محمد بن خالد يروي مشواره من ((هارفارد)) إلى ((الفيصلية)): لم أتخذ قرارا فرديا في حياتي

محمد بن خالد يروي مشواره من ((هارفارد)) إلى ((الفيصلية)): لم أتخذ قرارا فرديا في حياتي

عرض الأمير محمد بن خالد العبد الله الفيصل رئيس مجموعة الفيصلية القابضة المحدودة، البارحة الأولى تجربته في إدارة المجموعة أمام حشد كبير من شباب الأعمال، وقد تحدث من خلالها عن أبرز فقرات مشوار حياته العملية ومحطات النجاح التي مر بها، وكذلك المجاديف التي استخدمها لتجاوز مراحل الفشل التي مر بها.
وقدم الأمير محمد بن خالد خلال اللقاء المفتوح الذي استضافته لجنة شباب الأعمال المنبثقة عن مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض البارحة خلاصة تجربته العملية من واقع مسيرة نجاحه التي كانت تعتمد بشكل أساسي على التخطيط السليم المبني على الرؤية العلمية والقراءة الصحيحة للواقع لبناء الرؤية المستقبلية على أسس ثابتة ومعطيات محددة لترسيخ أقدامهم على طريق النجاح.
واستعرض الأمير محمد بن خالد بداية مشواره في عالم الأعمال وكيف استطاع التغلب على جميع العراقيل التي وقفت في طريقه، ناصحا حضوره من شباب الأعمال بضرورة التخطيط لحياتهم وتحمل ضغوط العمل وعدم الاستسلام لليأس والكسل, خاصة في بداية المشوار، كما عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أهدافا سامية يسعون إلى تحقيقها بجد ومثابرة وعمل دؤوب متواصل.
ووقف الأمير محمد بن خالد في روايته مشواره العملي "من هارفارد إلى الفيصلية" أمام مسار تعليمه في جامعة هارفارد الأمريكية وتفوقه العلمي ومن ثم العملي مستخلصا العبر والدروس والتجارب مع حياة عملية مملوءة بالمواقف التي تتطلب المواجهة بحنكة ورؤية واضحتين.

يقول الأمير محمد بن خالد إن مشواري العملي بدأ عندما حصلت على شهادة بكالوريوس العلوم في الإدارة الصناعية من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وقد كانت لي حكاية مع أول وظيفة التحقت بها وهي في البنك السعودي الأمريكي "مجموعة سامبا المالية" حاليا، فعندما تقدمت للحصول على الوظيفة لم يكن أحد يصدق من المسؤولين في البنك أنني بالفعل أريد وظيفة، حيث كان هناك عدة تساؤلات ترتسم على وجوه من أوكل إليهم إجراء المقابلة الشخصية معي، وكأن لسان حالهم يقول: "أمير من آل سعود ويبحث عن وظيفة في بنك!".
ويواصل الأمير خالد حديثه قائلا: "جميع من قابلني كان يسألني السؤال نفسه: ماذا تريد بالوظيفة؟ وهل أنت بالفعل محتاج إلى الوظيفة أم تريد أن تعمل لدينا بشكل مؤقت؟ فكنت أرد: نعم أريد وظيفة دائمة .. ذلك لأنني أريد أن أصنع نفسي".
وزاد: "أنا لا ألومهم في ذلك, لأن المعروف أن الأمير إما أن يؤسس شركة خاصة به وإما أن يعمل في الحكومة. وقد لاحظت فيما بعد أن هناك همسا لدى بعض الموظفين في هذا الموضوع، حيث كان بعضهم ينظر إلي وكأنني أول شخص "أمير" يعمل في بنك".
وأضاف قائلا: "ترددت كثيرا على رئيس إدارة الخزانة في البنك السعودي الأمريكي إلى أن أقتنع بأنني بالفعل محتاج إلى الوظيفة، فقال لي: "سأوظفك بشرط أن تلتزم بالبقاء معنا لمدة ثلاث سنوات"، وقبلت شرطه مباشرة".

