اختفاء 5 ملايين طن من السكر أدت إلى ارتفاع السلعة في السعودية
تعد الشركة المتحدة للسكر أحد الصروح الصناعية الرائدة في المملكة العربية السعودية التي تعمل تحت مظلة "مجموعة صافولا " وبرعاية برنامج التوازن الاقتصادي. وتأسست الشركة عام 1994م بالشراكة مع الشريك الأجنبي عملاق تصنيع السكر في العالم شركة تيت إن لايل البريطانية. وتم تدشين المصفاة عام 1997 من قبل الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام بطاقة إنتاجية تقدر بـ 500 ألف طن سنويا، وخلال عشرة أعوام من بداية التشغيل التجاري، استطاعت الشركة تحقيق موقع متميز في السوقين المحلية والخارجية من خلال جودة الإنتاج ومطابقته للمقاييس والمواصفات العالمية والسعودية. كما تمتلك الشركة حالياً واحدة من أكبر خمس مصاف لتكرير السكر في العالم، وتصل الطاقة الإنتاجية الحالية إلى 1.2 مليون طن من السكر المكرر سنوياً، وهو ما يمثل أكثر من ضعف ما تم إنتاجه في 1997م. وستتيح هذه الطاقة الإنتاجية العالية للشركة تعطي المزيد من الفرص لتنويع منتجاتها وتلبية احتياجات السوق المحلية وزيادة التصدير إلى الأسواق الخارجية، وهو ما يمثل رافداً جديداً للاقتصاد السعودي كذلك تسعى الشركة إلى زيادة طاقتها الإنتاجية إلى أكثر مليون ونصف طن سنويا.
لقد سجلت جودة السكر السعودي حضورا قويا في الأسواق العالمية والعربية، الأمر الذي مكنها من السيطرة على أسواق عديدة مثل أسواق الخليج والأردن ولبنان واليمن.. الزميل سعود التويم التقى الدكتور محمد حسن عجلان رئيس قطاع السكر في مجموعة صافولا وخرج بالحوار التالي..
كيف تمر مراحل تصنيع سكر الأسرة؟ وما الخطوات التطويرية المقبلة؟
يتم استخدام قصب السكر في إنتاج السكر الخام في موطنه والذي يمثل نحو 10 في المائة من كمية السكر الخام المستخرج منه. ويتم إنتاج سكـر الأسرة عن طريق إذابة السكر الخام وتحويله إلى محلول سكري يمر بعد ذلك بعدة مراحل ترشيحية فيزيائية يتم فيها فصل الشوائب العالقة.
يتم بعد مرحلة إزالة اللون وبقية الشوائب العالقة التي لم تتم إزالتها في مرحلة الترشيح، بعد هذه المرحلة يتم تحويل المحلول السكري حبيبات سكر بيضاء عن طريق عملية البلورة.
ومن ثم يتم نقله إلى منطقة التغليف لتعبئته في عبوات مختلفة، علما بأن جميع مراحل تصفية السكر تتم عن طريق عمليات طبيعية ولا تتضمنها أي عمليات كيميائية تحت مراقبة شديدة للجودة والسلامة الغذائية للتأكد من جودتها العالية ومطابقتها للمواصفات والمقاييس العالمية.
أما بشأن الخطوات التطويرية فإن الشركة تسعى دائما لتطوير عملياتها الإنتاجية بما يتوافق مع المواصفات العالمية واحتياجات المستهلك، ومن أهم الخطوات التطويرية التي قامت فيها الشركة هي إنشاء مصنع خاص للتجزئة (سكر الأسرة وبقية المنتجات) وبأحدث تقنيات التغليف.
كم يغطي إنتاجكم من السوق المحلية؟
يبلغ استهلاك المملكة من السكر نحو 930 ألف طن سنويا، حيث إن طاقة الشركة الإنتاجية تبلغ مليون ومائتي ألف طن، فإن الشركة تغطي نحو 90 في المائة من استهلاك المملكة العربية السعودية من السكر سواء الاستهلاك البشري المباشر أو الصناعي، وتقوم الشركة بتصدير الفائض من إنتاجها إلى أسواق الدول المجاورة وشرق آسيا.
