800 ألف طفل عراقي أصبحوا محرومين من التعليم
800 ألف طفل عراقي أصبحوا محرومين من التعليم
في مدرسة اليعربية الابتدائية للبنين في الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار السنية معقل المتمردين في غربي العراق، أضاف المدرسون إلى برامجهم درسا غير مدرج في المناهج المدرسية عنوانه: "ماذا تفعلون إذا وقعت معارك؟ وكيف تختبئون؟".
ويسأل المدرس تلامذته الجالسين في هدوء أمام طاولاتهم "إذا وقعت معارك ماذا يتعين على التلميذ أن يفعل؟".
وعلى الفور يجيب التلاميذ الذين يحفظون الدرس عن ظهر قلب "يبتعد عن النوافذ ويظل في الفصل" ويذكرهم المدرس بالإجراء الأهم: "يختبئ تحت الطاولة ثم يدعوهم إلى القيام بتدريب عملي على ذلك.
وكما لو كانت لعبة، يستجيب التلاميذ على الفور لتعليمات مدرسهم وفجأة تختفي كل الرؤوس من الفصل ذي الجدران العارية.
ويقول مدير المدرسة أبو أحمد عاطي لوكالة فرانس برس "ليس لدينا خيار، لا بد من اتخاذ إجراءات احترازية فواجبي أن أحمي المدرسين والتلاميذ".
ويضيف المدرس حسون الحديثي "علمنا الأطفال كيف يتصرفون وعندما ينتهي اليوم الدراسي لا نتركهم يغادرون إلا بعد أن نتأكد من الأوضاع الأمنية".
وفي الأنبار، حيث ينتشر آلاف من الجنود الأمريكيين تقع مواجهات يومية مع متمردين من تنظيم القاعدة ويشعر السكان بخطر دائم.
والأربعاء الفائت قتل 11 شخصا من بينهم أربعة من رجال الشرطة في تفجير انتحاري استهدف مركزا للشرطة في وسط الرمادي.
ويقول محمد الذي جاء لاصطحاب ابنه البالغ التاسعة من عمره أنه لا يتركه يعود وحده أبدا إلى المنزل. ويضيف أنه "يفضل أن يواصل ابنه دراسته رغم المخاطر التي قد يتعرضان لها على الطريق أثناء الذهاب والعودة من المدرسة.
ومن شرفة منزله المقابل للمدرسة يتابع ياس خضير زملاءه السابقين وهم يدخلون ويخرجون من المدرسة.
فالصبي الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره يجلس على كرسي متحرك بعد أن أصيب العام الفائت بالرصاص أثناء تبادل لإطلاق النار بين الأمريكيين والمتمردين.
ويرفع والده خضير الدليمي قميص الصبي ويشير إلى آثار إصابة في ظهره ثم يشرح كيف أن رصاصة أصابت نخاعه الشوكي، ما أدى إلى إصابة أطرافه السفلى بالشلل.
ويمكن معالجة ياس ولكن في بلد يعصف به العنف الطائفي، الذي أوقع 34 ألف قتيل خلال عام 2006 وفقا للأمم المتحدة، "لا توجد تجهيزات كما أن الأطباء المتخصصين الذين يستطيعون إجراء الجراحة الدقيقة التي يحتاج إليها فروا من العراق".
وأكد صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في بيان هذا الأسبوع أنه بسبب العنف في العراق، فإن مجرد ذهاب بعض الأطفال إلى المدرسة يعرضهم "لخطر الموت".
وقالت المتحدثة باسم اليونيسيف في عمان بان دهايي لوكالة فرانس برس "لاحظنا هذا العام انخفاضا ملحوظا في عدد التلاميذ الذين يذهبون إلى المدارس وخاصة الفتيات".
وأوضحت أن هذه الظاهرة لوحظت خصوصا في بغداد ومحافظات وسط العراق.
وأكد اليونيسيف، نقلا عن منظمة سيف ذو تشيلدرن، أن 200 ألف طفل تراوح أعمارهم بين ست سنوات وأحد عشر عاما هجروا مقاعد الدراسة منذ العام 2004 في العراق ليصل العدد الإجمالي للمحرومين من المدرسة الآن إلى 800 ألف طفل.
وتعرب دهايي عن أسفها لترك هؤلاء للصفوف الدراسية. وتقول "التعليم هو أفضل وسيلة لحمايتهم من الذعر الذي قد يصيبهم بسبب العنف فالمدرسة تعطي للطفل شعورا أن حياته تسير بشكل عادي وتتيح له فرصة اللعب".