شركات المساهمة العامة وأهمية الالتزام بالبرنامج الزمني للمشاريع

[email protected]

شركات المساهمة العامة التي تستمد نجاحها من نجاح مشاريعها، مطالبة دائماً باحترام التواريخ التي وعدت بها المستثمرين والسوق التي تعمل فيها. فتسليم المشاريع بنجاح وفي الموعد المحدد له تأثير كبير في قيمة أسهم الشركة المعنية، على اعتبار أن عائدات الاستثمار لا يمكن أن تتحقق إلا باكتمال تلك المشاريع.
وبعبارة أخرى، إن الالتزام بالمواعيد الرئيسية لإنجاز المشاريع يتسم بأهمية كبرى بالنسبة للمستثمرين من أجل تحديد القيمة العادلة لأسهم الشركة. والواقع، أن الإخفاق في تحقيق تلك المواعيد قد يلحق أضراراً مالية بالشركة من خلال الشروط الجزائية، وفقدان ثقة العملاء، وتأخر استعادة مبلغ الاستثمار، فضلاً عن خسارة الحصة السوقية لصالح الشركات المنافسة.
بيد أن التحدي الذي يواجه هذا النوع من المؤسسات، يتلخص في أن البرنامج الزمني لإنجاز مشاريعها يقوم على افتراضات لا يمكن الجزم بصحتها أو عدمها إلا بمرور الوقت. ومع ذلك، لا بد من الأخذ بالاعتبار هذه الافتراضات بغض النظر عن طبيعة المشروع، في الوقت الذي يوجد فيه العديد من الجوانب غير المحسومة التي قد تؤثر في المدة المتوقعة لإنجاز كل نشاط أو مرحلة من مراحل المشروع المعني. ويضاف إلى ذلك، أن هذه الشركات تميل عادة إلى الإعلان عن مواعيد اكتمال المشاريع في مراحل مبكرة، وقبل أن تتوصل إلى رؤية واضحة حول المتطلبات المحتملة للمشروع المعني.
وربما تفضل تلك المؤسسات الإعلان عن التواريخ الرئيسية للمشروع بناءً على برنامج قوامه الفترات الزمنية الأكثر واقعية، أو برنامج مغامر يتضمن فترات زمنية أقل واقعية، أو برنامج حذر يقوم على نشاطات فتراتها الزمنية أطول من الفترات الأكثر واقعية، أو برنامج تكتيكي يعتمد على تقديرات زمنية غير واقعية تم إقرارها من أجل إنجاز المشروع في تاريخ محدد مسبقاً يلبي متطلبات العميل أو مذكور في العقد.
وبناء على ذلك، فإن وضع برنامج زمني للمشروع يتضمن تواريخ ومواعيد يكون مستوى الثقة في تحقيقها عالياً، يجب أن يتم من خلال تحليل وتقييم مفصل لجميع المخاطر المحتملة. وبما أن برنامج أعمال المشروع يعتمد على مدة وتسلسل مجموعة من النشاطات المرتبطة ببعضها، فإن تقييم مستوى مخاطر كل نشاط على حدة سيكون مضللاً ومن دون أي قيمة. ولذلك فإن وضع تصور لتأثير الجوانب غير المحسومة على برنامج المشروع، عن طريق قياس مستوى الأداء عدة مرات، سيوفر تقييماً لمدى إمكانية إنجاز المهام وفق التواريخ المتفق عليها.
ويمكن تطوير هذا التصور من خلال أسلوب يعرف باسم "محاكاة مونت كارلو"، حيث يتم التعامل مع النشاطات من خلال ثلاثة تقديرات زمنية متفائلة ومتشائمة وكبيرة الاحتمال. كما تأخذ هذه المحاكاة بعين الاعتبار، تأثير النشاطات الممكنة التي قد لا تكون مدرجة في برنامج المشروع، إضافة إلى احتمالات وجودها، ومنها على سبيل المثال، ظهور صخور أثناء عملية حفر وإزالة التربة من موقع المشروع. ويضاف إلى ذلك، أن هذه المحاكاة توفر تصوراً لتسلسل النشاطات بناءً على ما يجري من أحداث لها علاقة بنتائج تقديم طلب الحصول على موافقة ضرورية مثلا، بما في ذلك القبول أو القبول المشروط أو الرفض.
وعندما تكتمل محاكاة البرنامج، يمكن للمؤسسة أن تراجع نتائج التحليل لتحديد مدى إمكانية إتمام المشروع في يوم معين. وتتضمن هذه المحاكاة النشاطات التي يحتمل أن تكون ضمن المسار الحرج للمشروع نظراً لما يتضمنه البرنامج من جوانب غير محسومة.
ومن شأن ذلك أن يتاح للمؤسسة تحديد إجراءات إدارة المخاطر التي يجب أن تتخذها لخفض مستوى الارتياب الذي يحيط ببعض النشاطات الحساسة جداً من أجل تعزيز فرص إتمام المشروع في الوقت المناسب. وهذا الأمر يمكن أن يتحقق إما بمحاولة تجنب الأسباب التي يمكن أن تقف وراء هذه المخاطر، وإما تحديد الإجراءات الوقائية التي يمكن اتخاذها لخفض احتمال ظهور تلك المخاطر، أو حتى من خلال تحويل المخاطر إلى طرف ثالث عن طريق تعهيد المهام ذات الصلة بها. وإلى جانب ذلك، قد تفضل المؤسسة إضافة هامش زمني إلى مدة المشروع، بحيث يستخدم كمخزون احتياطي في حال تحققت إحدى المخاطر التي جرى قبولها.
وتنبع أهمية هذا التحليل من أنه يتيح للمؤسسة تحديد تواريخ المشروع الرئيسية ومستوى الثقة في تحقيقها. وعادة ما تختار المؤسسات المستوى الذي يراوح بين 70 و90 في المائة في أسوأ السيناريوهات، أي بمعنى أنها تميل إلى ترحيل 10 إلى 30 في المائة من المخاطر إلى الهامش الزمني الاحتياطي للمشروع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي