أي وحدة خليجية نريد ؟
الآن تأجلت الوحدة النقدية الخليجية، واعتذرت سلطنة عمان، وأعلنت البحرين عن صعوبات متوقعة في الوحدة النقدية في عام 2010 م، والسؤال الآن هل من الضروري أن تكون الوحدة النقدية هي الخيار الأول قبل أن نضع كثيرا من المقاييس والأدوات التي تفرض الوحدة النقدية، وحين نضع المعايير التي تفرض الوحدة النقدية كما حدث في أوروبا أو أوروبا الموحدة التي استغرقت وحدتها ما يقارب الخمسين سنة أي نصف قرن من الزمان، لا نجد أننا مؤهلين كدول خليجية هذه الوحدة، لأسباب اقتصادية حقيقة، فهناك تباين اقتصادي واضح بين الدول الخليجية، فلا مستوى الدخل متقارب، ولا الأنظمة الاقتصادية متجانسة، ولا التضخم متقارب، ولا السياسات المالية والنقدية متشابهة، ولا البطالة والعمالة تتقارب بين دول المنطقة، والكثير من التعقيدات الاقتصادية الموجودة، لا يعني هنا أنني أرفض أو نرفض هذه الوحدة النقدية أو العملة، بل هي أساس اقتصادي مهم لتكامل اقتصادي، ولكن يجب أن نوجد الأرضية الصلبة والحقيقية والسليمة لهذه الوحدة النقدية إن قدر لها أن تتم، هذا يعني أن نوجد بنكا مركزيا واحدا, ومحافظ بنك واحد وأنظمة ولوائح وقوانين واحدة، وأنظمة تطبق، وكل هذا أعتقد أننا كخليجيين لم نصل له حتى الآن, وأرض الواقع يقول إن التنقل بين دول الخليجية غير متاح حتى الآن ببطاقة أو ما شابه ذلك، بل كل مواطن خليجي يعامل كأي مواطن آخر زائر، بل دول الخليجية يمكن للأجنبي أن يزورها دون تأشيرة أو تأشيرة من المطار، ولكن نحن في المملكة لا يمكن إلا من خلال تأشيرة وأذن من الخارجية وسلسلة من الإجراءات التي ليس من السهولة الحصول عليها.
الوحدة النقدية مهمة، ومتطلب أساسي لتكامل اقتصادي ونطالب به، لأن له أبعادا مستقبلية لدول المنطقة وإيجابيات كثيرة لا شك فيها، ولكن يجب أن نوجد القدرة والرغبة الحقيقية في هذه الوحدة الخليجية التي نتمنى أن تكون شاملة، لنوجد " منطقة الخليج الموحدة " ولكن ظل مجلس التعاون يتجاوز ربع قرن من الزمان ولكن لم نصل إلى شيء حقيقي اقتصادي يمكن البناء عليه في كل الجوانب، حتى الاحتياطيات من العملة الأجنبية، دول تستخدم سلة عملات، وأخرى عملتين منفصلتين والبقية الدولار، هناك تباين وهناك اختلاف دائم ومستمر في تحديد السياسات وتنفيذها وتطبيقها، ولكن يجب أن نقر أن أي تعثر أو بطء في الأنظمة القوانين هي محصلة طبيعية، وهي نتيجة طبيعية، لأن الرغبة غير موجودة في هذه الوحدة حقيقة، فالمعتذرون دائما حاضرون، والتأخير هو السمة الدائمة في كل قرارات المجلس، ولكن ظللنا نراوح في دائرة لا نخرج منها حقيقة.
في النهاية أرجو لمنفذي سياسية الوحدة النقدية، أن يدركوا أن السياسية لم تقرب شيئا حتى الآن، ونأمل أن تكون الوحدة الاقتصادية هي باب مرور لكل تكامل خليجي، هي أمل ورغبة ومطلب مهم يجب أن يعيه كل مسؤول في هذا المجلس، في عالم أصبح عالم التكتلات، لا الدول منفردة ومتنافرة ومتباعدة.