مفارقة الربح: كيف تكون الشركة حذرة من التفاخر بالنجاح المالي؟
مفارقة الربح: كيف تكون الشركة حذرة من التفاخر بالنجاح المالي؟
إن البحث عن كلمة " ربح" في موقع جينيس للأرقام القياسية يعطيك مرجعاً واحداً مباشراً فقط، ألا وهو المافيا، أكثر المنظمات الإجرامية إدراراً للربح في العالم.
في السنة الماضية , أعلنت شركة إيكسون موبايل ExxonMobil، عن أكبر ربح في تاريخ الشركات الأمريكية. وكانت نتيجة ذلك إضافة المزيد من الدعم للنداءات بالتشريع، والضرائب على الكسب المفاجئ، وتقييم سياسة الاندماج، بل وحتى انفصال عمالقة النفط. ومن بين التدابير التي كانت مقترحة في الكونجرس مشروع قانون لتجريم هذا العمل من قبل مصافي تكرير النفط، وتجار الجملة، وبائعي التجزئة "لابتزاز السعر"- في إشارة إلى الابتزاز الذي كانت تمارسه العصابات في السابق.
وحققت معظم الشركات المدرجة في مؤشر "الفاينانشيال تايمز" 500 أرباحاً قياسية على خلفية طفرة أسعار النفط الخام، التي لامست ارتفاعات اسمية بالسنة الماضية. واضطرت غالبية هذه الشركات إلى اتخاذ وضع الدفاع.
ولكن اللعنة الغريبة " للأرباح القياسية"، والصعوبة التي تواجهها الشركات في تبريرها، ليست غريبة على قطاع النفط، حيث إن معظم الشركات متعددة الجنسيات تعلمت أن تكون حذرة من التفاخر بنجاحها المالي وهي تبحث عن طرق لحماية نفسها من لسعة النقد.
ويبدو أن أكبر القطاعات الواقعة في مرمى النار، هي المصارف، والنفط، والأدوية، التي تشترك في سمة واحدة، ألا وهي أن الزبائن ينظرون إلى منتجاتها وخدماتها على أنها ضرورية، ولكنها مشتريات مملة.
ويشير روبن ويست، رئيس مجلس إدارة بي أف سي إنرجيPFC Energy، إلى أنه " ليس هنالك الكثير من المرح في شراء البنزين، وليس هنالك الكثير من المرح في شراء الأدوية، حيث إن الناس يرونه حقاً، لا امتيازاً. وإن المشتريات غير المرغوب فيها، إضافة إلى الأسعار المرتفعة هي الصيغة التي تنتج عنها الكارثة."
ومع ذلك، فإنه من المؤكد أن هذه المشتريات غير المرغوب فيها تولد أيضاً أرباحاً عالية لهؤلاء الذين يبيعونها. ففي بريطانيا، على الرغم من أن الأجانب غالباً ما يتعجبون من توفر الخدمات المصرفية " المجانية"، فإن المجموعات المالية التي تحقق أرباحاً عالية غالباً ما تتعرض للهجوم على الرسوم المفروضة على القروض والبطاقات الائتمانية.
وفي اليابان، إذ لم يخرج قطاع الشركات من الركود الاقتصادي إلا أخيرا، فإن الأرباح القياسية لا تزال تؤخذ في الغالب على أنها عرض مرحب به للانتعاش.
ولكن للسبب نفسه، وبعد سنوات من استخدام الخسائر القياسية كذريعة لتبرير التقليص في الوظائف، فمن الصعب على بعض اليابانيين تحمل الإدارة " بالأسلوب الغربي" التي تواصل وضع سقوفٍ للتكاليف، في حين تبلغ أرباحها أعلى مستوياتها. ويجادل روبن ويست في مقالة له في عام 1970 بأن الدور الوحيد للشركات كان يقتصر على صنع الأموال للمساهمين. أما المبالغ الأخرى، للدولة، والموظفون، والمجتمع ككل، فسوف تتدفق من ذلك الواجب الوحيد.
ولكن منذ تشكيل أول شركة مساهمة تقريباً، فإن الاعتراض، والتشريع، والتنظيم السياسي أدت إلى تخفيف حافز الربح، وأدركت الشركات قيمة تسديد بعض مكاسبها للمجتمع للتخفيف من حدة هذه التهديدات.
وبالنسبة للمجموعات الأكبر، فإن هذه الأنانية المؤسسية الحكيمة التي كانت تركز على المجتمعات الفردية حيث كانت الشركات تبني مصانعها، شملت جميع أنحاء العالم، إلى مجالات تمتد إلى ما بعد الإسكان المباشر والتغذية للموظفين. وقد تعني الاندماجات العابرة للحدود والعولمة أن الأرباح تجنى من جميع أنحاء العالم. ولكن الاعتراض يبقى محلياً بشكل خاص، وهو بحاجة إلى تهدئة.
وهنالك سبب وجيه آخر وراء سعي الشركات التي تحقق أرباحا عالية لموازنة الاتهامات بالميول الاستغلالية، والابتزازية، والاحتكارية بأعمال جيدة. ومن الصعب نقل الرسالة بأن النتيجة النهائية ليست هي الأداء المؤسسي الشامل والنهائي.
ويقول كريستيان بيليتشوفسكي، المسؤول عن العلاقات الدولية في نقابة عمال الحديد الفرنسيين، إن في المطاردة لأعلى الأرباح " منطق جهنمي". ويقول إنه حتى عندما تعلن الشركات عن نتائج قياسية، فإن المديرين يدعون أن المنافسة تحتدم أكثر فأكثر، وتحث على المزيد من التخفيضات في التكلفة. ويضيف: " في الوقت الحالي، لا يوجد هنالك مثال واحد لشركة تقول، " حسناً، حققنا الربح الذي أردناه، ولذلك سنوزع أرباحاً أكثر بقليل."
ويشير جيفري ديرمير رئيس معهد CFA الذي يمثل المحللين الاستثماريين والمجتمع الاستثماري الأوسع: " إن حقيقة أنك حققت أرباحاً قياسية لا تعني شيئاً." ويجب أن تكون الرسالة التي ترسلها ( الشركات): " نحن محظوظون جداً، فنحن حققنا ربحاً رائعاً، وسوف نستثمر ذلك الربح في الحال للمستقبل."
وهذا هو تقريبا ما حاولت "إيكسون موبيل" القيام به. وبعيداً عن التبجح حول أرباحها القياسية في عام 2006، فإن "إيكسون موبيل" إعلانات في صحف أمريكية رائدة في اليوم الذي أصدرت فيه نتائج السنة كاملة، مشيرة إلى أن الإعلان حث الأمريكيين على " إلقاء نظرة ثانية" على الأرقام. والحكم من خلال أسلوب الجدل الشعبي حول أسعار البنزين والاستغلال، حيث من المشكوك فيه أن الكثيرين قاموا بذلك.