البديل للحساب الجاري المدين
يعد تمويل رأس المال العامل من أهم أسباب اتجاه الشركات للمصارف للحصول على تمويل لسداد التكاليف التشغيلية من خلال الحساب الجاري المدين (السحب على المكشوف)، وكانت مشكلة لدى المصارف الإسلامية هو توفير السيولة النقدية للشركات بديلا عن الحساب الجاري المدين.
ويقصد برأس المال العامل مجموع النفقات التشغيلية للمشروع والتي تتضمن تكاليف دفع الأجور، شراء المواد الخام، مصروفات التعبئة والتغليف، تكلفة الحملة التسويقية، وبمعنى آخر يمكن القول إن رأس المال العامل = الخصوم المتداولة - الأصول المتداولة.
وتحتاج غالبية الشركات إلى تمويل نقدي وخاصة الشركات الصناعية، حيث يستغرق غالبية رأس المال المصدر في تمويل شراء الأصول الثابتة والعقارات ومن ثم تحتاج هذه الشركات الصناعية إلى تمويل العملية التشغيلية وهو ما يسمى "بالثغرة التمويلية" لتمويل شراء المواد الخام ودفع الأجور كأهم تلك البنود، كما تحتاج الشركات الأخرى مثل شركات المقاولات إلى تمويل تنفيذ المشاريع وخاصة في مجال استئجار الآليات الكبيرة وكذلك المواد الخام اللازمة لتنفيذ المشاريع وخاصة متوسطة الأجل.
وكان المخرج أمام تلك الشركات هو الحصول على تمويل بسعر الفائدة من خلال التقدم لبنك تقليدي للحصول على تمويل نقدي لرأس المال العامل من خلال "الحساب الجاري المدين" وتقديم ضمانات تتمثل في أصول عقارية أو أسهم إضافة إلى الكفالات الشخصية.
وقد بدأت المصارف الإسلامية في العمل علي إيجاد بدائل يتم من خلالها تمويل رأس المال العامل وتوفير سيولة نقدية للشركات الصناعية والعقارية وذلك من خلال البدائل التالية:
1. المشاركة المتغيرة: ويتم ذلك عن طريق دخول البنك كشريك في المصنع أو المشروع بحصة تمويلية وبنسبة محددة وذلك بعد إجراء التحليلات الائتمانية والتأكد من جدوى المشروع، ويتم توزيع أرباح المشروع في نهاية العام طبقا لحصة البنك وحصة صاحب المشروع، وقد طبقت هذه الصيغة ببعض البنوك السعودية وحققت معدلات ربحية عالية على الرغم من المخاطر التي قد تحيط بتطبيق تلك الصيغة والتي تحتاج إلى خبرة متميزة من العاملين، وجرأة من إدارات الائتمان.
2. مرابحة الاعتمادات المستندية: وتعد من أكثر الصيغ انتشارا وتستخدم المرابحة في تمويل شراء المواد الخام أو المعدات اللازمة للمشروع سواء كانت من الداخل أو من الخارج، وتقتصر هذه الصيغة على تمويل بند المواد الخام فقط.
3. بيع السلم: ويتم تمويل العميل عن طريق قيام المصرف بشراء المنتجات التي ينتجها العميل قبل تصنيعها بحيث يشتري المصرف المنتج (عن طريق صيغة بيع السلم) ويدفع القيمة مقدما نقدا ويستلم السلعة لاحقا (بعد الإنتاج) ثم بيعها إما عن طريق السلم الموازي فور توقيع عقد السلم الأصلي، أو عن طريق بيع المرابحة إذا كانت السلعة تتميز بزيادة الطلب عليها في السوق.
4. التأجير: وتعد من الصيغ التي وفرت المعدات اللازمة للمشاريع وخاصة المشاريع العقارية من خلال شراء المصارف الإسلامية للمعدات وتملكها ثم تأجيرها للعملاء مع الوعد بالبيع في نهاية المدة أو بيعها لشركات أخرى.
وتجدر الإشارة إلى إنه حتى يمكن تطبيق تلك الصيغ بفاعلية يجب توافر مجموعة من العوامل من أهمها توافر موارد بشرية مؤهلة للقيام بتطبيق تلك الصيغ، مع وضع مجموعة من الإجراءات المحاسبية وأدلة نظم العمل بما تتضمنه من دورة مستندية وعقود شرعية، وقبل ذلك قيام القائمين على المصارف الإسلامية بتشجيع العاملين على الدخول في تلك الصيغ وتحمل جزء من المخاطر مقابل ربحية أكبر.