من "سامبا" إلى "ستي بنك"

بداية عملي الحقيقي في "سامبا" دخلت إلى دائرة الخزانة، وعملت في وظيفة مساعد أول لمدير محفظة المشتقات في البنك، وبقيت في هذه الوظيفة مدة عام كامل، إلى أن أطلق البنك برنامجا لتبادل الخبرات بين "سامبا" و"سيتي بنك"، حيث رشحت مع زميل آخر وهو عبد الرحمن البريدي من دائرة الخزانة للالتحاق بهذا البرنامج والذهاب إلى الولايات المتحدة للعمل في "سيتي بنك" في نيويورك، وبالفعل أتممنا الدورة وعملت لمدة عام في دائرة مشتقات الطاقة هناك، أما زميلي فعمل في العملات.

مديري الباكستاني .. وفكرة "هارفارد"

ويشير الأمير محمد بن خالد إلى أنه بدأ يفكر في كيفية الاستفادة من وجوده في نيويورك للحصول على الماجستير، وقد دفعه إلى هذا التفكير بشكل جدي رئيسيه في "سامبا" الذي كان يعود إلى أصول باكستانية وهو من خريجي جامعة هارفارد، حيث كان الأمير محمد معجبا جدا بطريقة ذلك الشخص في العمل وبأسلوبه الجيد في الإدارة وتحفيزه الدائم للشباب الذين كانوا يعملون تحت إدارته من خلال منحهم الفرصة للتعليم والتدريب والتطوير.
يقول: "لقد بدأت التفكير بشكل متعمق في الالتحاق بـ "هارفارد"، وتحدثت مع هذا المدير الذي صادف وجوده في نيويورك مع الفترة نفسها التي انتقلت فيها للعمل هناك، وكانت الجامعة قريبة من مقر العمل، فاستغللت الفرصة وقمت بزيارة إلى الجامعة اطلعت من خلالها على البرامج التي تقدمها، وقبل أن أغادر أسوارها .. اتخذت القرار "هارفارد" التوجه القادم .. لكن ليس الآن".
بعد أقل من عام عدت إلى السعودية وبقيت في العمل في دائرة الخزانة في "سامبا" وقدمت طلبي إلى جامعة هارفارد، وذلك بعد أن أحضرت جميع المتطلبات معي من هناك، ووضعت أمام تحد بأننا إذا لم أقبل في "هارفارد" لن أحصل على الماجستير ولن أتقدم إلى أي جامعة أخرى.

أمريكي أكثر من الأمريكيين

سافرت إلى الولايات المتحدة وعبأت استمارة القبول "الأبلكيشن"، وكانت تضم مجموعة من الأسئلة، والمعلومات الشخصية التي تبين طريقة إعدادها بأنها موجهة للطلاب الأمريكيين، فكانت تلك الأسئلة تحمل إشارات الهدف منها التعرف على صورة وشخصية وأفكار الطالب المتقدم، فبعض الأسئلة تهتم بالجانب الاجتماعي الأمريكي، وليست موجودة في السعودية، فعلى سبيل المثال: ما الجمعيات التطوعية التي تشارك فيها؟
وفي الحقيقة عندما اطلعت على هذه الأسئلة للمرة الأولى أصابتني دهشة واعتقدت أنني لن أستطيع مجابهة الأمريكيين، لكن سرعان ما اتخذت القرار وأصبحت أمريكيا أكثر من الأمريكيين أنفسهم، وأضع الإجابة الصحيحة وفق الواقع الذي أعيشه إما (نعم) أو (لا)، وأقدم المبررات لذلك.
وأعتقد أن قبولي في "هارفارد" كان نتيجة صدقي في تقديم معلومات صحيحة، حيث أصبحت لديهم صورة واضحة عن شخصيتي, وهذا خدمني أكثر من العلامات، لأنهم في هذه الجامعات العريقة يهمهم الاختلاف ويهمهم أن يكون هناك اختلاف في الآراء واختلاف في وجهات النظر كي يكون هناك حوار وتبادل للأفكار. وعندما اطلعوا على استمارة الإجابة لربما قالوا: "هذا مختلف وخلينا نحطه عندنا فهو ليس مثل الباقين".

