الصين: أشكال جديدة لتمويل الفلاحين وإبعادهم عن الفقر

الصين: أشكال جديدة لتمويل الفلاحين وإبعادهم عن الفقر

يعتقد تشانج يولونج وأشقاؤه أنهم كانوا سيرفلون في النعيم إذا استطاعوا الاقتراض من البنك لتمويل سلسلة من الأفكار التجارية. بيد أن المزارعين الذي تحولوا إلى قطاع الأعمال اضطروا للاعتماد على ذويهم وأصدقائهم لبناء شركة كانت تتخصص في الأدوات المكتبية، والآن تعمل في بيع الأكفان.
وفي بلدة تشوشو التي تبعد مسيرة نحو ساعتين بالسيارة عن العاصمة بكين لم يحصل سوى عدد قليل من الأشخاص على قروض من البنوك التي تفضل التعامل مع شركات مملوكة للدولة أو عملاء لديهم صلات قوية بشخصيات مهمة.
ويعني اللجوء لجهات غير مرخص لها بتقديم قروض دفع فائدة أعلى بكثير يعجز تشانح،56 عاما، عن تحملها. وقال "ضاعت فرصتنا بسبب قلة المصادر التي يمكن أن تمولنا. كان يمكننا تحقيق ثروة هائلة، إذ كان بوسعنا الاقتراض من البنك."
وسمعت شكاوى مماثلة في الريف الصيني وهو مصطلح فضفاض يشمل قرى فقيرة غير ممهدة وبلدات كبيرة في حجم مدن أوروبية متوسطة الحجم.
وبذلت الصين قصارى جهدها لتوجيه القروض للريف الذي تخلت عنه البنوك الكبرى إلى حد بعيد. والآن بعد أن تحسنت أحوال البنوك التابعة للدولة التي تركز نشاطها في المدن عدل الحزب الشيوعي الصيني من سياسته ويدعم مجموعة من البرامج لبناء شبكة من مؤسسات التمويل في الريف يمكن أن توفر فرص عمل وتحفز النمو.
ومن المتوقع أن تركز الدورة السنوية للبرلمان الصيني التي تعقد الشهر المقبل على دور المؤسسات المالية في بناء "ريف اشتراكي جديد" بهدف تضييق الفجوة المفزعة في الدخل بين الريف والحضر.
ويتطلب الأمر الكثير من العمل، إذ يوجد في الريف أقل من سدس جميع فروع البنوك وتمثل 15 في المائة من إجمالي الودائع والقروض في البلاد حتى أواخر 2006.
ويزيد متوسط القروض لكل فرد في المدينة عشر مرات عنه في الريف الذي يقطنه أكثر من 60 في المائة من تعداد سكان الصين البالغ 1.3 مليار نسمة. ولعلاج هذا الوضع بدأت الحكومة إصلاح البنك الزراعي الصيني وهو من أكبر البنوك التي تقدم قروضا وسيؤسس بنكا جديدا لإقراض المزارعين والمشاريع الريفية بصفة خاصة.
كما ستبذل بكين جهدا أكبر لإعادة تنظيم التعاونيات الائتمانية الريفية المثقلة بالدين والتي تعد حاليا عمودا فقريا هشا للتمويل في الريف. ولكن ما سيحدث فرقا لأفراد مثل تشانج هي السياسات التي كشف عنها النقاب في (كانون الأول) ديسمبر الفائت، وتهدف لتأسيس أشكال جديدة من
المؤسسات المالية في الريف.
ففي مشروع رائد من المقرر تنفيذه في ست مقاطعات سيسمح للأفراد لأول مرة بإقامة تعاونيات ائتمانية وأنواع أخرى من الشركات المالية. ويأمل واضعو السياسات أن تتعاون البنوك التجارية مع مساهمين من القطاع الخاص لإقامة مؤسسات إقراض على مستوى المقاطعة أو أقل وأن يتحد المزارعون والشركات الصغيرة معا لتأسيس أنواع جديدة من التعاونيات الائتمانية حتى في القرى الصغيرة.
والمناطق الست هي هوبي، جيلين، سيتشوان، تشينجهاي، جانسو، ومنغوليا الداخلية، كما تشمل التجربة شركات إقراض جديدة تخفف القيود التنظيمية التي تفرض عليها. وقال يوان ديجون الاقتصادي في جالاكسي سيكيورتيز التي تقدم الاستشارات الخاصة بالتمويل الريفي لجهات الرقابة على القطاع المصرفي "ستحدث هذه الإجراءات تغييرات هائلة على الخريطة المصرفية في الصين بالسماح بظهور عدد كبير من المؤسسات الصغيرة." بيد أن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن تحقيق أرباح لن يكون سهلا ويرى آخرون أن تحقيق عائد ممكن إذا سُعرت القروض على نحو سليم وتمت السيطرة على الأخطار بحكمة.
ويقول وانج جون المتخصص في القطاع المالي في البنك الدولي "يمكن تحقيق أرباح من خلال العمل في الريف"، ولكنه حذر من غموض تعريف "الريف" في الصين.
وتعتقد دا هوي التي ترأس مكتب روبابنك الهولندي في بكين أن ترسيخ التغييرات يحتاج إلى وقت. وقالت "لا أتوقع أن تتغير الأمور تماما خلال فترة زمنية وجيزة، إذ لا يمكن تقييم إمكانية استمرار مؤسسة مالية إلا على المدى الطويل."

الأكثر قراءة