كيف انتشرت الثورة الصناعية في دول التنانين الـ 4؟
تشكل اليابان مع التنانين الأربعة الصغيرة (تايوان وكوريا الجنوبية وهونج كونج وسنغافورة) نحو 1 في المائة من مساحة الأراضي وأقل من 4 في المائة من عدد السكان في العالم. في العقود الأربعة الأخيرة شكلت هذه البلدان الركن الثالث الأساسي في النظام العالمي الصناعي الحديث مع أوروبا وأمريكا الشمالية.
قامت الثورة الصناعية على أساس تحويل النظام الاجتماعي الاقتصادي في مجتمع ما بحيث تهيمن فيه الصناعة. بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا في أواخر القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر، وقادت ثورات صناعية مماثلة في دول أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية.
تتضمن الثورة الصناعية بطبيعتها تطورات تكنولوجية واجتماعية هائلة، فتحرير العمال من سيطرة الإقطاع تسبب في نشوء سوق حرة للعمالة ووجود دور أكبر لرجال الأعمال.
دخل العديد من دول العالم الثالث في طور الثورة الصناعية تحت تأثير إحدى القوتين العظميين: الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة بينهما. وشهد العديد من دول آسيا نجاحا كبيرا في ثورتها الصناعية، بينما تعثرت دول أخرى في مسيرتها الصناعية. تميزت الثورة الصناعية في اليابان ودول شرق آسيا بتحفيز وتعظيم دور أصحاب المشاريع الصغيرة ورجال الأعمال.
يتناول الكتاب تحقيق التنانين الأربعة هذا التحول الصناعي السريع، كما يتناول الأسباب التي جعلت هذه البلدان الآسيوية الصغيرة تمتلك مثل هذه الطاقة الهائلة في هذا الوقت المحدد من تاريخها.
يقدم مؤلف الكتاب عيزرا فوجيل، الذي يعد واحدا من أشهر الكتاب في الشؤون الآسيوية، شرحا متكاملا للقفزة الصناعية لشرق آسيا. يعزو البعض هذا النجاح الصناعي الآسيوي إلى السياسات الاقتصادية القومية، بينما يخترق فوجيل في تحليله تفاعل الخلفيات الاقتصادية مع السياسات والاستراتيجيات والعوامل الطارئة لإشعال جذوة أعظم نمو اقتصادي شهده العالم حتى الآن.
يصف فوجيل كيف تمكن كل واحد من التنانين الأربعة الصغيرة من اكتساب الاستقرار السياسي للاستفادة من الفرص المتميزة المتاحة للدول الآسيوية التي كان لديها إمكانات تصنيعية بعد الحرب العالمية الثانية.
يتتبع الكتاب كلا من هذه البلدان الأربعة وكيف شكل كل منها هيكلا واستراتيجية لدفع الثورة الصناعية، وكيف اكتسبت الشركات المهارات التنظيمية ورأس المال والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج سلع قادرة على المنافسة على المستوى العالمي.
يقدم الكتاب عرضا للإجابات المحتملة عن التساؤلات المطروحة على الساحة الاقتصادية العالمية حول النجاح الباهر الذي حققته اليابان، تايوان، كوريا الجنوبية، هونج كونج وسنغافورة في الصناعة، بينما تعثر باقي الدول النامية في طريقها إلى الثورة الصناعية.
يتميز الكتاب بأنه الأول من نوعه في استعراض عملية تطبيق التقاليد الكونفوشية، بما فيها من ممارسات ثقافية على حاجات المجتمع الصناعي، ما منح دول شرق آسيا ميزة تنافسية قوية من تطويع الثقافات المحلية استجابة للفرص العالمية ونشر قيم الثورة الصناعية من خلال الثقافات السائدة والمتأصلة في المجتمعات الآسيوية.