الرئيس السيئ

وفجأة صمت الأمير محمد بن خالد برهة ثم عاد ليقول: قبل أن أحدثكم عن الدراسة في "هارفارد"، لعلي أطلعكم على الشيء الذي تعلمته في القطاع المصرفي؟
أفاد الأمير محمد بن خالد أنه استفاد من العمل المصرفي الذي استمر نحو ثلاث سنوات كيفية العمل في بيئة احترافية أكسبته الانضباط والتنظيم في كل شيء، وكذلك أخلاقيات العمل من ناحية الالتزام والإنتاجية والأداء والمثابرة، إلى جانب الخبرات العملية على الصعيد الاقتصادي والمالي.
ويرى الأمير محمد أنه استطاع أن يكتسب حنكة الإدارة والتعرف على مقاييس الرئيس الجيد، وذلك كونه عمل تحت رئاسة شخص جيد، وآخر سيئ.
فهو يقول: "إذا كان رئيسك جيدا ستتعلم منه مقاييس الرئيس الجيد وتطبق ذلك على مرؤوسيك، وأما إذا كان رئيسك سيئا فإنك ستعرف منه ما هي الأشياء غير الجيدة وبالتالي تحاول أن تتجنبها في إدارتك، ما يعني أنه في كلتا الحالتين تتعلم ما هو مقياس الرئيس والقائد الجيد وما هو مقياس الرئيس السيئ, وهذا ما تعلمته جيدا في القطاع المصرفي".

ضغط وجهد

عودا إلى "هارفارد"، فإنني أستطيع أن أقول إن أيام الدراسة هناك كانت من أصعب سني عمري، حيث كان مستوى الضغط والعمل والجهد المطلوب يفوق التصور، إذ إن الطالب يشارك مع مجموعة يعتبرون النخبة، حيث يتقدم للجامعة في كل عام أكثر من عشرة آلاف طالب من أكثر الطلاب تفوقا في العالم، ولا يقبل منهم سوى 800 طالب فقط، لذلك فإن كل شيء يحتاج إلى مستوى في الأداء والإنتاجية وتبادل الأفكار، "صحيح أن ذلك من أصعب الضغوط لكنه من أكثرها فائدة".
في صيف عام 1996م، تخرجت في "هارفارد" فبعد انقضاء عامين من الدراسة أقول إنني تعلمت الشيء الكثير لكن الأهم فيها أنني تعلمت أن هناك فرقا بين الدراسة الجامعية العادية والدراسة ضمن برنامج يسير على منهج عملي وسليم وجيد، لقد تعلمت أسلوب التفكير وليس مجرد الحصول على المعلومات، لأن الجامعة الجيدة تعلمك كيف تفكر وليس في ماذا تفكر؟.

ما بعد "هارفارد"

وقد تعلمت من "هارفارد" التعلم المستدام، بمعنى أن التعلم لا ينتهي بمجرد خروجك من مجال التعليم بل إن تحقيق النجاح في عملك وفي حياتك يتطلب منك أن تطور نفسك وأن تستمر في القراءة والدراسة والاختلاط بالآخرين والتعامل .. تعلمت كيف أفكر، كيف أكتشف المشكلات، كيف أضع الحلول، كيف أنظر إلى الخيارات وماذا أختار، كيف أضع الخطط وآلية التنفيذ، وكيف أطور نفسي بنفسي، لأن الجامعة لديها ثقة بأن حصول الطالب على شهادة "هارفارد" ليست نهاية المشوار بل إن طريقة التفكير والمهارات التي تلي هذه المرحلة هي التي ستحفظ لـ "هارفارد" سمعتها بعد أن يبدأ الخريج مسيرة حياته العملية.
بعد التخرج توجهت للبحث عن وظيفة، وكان من الطبيعي أن أنظر إلى مجال عملي السابق في البنك السعودي الأمريكي "سامبا"، الذي أسس قطاعا للاستشارات المالية، وهو الذي يختص بإجراء الدراسات اللازمة لمشاريع الاندماج وغيرها، ولا أخفيكم أن هذا القطاع كان يهمني جدا خاصة أن عددا من زملائي السابقين في دائرة الخزانة كانوا قد انتقلوا للعمل في هذا القطاع.
وبالفعل تقدمت بطلب للبنك للعمل في هذا القسم الذي كان يرأسه رجل مصرفي بريطاني لديه أكثر من 25 سنة خبرة، وأعتقد أن اسمه باركليز، وكنت قد قابلته في لندن خلال عودتي من بوسطن إلى السعودية، واتفقنا على العمل بما فيها الراتب والمحفزات، وباشرت العمل في شهر آب (أغسطس) من عام 1996م.

مفاجأة عمي

وفي شهر أيلول (سبتمبر) من العام نفسه أخذت إجازة بسيطة، وذهبت للسلام على الوالد عبد الله الفيصل ـ الله يعطيه الصحة والعافية ـ عندما كان في جنيف، وقبل ذلك ـ أي عندما كنت أدرس في الولايات المتحدة ـ كان الأمير عبد الله الفيصل يعاني وعكة صحية، مما جعله يسلم أمور مجموعة الفيصلية لعمي الأكبر الأمير محمد بن عبد الله.
ويواصل الأمير محمد بن خالد حديثه: تقابلت مع عمي الأمير محمد العبد الله في جنيف وركبت معه في سيارته وذهبنا إلى مطعم على البحيرة، ونحن في الطريق قال: "أحتاجك تعمل عندي في مجموعة الفيصلية".
الحقيقة أن هذا المطلب فاجأني، وذلك لسبب بسيط هو أن "الفيصلية" في تاريخها لم توظف أي أحد من أبناء عبد الله الفيصل في القطاعات العملية، وكان الوالد عبد الله الفيصل حريصا جدا على أن أبناءه وذريته يعتمدون على أنفسهم ويعملون خارج البيوت الاستثمارية التي تملك الأسرة، وذلك لسببين الأول كي يجعلهم يعتمدون على أنفسهم، والسبب الثاني رغبته في أن تدار الشركة بطريقة احترافية دون تدخل من أفراد العائلة. لذلك فإنني لم أكن أتوقع ولا 1 في المائة أن يفتح لي المجال لأكون موظفا في هذه الشركة.
أما من ناحية الموافقة على طلب عمي الأمير محمد بن عبد الله فكنت مترددا لأنني تعلقت بالعمل البنكي ولدي رغبة جامحة في الاستمرار في هذا القطاع، إضافة إلى التزامي مع البنك السعودي الأمريكي، بأن أعمل لديه لمدة ثلاث سنوات، وكذلك عدم معرفتي بمجموعة الفيصلية وكيف تدار، هذه الأمور جعلتني أعتذر لعمي بحجة أنني ملتزم بعقد مع البنك لمدة ثلاث سنوات.

"تفاهة وتمييع"

يقول الأمير محمد بن خالد لقد أخرجت نفسي من "الورطة" كما سماها، وخلال سبعة أشهر تم التعرف على مجموعة الفيصلية، وتم فك الالتزام مع البنك، وكلمت الأمير محمد بن عبد الله بالأمر وقلت له أنا جاهز لأنتقل إلى "الفيصلية"، فقال: كيف وفيت بالتزامك مع البنك، فقلت له: "رئيسي لم يرتق إلى تطلعاتي فخلصت منه".
وتحدث الأمير محمد عن ذلك المدير بأنه لربما جاء إلى السعودية لمجرد تحقيق بعض الربح قبل بلوغه سن التقاعد، فهو يمتلك خبرة مدتها 25 عاما كانت حافلة بالنجاح، لذا فإنه كان يرى أن أي نجاح بسيط لن يضيف له شيئا، بينما أي فشل سيكون وصمة عار عليه، لهذا كان يتبع طريق التعقيد، وإشغال الفريق بأمور صغيرة "تافهة" أما في حالة وجود فرصة كبيرة فكان يتعامل معها بأسلوب "التمييع"، وخلال الأشهر السبعة التي قضيتها معه قبل أن أنتقل إلى "الفيصلية" لم أصل إلى نتيجة "مكانك سر"، لذا وجدتها فرصة لأبتعد عن العمل معه قطعيا.

