5 أقمار صناعية أمريكية للكشف عن مصدر الألوان في الفضاء

5 أقمار صناعية أمريكية للكشف عن مصدر الألوان في الفضاء

تعتزم وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، قريبا، إطلاق أسطول مكون من خمس سفن فضاء لمعرفة أسباب ظاهرة الشفق الضوئي فوق قطبي الأرض الذي يتوهج فجأة إلى أضواء متلألئة متعددة الألوان. وتعد هذه أول محاولة تُطلق فيها ناسا العديد من الأقمار الصناعية على متن صاروخ واحد. وسيتم وضع السفن الخمس المثماثلة في مدارات داخل المجال المغناطيسي الذي يحيط بالكرة الأرضية بغرض البحث عن مصدر تفجرات الطاقة المفاجئة التي تبعث على الأضواء في القطبين الشمالي والجنوبي.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، تأتي هذه السفن الفضائية كجزء من مهمة أُطلِق عليها اسم "Themis" وتهدف إلى البحث عن نقطة انطلاق العواصف الثانوية التي يمكن أن ترتفع خلال دقائق فتعمل على بعث الشفق وتحرير انفجارات ذات إشعاع محتمل الضرر.
إن الشمس دائما ما تملأ الفضاء بجسيمات مشحونة، بالإضافة إلى إشعاعات أخرى من خلال التوهجات الشمسية، أو الانفجارات الكبيرة التي تدعى تأثيرات كتلة الهالة المنبعثة. ويقوم المجال المغناطيسي للكرة الأرضية بحماية الأرض من معظم هذه الرياح الشمسية عن طريق اصطياد هذه الجسيمات عالية الطاقة وتحويل مسارها حول الكوكب، بما يشكل ما يعرف باسم الغلاف المغناطيسي. ولكن بعض هذه الجسيمات عالية الطاقة يتسرب من الغلاف المغناطيسي ويمر خلال الغلاف الجوي إلى قطبي الأرض مصطدمة بجزيئات الهواء، الأمر الذي يؤدي إلى توهج الجو على شكل ضوء مائل إلى الاخضرار.
يتألق هذا الوهج الأخضر في صورة هالات بيضوية تحيط بالقطبين الشمالي والجنوبي. وأحيانا ما تنشأ الطاقة داخل المجال المغناطيسي حتى تتحرر فجأة إلى ما يعرف باسم العاصفة الثانوية، التي تطلق تيارا كهربائيا يحول الوهج إلى ألوان حمراء، وأرجوانية، وبيضاء نابضة. وتم إنتاج هذه السفن الفضائية على يد مختبر علوم الفضاء بجامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي بالتعاون مع مؤسسة Swales Aerospace of Beltsville في ولاية ميريلاند.
ويقول الدكتور فاسيليس أنجيلوبولوس الباحث الفيزيائي في جامعة كاليفورنيا والمشرف على هذه المهمة إن "هدفنا هو التوصل بشكل نهائي إلى منشأ العواصف الثانوية ومعرفة الأسباب التي تؤدي إليها". مضيفا "بذل العلماء جهودا لأكثر من 30 عاما في البحث وراء موقع انطلاق هذه الانفجارات الطاقية. تبدأ العاصفة الثانوية من نقطة واحدة في الفضاء ثم تتقدم إلى ما وراء مدار القمر خلال دقائق، ولذا لا نستطيع تحديد منشأ العاصفة الثانوية بواسطة قمر صناعي وحيد".
وتابع "إن العواصف الثانوية ظاهرة متكررة الحدوث، حيث تظهر في أي وقت حتى في فترات انخفاض النشاط الشمسي. كما أنها تظهر أيضا خلال العواصف الكُبرى التي تسببها الانفجارات الشمسية المنتظمة، بما يضيف إلى قدرتها التدميرية. إن حدوث سلسلة من العواصف الثانوية يستطيع أن ينتج طاقة متراكمة تؤدي إلى إحداث أضرار".
ومن الممكن أن تؤدي العواصف الشمسية، على حد قول الخبراء، إلى التسبب في ضرر أو إعاقة الاتصالات وأقمار الملاحة بنظم تحديد المواقع، وقطع شبكات الطاقة الكهربائية، وتعريض رواد الفضاء أثناء وجودهم بالفضاء إلى خطر الإشعاع. يقول الدكتور أنجلوبولوس إن "ثيمس" تمثل حجر الأساس لتفسير ظواهر الفضاء الجوي التي تؤثر على حياتنا.
وصرح بيتر هارفي، مدير مشروع المهمة بالجامعة، قائلا إنه "من المقرر أن يتم إطلاق مجموعة سفن الفضاء الخمس على متن الصاروخ Delta II من قاعدة كيب كانافيرال، في ولاية فلوريدا، في 15 (شباط) فبراير. وسيتم تخصيص أربع سفن فضاء لعمليات الرصد، بينما ستعمل سفينة الفضاء الخامسة كمركبة احتياطية داخل المدار. وستتكلف المهمة 200 مليون دولار. وستبدأ الأقمار الصناعية، التي تأخذ حجم غسالات الأطباق، في الإبحار بمحاذاة مدار الأرض لمدة عشرة أشهر حتى تصطف خلال ظل الأرض مثل عقد الخرز، بحيث يتمركز قمران في سدس الطريق إلى القمر، والآخران في منتصف الطريق تقريبا. وبحلول (شباط) فبراير 2008، ستبدأ هذه الأقمار مهمتها في جمع القياسات كل أربعة أيام لتحديد أين ومتى تبدأ العواصف الثانوية.
وللحصول على بعد إضافي لدورات الحياة الخاصة بهذه العواصف الثانوية، سيتم تنسيق القياسات التي تلتقطها الأقمار مع قراءات مراصد أرضية يبلغ عددها العشرين تنتشر فوق ألاسكا وكندا. وهذه المراصد الشمالية مجهزة بكاميرات دقيقة جدا وأجهزة استشعار مغناطيسية تقيس التيارات الموجودة في الفضاء القريب من الأرض. وتوقع د. أنجيلوبولوس أن تقوم الأقمار الصناعية برصد ما يزيد على 30 عاصفة ثانوية خلال مدة المهمة، وهو ما سيؤدي إلى إضافة إسهام كبير في فهم فيزياء الفضاء. وقال "إن مهمة ثيمس تتسم بالأهمية البالغة؛ لأننا نشاهد هذه العملية الفيزيائية الأساسية نفسها حول جميع الكواكب. فالعواصف الثانوية تحدث فوق الشمس على صورة توهجات شمسية، وتحدث في الظواهر المتعلقة بالفيزياء الفلكية مثل ظاهرة الثقوب السوداء. من المدهش أننا ما زلنا لا نفهم العواصف الثانوية على الرغم من كونها قريبة منا جدا، ونحن هنا على الأرض".

الأكثر قراءة