هل تعتقد أن السعودية اليوم أصبحت بلدا مصنعا للسكر؟
أستطيع القول بكل تأكيد المملكة العربية السعودية أصبحت من الدول الرائدة في صناعة السكر وذلك بفضل الدعم الكبير من حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، حيث أصبح الطلب عاليا على السكر السعودي في الأسواق الخارجية نظرا للجودة العالية التي يتمتع بها, حيث يصنع السكر فيها محلياً وبتقنية حديثة وعالية, محققة الاكتفاء الذاتي, بل مصدرة السكر إلى العديد من البلدان, كالأردن، اليمن، لبنان والعديد من الدول العربية, وإنه لمن دواعي الفخر أن نحو 80 في المائة من السكر في الأسواق الأردنية, ذو مصدر سعودي والعديد من البلدان العربية, الجدير بالذكر أن الشركة استطاعت نقل تقنية تصنيع السكر المعقدة إلى المملكة وسعودة هذه الصناعة ويعــود الفضل في ذلك إلى الله، عز وجل، ومن ثم برنامج التوازن الاقتصادي الذي تعمل الشركة تحت مظلته، هذا وقد أصبح الشباب السعودي يتبوأ المراكز القيادية في الشركة سواء الفنية أو الإدارية.
بعد رفع الحماية عن السكر، هل تأثرت حصتكم في السوق المحلية؟
حرصت الشركة ومازالت، على التركيز في تخفيض تكلفة الإنتاج باستمرار حتى تتمكن من المنافسة العالمية في هذا المجال، كذلك التركيز على الجودة العالية والالتزام بها، وهذا كان له، ولله الحمد، الأثر الأكبر في عدم تأثر الشركة بعد رفع الرسوم الجمركية في 4 كانون الثاني (يناير) 2006، وحافظت الشركة على أدائها وحصتها في السوق السعودية.
كم بلغ حجم الإنفاق على سكر الأسرة للترويج له كعلامة تجارية مسجلة؟
خبرة التسويق هي من أهم ما تتميز وتفتخر به مجموعة صافولا، وهذا كان له الأثر الكبير في نجاح خططنا التسويقية. فقد استفادت الشركة المتحدة من خبرات شركة عافية العالمية للزيوت في مجال التسويق، وذلك عبر وضع خطط تسويقية طموحة خلال السنوات الخمس الماضية، حيث بلغت حصة سكر الأسرة في السوق السعودية من لا شيء عام 2001م إلى 75 في المائة نهاية 2006م في سوق السكر للتجزئة. وتركزت الخطة التسويقية على نقاوة هذا السكر وجودته العالية وتلبيته متطلبات المستهلك السعودي التي تعتبر من أعلى المواصفات العالمية كذلك تم إنتاج عدة عبوات استهلاكية مختلفة في عدة أحجام (1، 2، 5، 10 كجم) لتلبي رغبات المستهلكين.
أما بالنسبة للتكلفة فإنها توازي ما يصرف على أي سلعة غذائية استهلاكية تسعى إلى الريادة عالميا ومحليا.
كم حجم استهلاك السعودية من السكر ومعدل الزيادة السنوية، وإلى أين تتجه أغلب استخدامات السكر في الصناعات الغذائية؟
كما ذكرت سابقا تستهلك المملكة نحو 930 ألف طن من السكر سنوياً, وتعد صناعة المشروبات الغازية والحلويات والعصيرات والشكولاتة والمخابز من أهم المواد الغذائية التي يدخل السكر في صناعتها. وتعد نسبة النمو في استهلاك الصناعات للسكر بنحو 6 في المائة نظرا للنمو السكاني المتزايد وكثرة الطلب على الصناعات الحديثة وظهور صناعات غذائية.