هنا "الفيصلية"

انتقل الأمير محمد بن خالد للعمل نائبا لرئيس مجموعة الفيصلية ليدير بذلك أكثر من خمسة آلاف موظف، في الوقت الذي لم يكن فيه ليدير موظفا واحدا في حياته، وهنا يقول الأمير محمد: "حتى القهوجي الذي كان يصب لنا القهوة في البنك كنت أعتبره زميلا ولا أستطيع أن آمره بأكثر من أحضر لي كوبا من الشاي أو فنجالا من القهوة".
ومنذ شهر أيار (مايو) 1997م إلى هذا اليوم (10 سنوات) والأمير محمد بن خالد يقود مجموعة من أكبر البيوت التجارية في العالم، قضى فيها خمس سنوات نائبا للرئيس والخمس الباقية رئيسا للمجموعة التي أصبحت قابضة.
يقول الأمير محمد بن خالد "لقد ساندني خلال تلك المرحلة فريق مؤهل من القيادات الذين أعتز بهم كثيرا، ولهم الفضل بعد الله بأن أكون صاحب خبرة ناجحة في مجال المال والأعمال ولولاها لما كنت أمامكم في هذا اللقاء".

لماذا الفيصلية؟

وتحدث الأمير محمد بن خالد عن "الفيصلية"، بأنها مجموعة قابضة لا تعتمد في قيادتها على الأسلوب الثابت، لأن كل ظروف وكل شركة وكل قطاع وكل وقت يتطلب قيادة بشكل معين ودماء معينة، وهي شركة تأسست على يد الأمير عبد الله الفيصل سنة 1969، بعد تركه القطاع الحكومي والاتجاه نحو القطاع الخاص، فهي ملك خاص للأمير عبد الله الفيصل يشاركه فيها محمد العريفي الذي عمل مديرا لها في الفترة نفسها تقريبا.
ومجموعة الفيصلية تعتبر واحدة من أكبر 20 شركة، ولديها مجموعة أعمال تقوم بإدارتها في ستة قطاعات، هي: الأغذية والمشروبات، البتروكيماويات، الأجهزة الإلكترونية، تقنية المعلومات، الأجهزة الطبية، الحلول والوسائط المتعددة، تجارة التجزئة، والعقار، إلى جانب الاستثمار المالي، وفيه أسهم الشركات المغلقة والشركات المساهمة وإدارة الأصول.
يقول الأمير محمد بن خالد: "إن الرؤية في مجموعة الفيصلية بكل اختصار هو أن تكون الشركة السعودية الرائدة في الشرق الأوسط، وهذا التوجه الإقليمي يجعلنا نفكر في خلق أعمال استثمارية ذات قيمة مضاعفة، وتوجهاتنا محكومة بقيم أساسية، وهذه القيم نؤمن بها كثيرا.

الخيار الأول للعاملين

وأوضح الأمير محمد بن خالد أن هذه القيم تتمثل في السعي الدائم نحو الامتياز، فأي عمل تقوم به المجموعة يجب أن يكون بأفضل طريقة ممكنة والامتياز في جميع الاتجاهات، النزاهة في جميع التعاملات، أن نكون الخيار الأول لراغبي العمل خاصة من السعوديين، خلق نوعا من المسؤولية الاجتماعية يفتخر بها المجتمع، إضافة إلى الارتقاء بسمعة الأعمال والشركات السعودية.
وأضاف: "استراتيجينا بكل بساطة هي منبثقة من الرؤية وهي تحقيق معدل نمو أرباح مستدامين ليست وقتية أو انتهازية من خلال التنمية الداخلية والخارجية للأعمال التي نقوم بمزاولتها، والعمل على تنمية الأعمال الأساسية للمجموعة وتطوير أعمال جديدة ذات ربحية معقولة".

