ما معوقات صناعة التكافل الإسلامية؟

ما معوقات صناعة التكافل الإسلامية؟

إن تغلغل صناعة التأمين في البلدان الإسلامية (من حيث إجمالي الموجودات والمساهمات)، خصوصاً في قطاع التأمين على الحياة، هو أقل من 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
من الواضح أن التحرك النشط يقدم فرصاً لا تحصى للتكافل. وبالتالي، فحين يُقرَن ذلك بالحجم الهائل للأمة الإسلامية التي يزيد عدد أفرادها على 1.3 مليار نسمة، فإنه لا توجد حدود لخدمات ومنتجات التكافل. ومع ذلك فإن الفرص لا تأتي بسهولة. فهناك عدد من القضايا الحيوية التي يجب التعامل معها لضمان الصدقية والقبول، وبالتالي تحقيق مستقبل زاهر للتكافل. وسنتناول بعضاً من هذه القضايا بإيجاز فيما يلي:
ـ يجب على الشركات المشغلة أن تتمتع برأسمال مناسب حتى تتوافر لديها قوة مالية معقولة، وتستطيع بالتالي الوفاء بطلب السوق بصورة مناسبة. والشركة الضعيفة نسبياً لا تعوق فقط تطورها في مجال الأعمال، ولكنها ربما تعتمد اعتماداً مكثفاً على مساندة شركات "إعادة التكافل"، مما يعني أنها ستقع تحت رحمة شركات إعادة التأمين التقليدية. وسيكون في حكم المستحيل بالنسبة للشركات التي لا تمتلك القدرات المالية الكافية أن تكون لديها القدرة على الاحتفاظ بالمزيد من المخاطر وامتصاصها.
ـ إن شركات التكافل، باعتبارها من شركات الخدمات، فإن سرعة تقدمها ستعتمد إلى حد كبير على اليد العاملة فيها وعلى كفاءة مواردها البشرية. ولذلك فإن افتقار الشركات إلى عناصر مدربة وذات خبرة يمكن أن يعوق تقدم صناعة التكافل. وفي الوقت الحاضر فإن البلدان النامية عموماً، والتي تدخل فيها معظم البلدان الإسلامية، تواجه نقصاً في اليد العاملة والمؤهلة في مجال التأمين. لذلك ينبغي البدء في برامج خاصة لتدريب اليد العاملة ليس فقط على الجوانب الفنية للتأمين، بل حتى الجوانب التي تغطي الأمور المالية والاستثمار، وكذلك إدراك المبادئ الشرعية.
ـ إن موضوع إعادة التكافل، أو إعادة التأمين وفقاً لأحكام ومتطلبات الشريعة الإسلامية، سيشغل شركات التكافل لمدة لا بأس بها من الزمن. وإن التوصل إلى ترتيبات سليمة لإعادة التكافل، كما هو الحال في التأمين، أمر ضروري. ولكن الفارق هو أن الأحكام الشرعية تسمح لشركات التكافل بالتعامل مع شركات إعادة التأمين التقليدية. ومع ذلك ينبغي في الوقت نفسه القيام بجهود جادة، خصوصاً من قبل شركات التكافل نفسها، لإنشاء مؤسسة أو هيكل خاص بها لإعادة التكافل عن طريق السماح لشركات التكافل بالدخول في اندماجات في البلدان التي تعمل فيها، مما يؤدي بالتالي إلى خلق الساحة اللازمة لعمليات إعادة التكافل.
ـ إن شركات التكافل، باعتبارها حارساً على الأموال العامة، يجب عليها أن تضمن أن الأموال الموجودة في حوزتها للتكافل يجب أن تتم إدارتها ليس فقط بصورة سليمة، وإنما، وهذا هو الأهم، بصورة مأمونة. وحيث إن عملية التكافل تستند أساساً إلى المشاركة في الأرباح، فإن استثمار الأموال يصبح بصورة جوهرية في أهمية الضمان. ولكن في حالة التكافل، يوجد هناك بعد أساسي آخر ينبغي اعتباره، وهو أن سبل الاستثمار يجب أن تكون متفقة مع أحكام الشريعة. وفي الوقت الحاضر تعتبر هذه السبل محدودة نسبياً.
ـ حتى يزدهر التكافل بصورة منظمة وسليمة، لا بد من تأسيس بنية تحتية ضمنها "هيئة تأمين إشرافية" بغرض تنظيم أعمالها من حيث ممارسة العمليات التجارية وكذلك من حيث التزامها بأحكام الشريعة. ويوجد في معظم البلدان الإسلامية نظامان ماليان يعملان جنباً إلى جنب. وبالتالي فإن ما هو مطلوب قانوناً من النظام المالي التقليدي، مثل الحوكمة السليمة، والالتزام بالأنظمة والأحكام الأخرى، يجب أن ينطبق كذلك على النظام المالي الإسلامي. وفي حالة التكافل على سبيل المثال فإن المطلب القانوني الذي يفرض على شركات التأمين التقليدية هو الاحتفاظ بهامش من السيولة ينبغي تطبيقه كذلك على شركات التكافل الأخرى. وإن المتطلبات التي من هذا القبيل لا يمكن فرضها إلا من خلال القانون. وحين يتوافر إطار تشريعي مناسب، فإن هذا يتيح للسلطات تنظيم العملية بأكملها.
ـ لقد اتفق الفقهاء بصورة عامة على أن الشكل المقبول شرعاً من عمليات التأمين يجب من حيث الأساس أن يتحلى بفضائل التعاون والتضامن والأخوة. ولكن هذه الكلمات هي مجرد مفاهيم لا يمكن المساواة بينها، ولا يمكن بالتالي تطبيقها أساساً للمبادئ القانونية في العقود. والواقع أن الفقهاء اتفقوا كذلك على أن عقد التكافل يجب أن يقوم على مبادئ تجارية معينة تتمشى مع السمات الأساسية للعقود التجارية الإسلامية. وتوصل الفقهاء في سبيل ذلك إلى أن العقد ربما يجب أن يستند إما على مبدأ المضاربة وإما الوكالة.

Harmonization of Practice

* المدير التنفيذي لشركة "تكافل ماليزيا"

الأكثر قراءة