إنكار التغير المناخي .. صناعة تدرّ ملايين الدولارات
إنكار التغير المناخي .. صناعة تدرّ ملايين الدولارات
أحد أسباب عدم تبني سياسات في الدول الغربية مواجهة موضوع التغيير المناخي، الحملة المضادة التي شنتها بنجاح الشركات المتضررة، وعلى رأسها تلك النفطية، ما أدى إلى تعطيل اتخاذ أي مبادرات ذات قيمة لفترة عقد من الزمان على الأقل.
والمثال الذي يذكر للتدليل على صحة هذه المقولة شركة إكسون موبيل، التي تتهم بأنها تقوم بتقديم تمويل في شكل تبرعات للعديد من الجمعيات وبعض مراكز الأبحاث لدحض الآراء الخاصة بالتغيير المناخي والتشكيك في علميتها، وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمدته شركات السجائر في مواجهتها الحملة ضد التدخين، وأنه أحد الأسباب المؤدية إلى سرطان الرئة.
وفي كتاب صدر أواخر العام الماضي تحت عنوان "حرارة" لمؤلفه جورج مونبيوت، تحدث عن "إكسون موبيل" واصفا إياها بأنها أكبر شركة تحقق أرباحا، وأن مبيعاتها اليومية تبلغ نحو مليار دولار، ومعظمها من تجارة النفط الخام ومشتقاته، ولهذا فإن أي تغيير يمسّ هذه الصناعة عبر التحول إلى مصادر بديلة للطاقة أو تغيير في أسلوب تسيير قطاع النقل أو مواجهة موضوع الانبعاثات الغازية بأي صورة من الصور، سيؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصناعة النفطية وربحيتها.
إحدى الوسائل إتباع أسلوب التشكيك وإثارة التساؤلات عن تأثير مثل هذه السياسات في الأوضاع الاقتصادية، وهو أكبر عامل نجح في دفع العديد من الحكومات الغربية في إبطاء خطاها خوفا من الانعكاسات السلبية في شكل تباطؤ أو تصاعد في أعداد العاطلين عن العمل.
وفي العام الماضي شهدت بريطانيا مؤتمرا لدعاة حماية البيئة وضرورة اتخاذ قرارات سياسية بشأن قضايا التغير المناخي، لكن المناهضين عقدوا مؤتمرا في التوقيت ذاته في بريطانيا نفسها، الأمر الذي جعل التغطية الإعلامية تتوزع بين الإثنين.
المتابعون لهذا الجانب قاموا بأبحاث اعتمدت على معلومات رسمية من "إكسون موبيل"، وتوصلت إلى أنها تسهم في تمويل نحو 124 منظمة تتبنى في النهاية خطا واحدا يقوم على عدم وجود رأي قاطع حول قضايا التغير المناخي، وأن العلماء في حال اختلاف في تقديراتهم، وأن الجماعات النشطة في ميدان البيئة تبدو أقرب إلى الهوس.
وتضم قائمة المنظمات ومعاهد البحث بعض الأسماء المشهورة، مثل معهد كاتو، مؤسسة هيرتج، مركز دراسة الكربون ديوكسايد والتغيير العالمي، إلى جانب بعض منظمات المجتمع المدني التي تعمل على المستوى القاعدي.
ومع أن هذه المؤسسات تتركز في الولايات المتحدة، إلا أن آراءها من خلال مطبوعاتها وشهادات المسؤولين فيها تنتشر في أنحاء الكرة الأرضية، الأمر الذي دفع صحيفة "الأوبزرفر" البريطانية الأسبوعية إلى وصفها بأنها صناعة الإنكار التي يبلغ حجمها مئات الملايين من الدولارات.