أهيئ الجو المناسب للمديرين

وأفاد الأمير محمد بن خالد أن القيادة في مجموعة الفيصلية فريق واحد فيها نحو 17 شركة، إضافة إلى الشركة القابضة، وكل قطاع فيه شخصان، وهو العضو المنتدب والمديرون العامون، فإذا وجد لدينا نحو 30 إلى 35 إلى 40 قائدا، فمجموعة الفيصلية فريق قيادة وليس شخصا، الدور الرئيسي لي أنا في مجموعة الفيصلية، هو تهيئة البيئة المناسبة وتهيئة الجو المناسب لهذه القيادة لكي تهنأ، والحقيقة أنا في وضع أحسد عليه لأنني، أعمل مع أشخاص أكثر خبرة مني، وأكثر فهما، وأجد هذا الشيء مناسبا جدا، لا أجد أي تهديد أو تأثير عليه.

لست قائدا

وأضاف قائلا: "أنا لست قائدا لمجموعة الفيصلية، وإنما شخص في موقع قيادة، فهناك أشخاص في مراكز قيادية وهناك قادة، نحن لدينا فريق قائد لن أستطيع أن أنجز شيئا من دون وجود هذا الفريق، وأثق فيهم ثقة كاملة، وهم حقيقة أصحاب الدعم وأصحاب النصائح.
وتابع: "أنا أقولها بكل فخر: إنني منذ أن تسلمت رئاسة مجموعة الفيصلية لم أتخذ قرارا فرديا إلى الآن، فدائما قراراتنا مجتمعة وليست القرارات التي أتفق معها، ودائما أقول لنفسي لا يمكن أن أعتقد أن جميع الأشخاص غير فاهمين وأنا الوحيد الفاهم، فأنا أعرف حقيقتي جيدا وأعرف واقعي.. كيف أتيت إلى مجموعة الفيصلية وأنا لا أملك الخبرة الإدارية؟".

ليس بيننا أبطال

وخلص الأمير محمد إلى أسلوب القيادة في مجموعة الفيصلية، لا يوجد لديها قائد بطل، فقيادة البطل خطرة، لأن معظم القادة الأبطال في العالم العربي إما ذبحوا وإما شنقوا وأنا ليس لي الرغبة في السير في هذا الاتجاه".
وبين أن قيادة الأبطال تأتي بمسؤولية غير واقعية وغير منطقية لا يمكن تحقيقها بأي شكل من الأشكال، فهي تضع بالمسؤولية على كاهل شخص واحد، في الوقت الذي لا يوجد شخص يعرف كل شيء، أو يستطيع أن يتعامل مع كل شيء، فلماذا كل هذا الغباء بأن يثقل الشخص نفسه بالمسؤوليات، دون أن يملك العلم والمعرفة الكافية في كل شيء.

مواصفات الرئيس السيئ

وقدم الأمير محمد بن خالد بعض معايير الرئيس الجيد والرئيس السيئ بقوله: "إن الرئيس الجيد هو الذي يقود من خلال القدوة الحسنة وقيم المجموعة، وهو الشخص الذي يطبق ما يريد منك تطبيقه، لأن أسوأ شيء أن يطلب منك رئيسك تصرفات معينة أو عمل معين وتجده هو يخالف هذا الواقع، وهذا نطلق عليه فاقد مقدرة القيادة"، والرئيس الجيد هو الشخص الذي لديه القدرة أن يتحدث معك في كل الأمور.
أما الرئيس السيئ "فهو الشخص الذي يضع بينه وبين مرؤوسيه حاجزا لأنه ليس لديه الثقة وليس لديه القدرة على أن يتحدث معهم أو يواجههم، وكم من رئيس سيئ، تجده يضع حاجزا بينه وبين موظفيه سواء كان خوفا منهم أو لأي شيء آخر، لأنه يعرف تماما حقيقة أنه ليس أهلا لهذا المنصب، وإذا تحدث إلى مرؤوسيه قليلا سيكتشفون حقيقته".
وفي ختام اللقاء أجاب الأمير محمد عن أسئلة شباب الأعمال الذين أبدوا إعجابهم بتجربته وطريقة حياته العلمية والعملية المليئة بالعطاء.