مزايا جديدة للصكوك الإسلامية كأدوات استثمار وتمويل
فتحت "الاقتصادية" ملف صكوك الاستثمار الإسلامية في البنوك وقدمت في الأسبوع الماضي الجزء الأول من هذا الملف واليوم نستكمل الجزء الثاني والأخير منه، وسنتناول في الجزء الثاني الاختلاف بين السندات والصكوك، ومحور آخر يشير إلى المصالح التي تجنى من الصكوك، وأخيرا النظرة الغربية تجاه الصكوك الإسلامية على ضوء المستجدات المعاصرة، وغيرها من المحاور الأخرى التي تتعلق بالصكوك الإسلامية. وكما هو معلوم فقد أظهرت تقارير سابقة لبعض المتابعين والمراقبين المهتمين بالصكوك الإسلامية تحقيقها نجاحاً متميزا منذ العمل بها خلال الأعوام الماضية، وقد حظيت الصكوك باهتمام بعض الدول الإسلامية وفي مقدمتها ماليزيا التي اهتمت بهذا الجانب الإسلامي، وقد بلغت الإصدارات الإسلامية خلال الأعوام الماضية نحو 40 مليار دولار من قبل بنوك ومؤسسات مالية في الشرق الأوسط وآسيا، وغيرها من الدول والمؤسسات المهتمة بهذا الشأن وهناك توقعات بتنامي تزايد الإقبال على الصكوك الإسلامية بشكل منقطع النظير خصوصا في ظل الإقبال من المؤسسات الغربية على الصرافة الإسلامية وغيرها مما يعزز تصاعد نموها بعد أن أصبحت محط أنظار الجميع ما يدخل السرور والبهجة في قلوب المستثمرين.
أسباب النمو الملحوظ
يرى السيد فؤاد زيدان ( خبير اقتصادي ومالي ) من أبوظبي أن الصكوك الإسلامية شهدت نموا كبيرا في الآونة الأخيرة، ويعلل أسباب النمو الملحوظ بعدة نقاط، فهو يرى أن الانتعاش الاقتصادي الذي شاهدته المنطقة العربية على وجه العموم والانتعاش الذي شاهدته دول الخليج على وجه الخصوص هو أحد أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك النمو وخاصة الانتعاش في مجال العقار والتطوير العقاري التي تشكل ركيزة أساسية للاستثمار الإسلامي باعتبار الاستثمارات الإسلامية تتمركز حول وجود أصول داعمة لهذا النوع من الصكوك، وأيضاً يرى زيادة السيولة واتجاه الأفراد للاستثمارات في المنطقة لها تأثير كبير على النمو، ويعد الانتشار الملحوظ للبنوك في السنوات الخمس الأخيرة وبالذات البنوك الإسلامية وزيادة اهتمامها بالصكوك من أحد أسباب نمو حجم الصكوك الإسلامية.
ويشير السيد فؤاد إلى أن حجم الصكوك الإسلامية على المستوى العالم أجمع ارتفع ليصل إلى نحو 16 مليار دولار في السنوات الأخيرة منها 14 مليارا نصيب المناطق العربية، ومليار دولار نصيب باقي دول العالم غير العربية والنصيب الأكبر للدول الإسلامية غير العربية مثل ماليزيا وباكستان، ويستطرد كلامه أن الصكوك الإسلامية لم تتوقف على الدول الإسلامية فقط ففي ألمانيا تم إصدار الصكوك مرتين إلا أن أحجام هذه الصكوك صغير نسبياً ولا تشكل إلا القليل من حجم الاستثمارات الإسلامية في هذا المجال (الصكوك الإسلامية).
الاختلاف بين الصك و السند
ويوضح الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله السند رئيس قسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء أن هناك اختلافات بين الصك والسند وتتمثل هذه الاختلافات في النقاط التالية:
أولا: الصك يمثل حصة شائعة في صافي أصول الشركات، في حين أن السند الربوي يمثل دينا في ذمة الشركة التي تصدره، ولا يتعلق بموجودات الشركة.
ثانيا: أن حامل السند الربوي لا يتأثر بنتيجة أعمال الشركات، ولا بمركزها المالي لأن مالكه يستحق القيمة الاسمية للسند مضافا إليها الفوائد، بخلاف مالك الصك، فإنه يتأثر بنتيجة أعمال الشركة أو المشروع ويشارك في تحمل المخاطر، فله الغنم الذي يحققه المشروع وعليه الغرم الذي يتعرض له.
مقارنة الصكوك الإسلامية بالسندات التقليدية
وعن رأي السيد فؤاد بمقارنة الصكوك الإسلامية بالسندات التقليدية فيقول: رغم النمو الملحوظ للصكوك إلا إنها لا تزال صغيرة نسبياً مقارنة بالسندات التقليدية ولا تشكل سوى نسبة قليلة نظراً لأن فارق العمر بينهما كبير فالسندات التقليدية تعتبر موجودة منذ عشرات السنين، أما الصكوك الإسلامية فتعتبر حديثة العهد فعلى الرغم من نموها الممتاز على مستوى العالم أجمع إلا إنها لا تزال تحتاج لنمو أكبر، ولكنه يتوقع في السنوات المقبلة أن يتزايد نمو الصكوك الإسلامية نظراً لاستمرار ضخ السيولة في ذلك المجال الاستثماري ويعتقد أنه من الممكن أن تنافس تلك الصكوك السندات التقليدية في المستقبل، ويرى أيضا أن السندات التقليدية مع عراقتها وقدمها فهي تحظى باهتمام العالم أجمع بعكس الصكوك الإسلامية وهذا يعد من أهم الأسباب التي تصعب علينا في الوقت الحالي أن نقارنهما ببعض.
