لم يلتفت أحد

لم يلتفت أحد

كتبت في الأسبوع قبل الماضي عن قضية منح الأراضي، وكنت متردداً حقا في الكتابة عن هذا المقال نظرا لحساسيته المفرطة ومساسه بمصالح مختلفة، وولوجه عالم متشابك من المستفيدين والمستنفعين والسماسرة النفعيين والمستصلحين وخوض في محيط من الفوضى، بحور من الظلمات طبقات بعضها فوق بعض لو أخرجت يدك لم تكد ترها، نعم فعالم المنح علم قائم بذاته، ومع أنني ببراءتي البسيطة و حماستي الساذجة انطلقت بطلبي الخرافي بإلغاء المنح نعم هكذا ( إلغاء المنح )، فويل لي من تهوري وحمقي وأحلام العصافير التي تزقزق في دماغي. نشر المقال ومر يوم الخميس و يوم الجمعة والسبت ولم يلتفت أحد فحمدت ربي على سلامتي وبشرت نفسي بطول سلامة، وسالت صديقي أبو عبد الله عن أمري و أمر مقالي و قال لي هناك كلمة معروفة هي (ما عندك أحد) هذا هو الجواب فحط قلمك وخض فيه كما تشاء وأعلم أنك لن تسمع من في القبور، ثم أردف أبو عبد الله بقول مثل من أهل مكة (من شافك يا للي تغمز في الظلام)، والظلام حالك والليل بهيم والغمز والإشارة و جميع الحركات البهلوانية وغير البهلوانيه لن تجدي، دعوني أعود إلى قضيتي قضية إلغاء المنح صغيرها وكبيرها الظاهر منها و المختفي و العالق منها والمتعلق.
نعم هل فكرة إيقاف أو إلغاء المنح فكرة تستحق الالتفات إليها أو التفكير بإلغائها، يبدو لي أنها فكرة سوف تنفذ تلقائيا وسنوقف المنح يوما ما أو ستتوقف وليس الأمر يتعلق بقبول اقتراح الفقير إلى ربه كاتب هذه السطور لا من قريب أو بعيد، ولكن الأمر ببساطة شديدة يتعلق بوجود الأراضي التي يمكن أن تمنح، إذ إننا يمكنا القول إن الأراضي خلصت و انتهت الحفلة و طارت الطيور بأرزاقها وصار ما صار. وسنصل إلى نتيجة تحصيل حاصل أي أن منح الأراضي ستتوقف لا محالة، سواء أخذ برأي الفقير إلى ربه أم لا. و على أية حال فالمشكلة ستكون أعقد مما نتصور إذ وصلت عملية المنح إلى طريق مسدود، فالمشكلة تكمن في كيفية إقناع مئات الآلاف، و ربما ملايين من المساكين و غير المساكين ورد طلباتهم وعدم مساواتهم بمن طاروا بأراض وما فوقها من أرزاق، و كيف يمكن إقناعهم بأن خزينة الأراضي أفلست و لم تبق حبة أرض أو رمل يمكن أن تمنح. وكيف يمكن أن نخرس ألسنتهم الحداد و نسكت جحافل المواطنين الحاليين أو الأجيال الجائعة المقبلة، هل نستلف من الجيران؟ على أية حال سنصل في نهاية الأمر إلى إن المسألة شغل (بربسه) آو عك في عك وتعني مزيج مستحلب من الفوضى و المحسوبية و عدم العدل و التخبط و العبط الاستراتيجي، أيها الرجال الآن نحتاج إلى الحزم و العزم والجزم لإغلاق هذا الملف وبأسرع ما يمكن، فأين أنتم وفقكم الله؟!

[email protected]

الأكثر قراءة