من المعلوم أن أسعار السكر شهدت ارتفاعا متتابعا، ما أسباب ذلك؟
كان عام 2005م تاريخا مهما في صناعة السكر العالمية ويعود ذلك لرضوخ الاتحاد الأوروبي لطلبات منظمة التجارة العالمية والعديد من الدول المنتجة للسكر بإلغاء الدعم عن السكر الأوروبي المصدر الذي تعتبره المنظمة عمليات إغراقية إلى خارج السوق الأوروبية. وهذا القرار أدى إلى اختفاء أكثر من خمسة ملايين طن من السكر الأوروبي الذي كانت دول الشرق الأوسط أكبر مستورد له. ونتيجة لهذا الانخفاض في الإمدادات فإن السوق العالمية تفاعل بسرعة كبيرة نحو الصعود في الأسعار لقلة العرض ونمو الطلب بحيث ارتفعت الأسعار العالمية إلى أكثر من الضعف خلال تسعة أشهر، حيث وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها مع بداية 2006م، ومن ثم انخفضت الأسعار قليلا ولكنها مازالت ترواح بين ارتفاع وانخفاض.
وقد قامت البرازيل كأكبر مصدر للسكر في العالم بزيادة إنتاجها ومساحتها المزروعة من القصب بحيث تم توازن الطلب مع العرض بنهاية 2006م. وهناك عامل آخر إذ إن السكر أصبح مصدرا للطاقة ومنافسا للبترول وذلك لأن السكر يستخدم في إنتاج الإيثانول الذي يستخدم بديلا لوقود السيارات. والمعادلة ببساطة عندما يرتفع البترول فإن السكر يرتفع معه والعكس صحيح.
هل الإعلام السعودي خدم العلامة التجارية؟
لقد لعب الإعلام السعودي العام والخاص دورا مهما, خاصة الصحافة السعودية التي تمارس سياسة النقد البناء وتوعية المستهلك بأهمية الصناعات الوطنية الجيدة والسلع المغشوشة التي تشوه سمعة ومكانة العلامات التجارية السعودية، وإن كان الإعلام قاسيا علينا بعض الأحيان ولكن نحن كقطاع خاص نعلم أن الإعلام الوطني في النهاية هدفه حماية وتوعية المستهلك وخدمة الصناعة الوطنية.
دخول العلامات التجارية في المشاركات الاجتماعية، هل تراها طابعا إنسانيا أو سعيا لغرس العلامة التجارية من الباب الاجتماعي؟
تؤمن مجموعة صافولا بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع، وتعتبره واجبا وطنيا، حيث إن هناك دورا كبيرا يقع على القطاع الخاص, سواء في دعم المجتمع وأعمال الخير أو في تدريب وتأهيل الشباب السعودي, حيث قامت المجموعة بإنشاء قسم خاص للمسؤولية الاجتماعية لمتابعة وتنفيذ خطط وأعمال المجموعة في المجتمع، ولهذا أعتقد أن دخول العلامات التجارية في المشاركات الاجتماعية هو واجب وطني بغض النظر عن التسويق والربح.
في وجهة نظرك كيف تشجع ثقافة الجودة الوطنية لدى المستهلك وتدعم العلامة التجارية السعودية؟
من أهم الأسباب لنجاح أي منتج الجودة سواء بالمقاييس الوطنية أو لعالمية، ولنا تجربة ناجحة في هذا المجال، حيث تحرص الشركة على أعلى المواصفات في كل مراحل الإنتاج بدءاً من شراء السكر الخام من مصدره وحتى آخر المراحل في تصنيعه. وقد حازت الشركة عدة شهادات للجودة كان آخرها شهادة السلامة الغذائية إضافة إلى شهادة الآيزو 9001 وعلامة الجودة السعودية من الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، وأصبح المستهلك السعودي والعربي واعيا لأهمية الجودة ومطالبا بالمزيد.
ما الخطط التوسعية لديكم؟
استراتيجية مجموعة صافولا في التوسع والانتشار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واقتناص الفرص المميزة في هذه الأسواق.
ووضعنا استراتيجيات محددة ودراسات معمقة في سبيل التطور والتوسع, وبالاستفادة من قطاعات مجموعة صافولا الأخرى كقطاع الزيوت الذي كان له السبق والنجاح في اقتناص فرص استثمارية في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمشاريع ناجحة والحمد الله.
حيث يجري حاليا العمل في مشروع مصفاة لتكرير السكر في ميناء عين السخنة جنوب مدينة السويس في جمهورية مصر العربية - تحت اسم الشركة المصرية المتحدة للسكر - بطاقة إنتاجية تصل إلى 750 ألف طن سنوياً قابلة للزيادة لتصل إلى 1.25 مليون طن سنوياً،, حيث يأتي ذلك ضمن استراتيجية مجموعة صافولا، وتتطلع المجموعة من خلال هذا المشروع إلى سد جزء من الفجوة القائمة في المنطقة. كما ستتم زيادة طاقة مصفاة السكر في جدة إلى أكثر من 1.5 مليون طن بنهاية 2008. كذلك العديد من المشاريع التي سوف يتم الإعلان عنها حال الانتهاء من الدراسات اللازمة.
السعودة من وجهة نظركم هل هي قرار اقتصادي أم حماس وطني؟
السعودة وتوطين الوظائف كلا الأمرين قرار وطني في المقام الأول واقتصادي على المدى الطويل، بحيث إنه على المدى الطويل لا يمكن الاعتماد على العمالة الوافدة بل يجب تأهيل وتدريب أبناء المملكة لإحلالهم مكان العمالة الوافدة من خلال برامج تدريبية طموحة، حيث تبنت مجموعة صافولا استراتيجية واضحة لسعودة الوظائف بوضع برامج تدريبية طموحة للشباب السعودي لشغل الوظائف بنوعيها الإداري والفني، وعلى سبيل المثال فقد بلغت السعودة في الشركة المتحدة للسكر أكثر من 50 في المائة.
كم يبلغ حجم الإنتاج العالمي للسكر؟
يبلغ حجم الإنتاج العالمي للسكر الخام نحو 152 مليون طن سنويا وتبلغ معدل الزيادة العالمية للسكر نحو 2.37 في المائة.
هل تعتقد أن أسعار السكر ستبقى عالية في الأسواق الدولية خلال 2007؟
الأسعار تعتمد على العرض والطلب ونعتقد أنه سوف يكون متوازنا خلال الفترة المقبلة، ما يؤدي إلى بقاء الأسعار في مستواها الحالي.
ماذا عن المنظمة العالمية للسكر؟
المنظمة العالمية للسكر هي تجمع الحكومات المنتجة والمصنعة للسكر في العالم ومقرها في لندن وتتكون من 74 عضوا. وتقوم بالتنسيق بين الدول الأعضاء من منتجين ومصنعين كما تتابع المؤثرات على هذه الصناعة، وقد أثبتت هذه المنظمة فعاليتها في التنسيق والمساعدة في صنع القرار، علما أن قراراتها غير إلزامية في الوقت الحالي، وقد تتجه المنظمة لتكون المتحكمة في مجال صناعة السكر وقد تكون بعض قراراتها مؤثرة وإيجابية في هذه الصناعة.
ما المكاسب التي تتوقع أن تجنيها السعودية من دخولها هذه المنظمة؟
تسعى المنظمة العالمية للسكر إلى تطوير المناخ المناسب في أسواق السكر العالمية، حيث إن صناعة السكر في المملكة أصبحت وبحمد الله من الصناعات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فإنه من المهم متابعة ما يدور حيال هذه الصناعة، كذلك تقوم المنظمة بمتابعة منظمة التجارة العالمية WTO وبالذات ما يتعلق بصناعة وتجارة السكر. حيث إن المنظمة تقوم بمساعدة الدول الأعضاء في مواجهة أي عمليات أو شكاوى إغراق وقضايا متعلقة بذلك.
فلذلك أجد أن الانضمام إلى هذه المنظمة مهم جدا لأي دولة وخاصة لدولة بحجم واقتصاد المملكة، خاصة إذا علمنا أن هذه المنظمة تتجه لأن تكون الممثلة الوحيدة للسكر في العالم.