مزايا الصكوك
ويرى المحامي والمستشار القانوني محمد الجدعان أن الصكوك كأدوات استثمار وتمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية تتمتع بعدة مزايا لكل من مصدر الصكوك وحامل الصكوك.
أولاً: مصدر الصكوك:
ـ تتميز الصكوك بأنها أداة تمويل خارج الميزانية بمعنى أن إدارة الشركة كما هي العادة مطالبة بتبرير تفصيلي لاستعمالات أموالها، ولكنها لا تحتاج إلى ذلك فيما يتعلق بالصكوك لأن شراء الأصول سيتم من خلال حملة الصكوك (المستثمرون).
فعلى سبيل المثال فإن التزام المصدر للصكوك (أو الجهة المستفيدة من الإصدار) في حالة صكوك الإجارة محصور بدفع الأجرة لحملة الصكوك نظير استخدامه للأصل وهي نفقة إيرادية على العكس في حال اقتراض تلك الجهة لتمويل شراء بعض الأصول مما يؤدي إلى زيادة في قائمة المطلوبات لكونها نفقة رأسمالية.
ثانيا: حامل الصكوك
ـ الصكوك تمثل حصصا شائعة في أصول حقيقية وبذلك فإنها أقل مخاطرة من السندات التي هي دين في ذمة المصدر/ الجهة المستفيدة من الإصدار، إذ إنه في حالة تعثر أو إفلاس تلك الجهة فإن حملة السندات سيتقاسمون مع بقية الدائنين ناتج تصفية أصول تلك الجهة بينما يتمتع حملة الصكوك بأولوية ملكيتهم في أصول الصكوك والتي من المفترض أن تغطي قيمة استثمارات حملة الصكوك أو على الأقل جزء كبير منها.
ـ دخل الصكوك متوقع في الغالب سلفاً خلافاً للأسهم التي تعتمد بشكل كبير على أداء الجهة المستفيدة من الإصدار.
المصالح التي تجنى من هذه الصكوك
وعن المصالح التي تجنى من هذه الصكوك يقول الدكتور عبد الله السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء إنها تتجسد في الأمور التالية:
ـ صكوك الإجارة تعتبر أداة متميزة للسياسة النقدية للدول، كما أنها تتمتع باستقرار نسبي في أسعارها. بخلاف أسهم الشركات المساهمة إضافة إلى تمتع الحكومية أي التي تصدرها الحكومة بدرجة عالية من الثقة والضمان واستقرار العائد.
ـ تصلح لتكون أداة لتمويل البنوك الإسلامية من أجل تعبئة الموارد المالية التي تحتاج إليها. إذ من الممكن للمصرف الإسلامي من إصدار صكوك إجارة مقابل التمويل بالتأجير الذي يقوم به، وذلك لغرض استرداد ما قدمه من تمويل. ليستعمله في مشاريع تمويلية أخرى.
ـ حاجة السوقين المالي والنقدي على الدوام إلى وجود تنوع في الأوراق المالية وبصورة خاصة الأوراق المالية ذات العوائد المنتظمة والمخاطر القليلة بحيث تصلح أن تكون علامة ترجع إليها الأسواق في تحديد عوائد الدرجات الكبيرة من المخاطر، أو ما يسمى برأس المغامر. الذي يتمثل عادة في الأسهم.
ـ أنها أهم الأدوات التمويلية التي تلوذ بها الدول لتمويل مشاريعها، لما تتسم به من مرونة فائقة مع قلة مخاطرها ومشاكلها، فهي أهم أداة للحصول على السيولة.
خطورة الاستثمار
وعن خطورة الاستثمار في الصكوك الإسلامية يوضح الأستاذ فؤاد أن المخاطر واحدة فلا تختلف مخاطر الاستثمارات في الصكوك الإسلامية عن نظيرتها السندات التقليدية، وطريقة تقييم المخاطر واحده فعملية التقييم تعتمد بشكل أساسي وبالدرجة الأولى على التصنيف الائتماني لمٌصدر هذي الصكوك الإسلامية أو السندات التقليدية ووزن الأصول الداعمة لهذا الائتمان أيضا له دور بذلك التقييم، وبالتالي فإن المستثمر يقوم بتقييم العوائد المتوقعة على تلك الصكوك ويقارنها بالمخاطر المتوقعة عليها وبالتالي يتخذ قراره الاستثماري بناء على النتائج التي تظهر له.
وأفاد السيد فؤاد أن هناك صناديق استثمارية لدى البنوك تعنى بالاستثمار في الصكوك الإسلامية فبإمكان الفرد أن يستثمر في تلك الصناديق عن طريق البنوك.
أخيرا الاهتمام الغربي بالصكوك الإسلامية
وحول نظرة الغرب وسبب اهتمامه بالصكوك. يقول الجدعان من الملاحظ أن التمويل الإسلامي ينمو بوتيرة متسارعة وأخذ بعدا عالميا في الانتشار والاهتمام المتزايد لكبرى بيوت التمويل والاستثمار العالمية والتنافس فيما بينها لفتح قنوات للتمويل والاستثمار متوافقة مع الشريعة الإسلامية بما في ذلك الصكوك الاستثمارية يرجع لعدة أسباب منها:
ـ المزايا التي تتمتع بها الصكوك لكل من المصدر وحامل الصكوك.
ـ يشكل عدد المسلمين في العالم خمس عدد العالم هذا يعني سوقا كبيرا للجهات الراغبة في التمويل والمستثمرين.
ـ ازدياد وعي واهتمام المسلمين باستخدام بدائل متوافقة مع الشريعة في التمويل.
ـ تمثل الصكوك أحد البدائل الشرعية للسندات التقليدية.