقدت في الآونة الأخيرة تبادل مرتدو الأقنعة قصصهم
أثناء تناول الآيس كريم. وقال أحد الطلبة إنه رسم شفتين على قناعه في عيد الحب. فيما تحدث آخرون عن احتمال إقامة حفل تنكري يقتصر على المشاركين في الدراسة.
وقالت أليسون آيللو التي تعمل مع مونتو في الدراسة "إقناع الناس
بتغيير سلوكياتهم ليس بالأمر اليسير. هذا صعب.. لكني أعتقد أن الطلبة
أنفسهم لديهم الدافع للقيام بأشياء مهمة من أجل المجتمع". وفي كل أسبوع تحصل فوت على مجموعة جديدة من الأقنعة الواقية إضافة إلى أكياس بلاستيكية من أجل التخلص الصحي منها يوميا. وسترتدي مجموعة أخرى من الطلبة الأقنعة وستحصل على إمداد منتظم من معقم الأيدي. وهناك مجموعة ثالثة تسمى مجموعة المراقبة سينحصر عملها في رصد السلوك العادي أثناء موسم الإنفلونزا. ويوافق جميع المشاركين على ملء بيانات مسحية أسبوعيا على شبكة الإنترنت. ورغم وجود الحوافز قال طالب واحد على الأقل إن دافعه كان شعورا أكبر بأهمية الدراسة. وأضاف بن روانو (20 عاما): أنا شخصيا أفعل هذا لأنه قد يفيد في المستقبل.