التوسع السادس الأوروبي يصحبه تحفظ في حرية تنقل الأيدي العاملة
عندمـا ازداد عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبل ثلاثة أعوام بعشر دول أوروبية جديدة، كانت مخاوف دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء (القديمة) كبيرة، وكانت التساؤلات: هل سيمارس التوسع الجديد ضغوط على مستوى الأجور المحلية وعلى مستوى المعيشة في البلاد؟ وهل ستتعرّض الدول الأوروبية ذات الضرائب العالية لمنافسة في الضرائب ؟.
وهل سيهدد الدول الأعضاء القديمة قدوم موجات من المهاجرين من الدول جديدة العضويـة؟ في ذلك الوقت كان لدى الأغلبية العظمى من خبراء الاقتصاد جواب جاهز على جميع هذه التساؤلات المؤثرات الاقتصادية الناجمة عن التوسع كانت أصلا إلى أبعد الحدود سبّاقة في قدومهـا مع لحظة إقرار خطة التوسع. حيث إن الاستثمارات المباشرة للشركات الأوروبية الغربية في الدول الأعضاء الجديدة كانت فعليا عظيمة قبل عام 2004، كما أن التجارة بين الدول الأعضاء "القديمة" و"الجديدة" كانت ومنذ أمد طويل مفتوحة إلى أبعد الحدود وفعلية. ولكن العاقبة الوحيدة المتخوّف منها نتيجة التوسع، هي الهجرة الشديدة للأيدي العاملة على أساس اعتماد نظام حرية التنقل المتفق عليه، هذه العاقبة أمكن تضييق نطاقها وذلك من خلال تطبيق قانون انتقالي، بقيت على أساسه حرية تنقل الأيدي العاملة داخل دول الاتحاد الأوروبي مقيدة. حيث إن النموذج المسمى بـ "نموذج 2+3+2" يسمح لدول الاتحاد الأوروبي القديمة بالمواصلة في تطبيق قوانين تقييد حركة الهجرة حتى عام 2013. فقط القليل من دول الاتحاد الأوروبي، مثل بريطانيا وأيرلندا، لم تقيّد في بادئ الأمر حركة هجرة اليد العاملة من الدول الأعضاء الجديد.
ومن المحتمل أن الأمر ليس بمحض الصدفة، أن يؤدي الانضمام المرتقب لرومانيا وبلغاريا فقط في هاتين الدولتين إلى نشوب جدل كبير- وإلى تفاعلات سياسيـة - في أورقة البرلمان. ففي العاصمة البريطانية لندن، والأيرلندية دبلن لا تعتزم الحكومة توسعة سياسة الباب المفتوح أمام اليد العاملة من الدولتين العضوين الجديدتين في الاتحاد الأوروبي، حيث تريد كلتا الحكومتين تقييد وتنظيم حركة الهجرة على الأقل خلال العام الأول بعد خطة التوسع المتكررة. السبب الكامن وراء هذه القرارات هو التفاقم المفاجئ لعدد الأيدي العاملة القادمة من الدول الأعضاء العشرة الجديدة، وبالأخص من بولندا. فلقد وضعت الحكومة البريطانية في حسبانها قدوم 15 ألف مهاجر في السنة الواحدة، ولكن عدد الذين قدموا لغاية الآن من هذه الدول تجاوز 600 ألف مهاجر. في البدايـة لاقت هذه الحشود المهاجرة ترحيبا طيبا من السوق البريطانية المنتعشة، ولكن مع الزيادة البطيئة لعدد الأيدي العاطلة عن العمل تزداد أيضا المقاومة في المملكة المتحدة ضد قدوم أعداد متزايدة من المهاجرين.
التقييد المؤقت المفروض على حرية حركة تنقل اليد العاملة في بريطانيـا يعود بالطبع إلى هذا الغضب العام الذي يغمر أجواء المملكة المتحدة، أكثر منه إلى التوقع، أنه مع انضمام الدولتين الجديدتين، رومانيا وبلغاريا، إلى عضوية الاتحاد الأوروبي قد تزداد هجرة اليد العاملة بصورة أشد. وفي ألمانيا وبقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، هناك، حيث تقوم بشدة منذ ثلاثة أعوام مناقشة مسألة الهجرة المتزايدة على الرغم من القيود المفروضة في هذه الدول التي تحد منها، يتعرض مشروع انضمام الدولتين الجديدتين بسبب العواقب الاقتصادية التي قد تنجم عنه، يتعرض بالكاد إلى نقاش بين صفوف المجالس البرلمانية. وهذا ليس لأن موجة الهجرة من الدول الأعضاء الجديدة قد توقفت، فالوزن الاقتصادي لكلتا الدولتين، رومانيا وبلغاريا، ضئيل جدا. صحيح أن رومانيا تشكل بعدد سكانها الكبير نسبيا والبالغ 21.6 مليون نسمة، 4.4 في المائة من عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي أجمع، ولكن نصيبها في إجمالي الدخل المحلي GDP للاتحاد الأوروبي لا يتجاوز 0.6 في المائة. ونصيب بلغاريا في هذه القيمة الاقتصادية ذات أهمية أقل حتى، وهي تعادل تقريبا بنسبة لا تفوق 0.2 في المائة حصة لوكسمبورج. ولكن الحقيقة الواقعية، هو أن هاتين الدولتين واللتين ستصبحان من أفقر الدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي المتوسع وبالتالي سيكون لهما الحق الوفير في الحصول على مساعدات مالية من صندوق الاتحاد الأوروبي لدعم البنية التشكيلية، هذا الحقيقة مأخوذة في عين الاعتبار ضمن الإطار المالي للإتحاد الأوروبي المزمع قبل عام للفترة من عام 2007 وحتى عام 2013. ولهذا السبب أيضا يدعم الكثير من القول أن انضمام الدولتين رومانيا وبلغاريا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي سينطبق عليه ما كتبته العديد من معاهد الأبحاث الأوروبية، منها معهد نورينبرج لدراسة سوق العمل والتوظيف، في دراسة أجرتها حول خطة "التوسع الكبير للاتحاد الأوروبي 2004" الكبير، حيث ذكرت المعاهد في تقريرهـا: هذا التوسع الكبير المزمع "سوف لن تكون له أي آثار اقتصادية بالغة" على الدول التي شملتها الدراسة، وهي: ألمانيا، النمسـا، وبريطانيا.