اقتصاد الدولة .. المؤسسة

اقتصاد الدولة .. المؤسسة

اقتصاد الدولة .. المؤسسة

[email protected]

تتسابق الدول المتقدمة لبناء اقتصاداتها بهدف ضمان استقرارها السياسي والاجتماعي كما عملت اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كانت التنمية الاقتصادية خيارها الاستراتيجي ولم يكن العسكري لبناء قوتها والحفاظ على كيانها. وقد كانت رؤيا امبراطورها وقراءته للمستقبل ثاقبة لأن مسؤولية الحفاظ على الدولة القوية اقتصادياً ليست عليها وحدها إنما هي مسؤولية دول العالم أجمع التي تستهلك وتستخدم صناعاتها ومنتجاتها ومن غير الممكن أو حتى المستحيل العيش من دونها فهل يعقل العيش من دون اليابان؟
ومع انطلاق العصر الجديد عصر العولمة وحمى التدافع على الانضمام إلى نادي منظمة التجارة العالمية عكفت بعض الحكومات الذكية التي يخلدها التاريخ على قراءة وفحص وفك رموز تلك الوثيقة بهدف وضع الخطط الاستراتيجية التي تحقق المنفعة القصوى من الانضمام لها مما يمكنها من الفوز بمقعد ضمن الدول الأعلى دخلاً والأكثر رفاهية. وإلى أن يلحظ الجيران القريبون منها نجاحاتها تكون تلك الدولة قد حصلت على مكانة أو حصة عالمية من الصعب جداً انتزاعها منها في ظل إيمانها بأهمية الأبحاث والتطوير فلننظر إلى بعض الأمثلة الرائعة الناجحة في الشرق الأقصى مثل اليابان، تايوان، سنغافورة، وهونج كونج كمثال رائع للنجاح والتقدم والتطور والعكس جيران لهم مثل كوريا الشمالية، ماليزيا، والفلبين والمثال هذا ينطبق على دول كثيرة في جميع القارات السبع.
كيف لنا في المملكة أن نستفيد من التجارب الناجحة وعلى الأخص أنه بالإمكان فعل ذلك فالثروات متوافرة ولله الحمد والعمر السكاني منخفض وهذا يساعد على تنفيذ برامج التغيير والتعداد السكاني محدود وهذا يرفع الضغط عن الحكومة وواضعي السياسات للتعامل مع المشاكل الحالية. والموقع الجغرافي استراتيجي ويتمتع بالمساحة الشاسعة والشواطئ الطويلة وأهم من ذلك كله أنعم الله علينا بحكومة رشيدة فالحكومات عدوة الشعوب والأمثلة السيئة كثيرة أبرزها الدولة العراقية التي عاش شعبها عقوداً من الزمن في ظل غياب الأمن والأمان والصحة بالرغم من الثروات التي تتمتع بها وهذا بسبب التصرفات العوجاء لقادتها.
لن نكون ولن تكون أية دولة مثلاً يقتدى به وتجربة ناجحة إلا إذا بحثت عن الأفضلية في كل عمل تعمله سواء في التعليم أو الصحة أو الأعمال وغيرها من الأنشطة ولكن ماذا يجب أن نكون في مملكتنا الحبيبة؟. إذا أردت أن أتأهل إلى نادي الدول الأكثر نجاحاً فلا بد أن أشترك في النادي ومتطلبات الاشتراك أن أكون دولة دخل الفرد فيها عال والرعاية الصحية المتوافرة من الأفضل في العالم والمستوى التعليمي وجامعاتنا تنافس على المراكز الأولى في العالم أنظمتنا وقوانيننا واضحة ومحدثة ومنشورة للجميع وتطبق بفاعلية. السؤال: هل من الممكن أن نكون؟
كانت اليابان وهي أرض جرداء تقبع في أقصى الأرض ومساحتها صغيرة وبيئتها مضطربة كيف بنا والله أنعم علينا بالمساحة الشاسعة والموقع الاستراتيجي والشواطئ الطويلة من الشرق والغرب وهذه ميزة قل ما تتوافر. والمملكة تعتبر الأغنى باحتياطياتها من النفط، حيث تبلغ احتياطياتها من النفط المكتشف أكثر من 261 مليار برميل ويمثل ذلك ربع احتياطي العالم والأكبر في الإنتاج والتصدير.
ناهيك عن النعم الأخرى فلدينا مخزونات من الغاز الطبيعي تصل إلى 242 مليار قدم مكعب وتحتل المركز الرابع في الإنتاج عالمياً وثروة معدنية كالزجاج، الفوسفات، الحديد، الذهب، والنحاس.
لقد أنعم الله علينا بالموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط الشرق بالغرب والمساحة الشاسعة والتعداد السكاني المقبول فلو كنا شعب الخمسين أو المائة مليون لاختلفت الأولويات ولربما صعبت أو حتى استحالت الحلول. وأنعم الله علينا بالثروات الهائلة المتنوعة والتي تزداد الحاجة إليها والاعتماد عليها كلما ولد مولود على سطح الأرض فالطاقة يحتاج إليها من سكن الأرض أو من ذهب في رحلة إلى القمر.
وكمل الله تلك النعم بأن سخر لنا حكومة رشيدة بقيادة القائد القوي الذي جعل أول جولة عالمية له هي اقتصادية بحتة، القائد الأب الضعيف الذي دمعت عيناه عندما شاهد أبناء الشهداء، الذي صعب عليه نطق كلمة "الفقراء".
إذاً أين يقع القصور؟ لماذا لا نكون - والله أنعم علينا بكل تلك النعم - الشعب الأكثر علماً جراء النظام التعليمي الأفضل؟ لماذا لا نكون الشعب الأكثر صحة في ظل توافر المال والأرض والبشر؟ لماذا لا نكون الشعب الأكثر رفاهية جراء الدخل الأعلى للمواطن؟ كيف بالأمة أن تكون رائدة وقائدة للأمم الأخرى في شتى المجالات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها وغيرها؟ إن المال وحده لا يصنع الريادة فهو إما نعمة يتم تسخيره لبناء أمة رائدة قوية عظيمة أو نقمة يؤدي بالأمم إلى الهلاك. بالمال نستطيع أن نبني أفضل الأنظمة التعليمية التي تخرج أفضل الطاقات البشرية، وبالمال نستطيع أن نبني أفضل المستشفيات والمراكز الصحية ويشغلها خريجو أفضل الجامعات السعودية، بالمال نستطيع أن نبني أفضل المباني والمراكز والمعاهد ونضع أفضل البنى التحتية من شبكات صرف صحي واتصالات ومياه ومواصلات وغيرها وغيرها. لدينا ولله الحمد والمنة من المال الكثير فهل من الممكن أن نصحو ونبدأ نصنع التاريخ ونضع بذوره اليوم ليجني ثماره أجيال وراء أجيال فالله قد امتحننا بسبع عجاف مرت بنا العقد الميلادي الماضي ومنذ عام 1999 ونحن نعيش في سبع سمان، فهل نؤسس لسبع عجاف مقبلة والله المستعان.

الأكثر قراءة