نداء للالتزام بالأخلاقيات مع تقدم علوم المخ بسرعة مذهلة
نداء للالتزام بالأخلاقيات مع تقدم علوم المخ بسرعة مذهلة
يحرز علماء أمراض المخ والأعصاب تقدما شديد السرعة في كشف أسرار المخ، بحيث يحث البعض زملاءهم على مناقشة أخلاقيات مهنتهم قبل أن تسيء استخدامها الحكومات، والمحامون، أو المعلنون.
وأوضحت الأنباء أن أجهزة رسم المخ تستطيع الآن قراءة نوايا الشخص قبل التعبير عنها، أو التصرف بناء عليها دفعة جديدة لمجال أخلاقيات طب المخ والأعصاب الذي يأمل في مساعدة الباحثين على الفصل بين الاستخدامات الجيدة والسيئة لعملهم.
ويقول المعنيون بأخلاقيات طب المخ والأعصاب إن "الاكتشافات ذاتها التي يمكن أن تساعد المشلولين على استخدام إشارات المخ لتوجيه كرسي تحرك، أو الكتابة على جهاز كمبيوتر قد تستخدم أيضا في رصد نية إجرامية محتملة، أو معتقدات دينية، أو أي أفكار مخفية أخرى.
وتقول جودي ايليس مديرة برنامج أخلاقيات طب المخ والأعصاب في
جامعة ستانفورد في كاليفورنيا "احتمال إساءة استخدام هذه التكنولوجيا هائل وهذا موقف ملح حقا."
وجاءت الدفعة الجديدة من بحث نُشر الأسبوع الفائت أظهر أنه ليس بإمكان علماء المخ والأعصاب الآن تحديد المنطقة في المخ التي يدور فيها خاطر معين فقط؛ بل والبحث في هذه المنطقة لقراءة بعض الأفكار التي تدور هناك.
ويقارن جون ديلان هينز من معهد ماكس بلانك لعلوم المخ والإدراك البشري في لايبزيج في ألمانيا كاتب البحث هذا بتعلم كيفية قراءة الكتب بعد مجرد القدرة على العثور عليها من قبل ويقول "هذه خطوة هائلة."
ويضيف هينز أن "علم المخ والأعصاب لا يزال أبعد ما يكون عن تطوير جهاز لرسم المخ يستطيع ببساطة قراءة الأفكار العشوائية.
ومضى يقول "لكن ما نستطيع عمله هو قراءة بعض الأشياء البسيطة
المفيدة للغاية في التطبيقات، مثل النوايا البسيطة، أو المواقف، أو الحالات العاطفية, وجدنا أننا نستطيع قراءة المواقف التي تنطوي على الرفض أو القبول."
واستخدم هينز تقنية لرسم المخ تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي لرصد قرار المتطوع غير المفصح عنه في جمع رقمين أو طرحهما حين يظهران على الشاشة. وكانت القراءة صحيحة في 70 في المائة من الوقت.
باربرا ساهاكيان المتخصصة في الطب العصبي النفسي في جامعة كامبريدج في بريطانيا ترى إساءة استخدام محتملة لهذه التكنولوجيا شبيهة بقصة فيلم "تقرير الأقلية" الذي أخرجه ستيفن سبيلبرج عام 2002، حيث تعتقل
الشرطة أشخاصا يتكهن وسطاء روحيون بإقدامهم على ارتكاب جرائم قتل.
وتقول "يجب أن نناقش كيف نريد استخدام هذه التكنولوجيا، ومن الذي يجب أن يكون له الحق في الوصول إليها."
وتشير مارثا فرح مديرة مركز علوم المخ والأعصاب الإدراكية في جامعة بنسلفانيا إلى أن الطفرات، مثل أسلوب هينز في قراءة المزيد من خلال تصوير البيانات تفتح الطريق أمام نمو سريع جدا في فهم المخ.
ومضت تقول "نحن في بداية اكتشافنا لقوة هذه التحليلات الأكثر دقة، من وجهة نظر أخلاقيات طب المخ والأعصاب، يمكن أن يكون هذا أمرا
هائلا."
وفرح وايليس وساهاكيان بين مجموعة صغيرة من علماء المخ والأعصاب
الذين أسسوا جمعية أخلاقيات طب المخ والأعصاب في (أيار) مايو عام 2006 لتشجيع مناقشات دولية بشأن الاستخدام الملائم للاكتشافات التي تم التوصل إليها في مجالهم والتي سيتم التوصل إليها في المستقبل.
وتقول ايليس "بوصفي عالمة في مجال المخ والأعصاب، فإنني مدربة على
التفكير في هذه المسائل متى أحصل على نتيجة, لكننا بحاجة إلى التفكير في هذه التأثيرات الأخلاقية الآن."
وأضافت "الناس يريدون أن يعرفوا هل عندما يذهبون إلى أحد المطارات ستمر أمتعتهم عبر جهاز للمسح فيما تمر عقولهم بجهاز آخر. هل أعتقد أننا أوشكنا على الوصول إلى هذا؟ أجل."
ويقدر هينز أن "أبحاثه في مجال النوايا غير المفصح عنها يمكن أن يسفر
عن تطبيقات بسيطة في غضون السنوات الخمس إلى العشر المقبلة، مثل قراءة موقف شخص ما من إحدى الشركات أثناء مقابلة لمنحه وظيفة، أو اختبار ما يفضله المستهلك من خلال "التسويق العصبي".
وهناك شركات بالفعل تحاول استخدام أجهزة رسم المخ لتصنيع جهاز لكشف الكذب أكثر دقة ويقول باحثون "إنها تكنولوجيا يمكن أن تبهر القضاة والمحلفين بدرجة كبيرة، بحيث تكون لها الكلمة الأخيرة عند اتخاذ قرار بصدد قضية من القضايا.
ويضيفون أن مسؤولي سلطات تطبيق القانون قد يستخدمون هذه التكنولوجيا التي ترصد ازدياد النشاط في المناطق المتصلة برد الفعل الذهني للمثيرات الخارجية لفحص الأشخاص للكشف، على سبيل المثال عن ولعهم جنسيا بالأطفال، أو الانحياز العنصري، أو العدوانية، أو أي ميول غير مرغوب فيها.
ويقول هينز "إذا كنت تقرأ شيئا لاستخدامه في مجال التسويق العصبي، أو من أجل مقابلات الوظائف، أو تفعل هذا رغم إرادة الأشخاص فيمكن أن
يعتبر هذا غير أخلاقي."
ويضيف أن "كشف الكذب أكثر تعقيدا؛ لأنه يمكن أن ينتهك الخصوصية
الذهنية، لكنه يستطيع أيضا إثبات البراءة. ففي بعض القضايا يمكن أن ينتهي رفض استخدامه حفاظا على الحق في الخصوصية الذهنية بحرمان المتهم من حقه في الدفاع عن نفسه".
ووسط كل هذه السيناريوهات المثيرة للقلق يقول هينز إنه "يجب أن يعلم الناس حدود رسم المخ، وما يمكن أن يقدمه، بحيث يستطيعون اتخاذ قرارات بناء على معلومات عندما تظهر تطبيقات جديدة. ويجب أيضا أن تظل التكنولوجيا في سياقها الملائم.
وأضاف "ما زلت أؤيد بشدة قوة الأسئلة البسيطة في مجال علم النفس إذا أردت أن تقول ما الذي سيقدم شخص ما على فعله، فإن أفضل وسيلة لهذا هي طرح السؤال عليه."