احلق لحيتك واحصل على عمل

[email protected]

نشرت صحيفة "الشرق الأوسط" في عددها رقم 10253 يوم الأحد الماضي 4 ذو الحجة الموافق 24/12/2006م، خبراً يفيد أن زعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني رئيس وزراء ولاية راينالند بفالز الألمانية كورت بيك (وهو ملتح) دعا العاطلين عن العمل إلى حلق لحاهم والعناية بهندامهم كي يحصلوا على مواقع عمل، حدث ذلك عندما لقي بيك معارضة شديدة من أحد الشباب الألمان خلال ندوة حيث أدان هذا الشاب سياسة بيك وحزبه وأكد أنها السبب في بطالته, مما دفع بيك إلى أن يقول له "اذهب وشذب شعرك الطويل وأزل الحلقات من أنفك وأذنيك .. وستحصل على عمل".
وقام الشاب هنريكو فرانك (33 سنة) بما وجهه إليه رئيس الوزراء بيك وقرر حلق لحيته أمام عدسات الصحافة وحسن هندامه أمام الكاميرات مما جعله يحصل على لقب "أشهر عاطل في ألمانيا", الأمر الذي أحرج بيك حتى أشيع أنه أوعز لبعض أرباب العمل ليقدموا عروضاً لفرانك "الحليق"، ونتيجة ذلك حصل فرانك خلال الأيام القليلة الماضية على ثمانية عروض عمل من جهات مختلفة مثل: عامل بناء، صباغ، غاسل صحون في مطعم، وكناس.. إلا أن فرانك رفض الرد على كل هذه العروض, مما جعل الصحافة تضع علامة استفهام حول جديته في الحصول على عمل, كما أن نقابة العاطلين عن العمل وجهت له نقداً صريحاً, مما جعل لقبه يتحول من "أشهر عاطل عن العمل" إلى "أوقح عاطل عن العمل". وذلك بسبب رفضه العمل.
إن في هذه القصة الكثير من جوانب الشبه لما يحدث في كثير من دول العالم العربي فضلاً عما يحدث في المملكة، وعلى الرغم من أن وزارة العمل لدينا لا تطلب من العاطلين في المملكة حلق لحاهم للحصول على عمل, وعلى الرغم من أن العاطلين ليس لديهم حلقات في أنوفهم أو آذانهم إلا أنه كثيراً ما يعرض على العاطلين أعمال متنوعة فلا يقبلون بها لأعذار متعددة, منها أن طبيعة العمل غير مناسبة فبعض العاطلين يتعذر بأنه يفضل العمل المكتبي ولا يرغب في العمل الميداني أو أن موقع العمل بعيد عن منزله أو أن الأجر المعطى في هذا العمل زهيد أو غيرها من الأعذار الأخرى.
إنني أعتقد أن المشكلة ليست في فرص العمل فهي موجودة ومتوافرة ولكن المشكلة في الطموحات والتوقعات الموجودة لدى كل طرف سواءً كان العاطل أو صاحب العمل, فصاحب العمل يبحث عن قدرات ومؤهلات معينة سبق أن وضع مقابلها مميزات مادية واضحة, وفي المقابل فإن العاطل وضع أمام عينيه وظيفة بمواصفات معينة لا يقبل بغيرها وإن قبل فلا يستمر فيها بل يسعى إلى الحصول على أفضل منها – في تقديره – وذلك لعدم ملاءمتها له.
إن العاطل عن العمل أمامه خياران وهو القبول بوضعه الحالي وهو عاطل عن العمل يستجدي الآخرين أن يقدموا له شيئاً من المال مصراً على عدم قناعته بما هو مقدم له من فرص عمل أو الموافقة على ما هو معروض عليه من فرصة عمل وإقناع نفسه بأن العمل مهما كانت طبيعته ليس عيباً بل العيب هو البقاء عاطلاً دون عمل، وهذا هو ما نحتاج إليه لتربية أبناءنا عليه وأن نعمل دائماً على توجيههم إلى أن العمل شرف وعبادة وأننا يجب أن نسعى دائماً إلى أن نكون عاملين منتجين وأن العبرة ليست بالمظهر أو الشكل أو طبيعة العمل, بل العبرة بما يحققه المرء من إضافة في هذه الحياة سواءً عمل في أعمال مهنية أو إدارية أو غيرها من الأعمال، فهناك العديد من المديرين الكبار الذين يتقلدون أعلى المناصب لا إنتاجية لهم بل هم عقبة في كثير من المشاريع وفي المقابل هناك من يكدح ويعمل بجد واجتهاد ويأكل من عرق جبينه، وهؤلاء هم من يفتخر المجتمع بوجودهم وإنتاجيتهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي