"كلمات الأنبياء"

"كلمات الأنبياء"

لست ترى في كلمات البشر أبلغ من كلمات أنبياء الله، وإذا كان كثير من الناس والأمم استشرفوا كلمات الحكماء في مدارس الفلسفة والنظر لتستخلصوا منها حكمة وترتيباً للمدارك، فإن هذا كله، ما صدق منه لا تقع له نسبة ظاهرة من القدر مع حكمة الأنبياء عليهم السلام، وإذا قرأت أخلاق القرآن في أحوال الأنبياء وأقوالهم فيما ذكر الله سبحانه، وما أثر عنهم فإنك تجد فضاء مفتوحاً بالحكمة , وآثاراً هادية للنفس إلى حقائق الإيمان والعدل، ويمكنك أن تتحدث عن أصدق مدرسة "في العلم والمعرفة" تخاطبت مع البشر، إذ تقرأ في كلمات الأنبياء صدق الإيمان، وشريف الأدب، وفاضل الأخلاق، وعدل القضاء والحكم، واعتدال الكلمة في موازين القسط، ورحمة الخلق، وحفظ الحقوق، وإشراق النفس بالخير ومحبته، والرغبة الصادقة في نشر آثار الرحمة والهداية دون تسلط لهوى النفس وحظها السافل عن معاني الخير والقسط الكبرى.
إنهم صفوة عباد الله من ولد آدم الذي خلقة الله وذريته على قابلية للخير والشر كما في التنزيل: ?ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها?. لكن الله سبحانه اختار الأنبياء واصطفاهم بالوحي والنبوة فجاءت نفوسهم هادية مهدية، وصارت آثارهم مناراً لحياة الناس في الأرض، فهم أئمة النور المنزل والهدي الفاضل الذي تبحث عنه النفس البشرية بأثر الفطرة الإلهية على الخير. إن من مقصود هذا الكلام مع مقام الثناء على أنبياء الله عليهم السلام وسيدهم محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام هو دعوة المسلمين إلى الاعتبار بحكمتهم وقصصهم التي ذكرها القرآن، وآثار هدايتهم التي جُمعت في حكمة محمد ورسالته، فجاءت كاملة ناسخة لما قبلها من الشرائع، لكن حكمة الأنبياء في الإيمان والتوحيد لا تزال باقية في نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الأنبياء دينهم واحد في التوحيد والمعرفة والإيمان، وعن هذا جاء مثل قوله سبحانه: ?أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده?.
إن الأنبياء هم المثل الفاضل الأعلى لصدق الإنسان وأمانته وديانته واعتداله، وحينما يرتسم المسلمون خطى مثلهم الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم فإن هذا يعني شيوع الخير والإيمان والرحمة والهداية؛ إذ لم يطرق العالم ولم يقع للنفس البشرية أثر من الحكمة كحكمة محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي أكمل الله به نعمته، وأكمل الدين برسالته عليه الصلاة والسلام، والله الهادي.

الأكثر قراءة