22 مليون نخلة تستهلك 2.8 مليار متر مكعب مياه سنويا والحل في التنقيط
22 مليون نخلة تستهلك 2.8 مليار متر مكعب مياه سنويا والحل في التنقيط
أوصى المشاركون في ندوة "دور القطاع الزراعي الخاص في ترشيد استهلاك المياه" بإيجاد تنظيمات وتشريعات من شأنها أن تفضي إلى تحقيق عملية الترشيد، وتبني مبادرة وزارة الزراعة بتحديد الاحتياجات الفعلية إلى المياه للمحاصيل على أن تتم مراجعة ذلك سنويا على ضوء النمو السكاني، تحديد المناطق الزراعية الملائمة بحسب الظروف المناخية، عدم التعجل في إنجاز الاستراتيجية الوطنية للزراعة التي أعدتها الوزارة لضمان توافقها مع الاستراتيجية الوطنية للمياه لتصبح متكاملة، توطين التقنيات الحديثة لحفظ المنتجات الزراعية، والاهتمام بالمخازن والتبريد لإعطاء مدى زمني كبير في عملية التسويق.
وطالب المشاركون في الندوة التي نظمتها اللجنة الزراعية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض أخيرا، بضرورة الموازنة بين الأمن المائي والأمن الغذائي في ظل مؤشرات الشح المستقبلي للمياه، البدء الفوري في ترشيد المياه، إنشاء جهاز مستقل للري، أو تغيير اسم وزارة الزراعة إلى وزارة الزراعة والري، تأهيل مهندسي الري، تخصيص جائزة لأفضل جهة تقوم بعملية الترشيد، توظيف طاقات وجهود الكوادر الوطنية، مواصلة القطاع الزراعي الخاص جهوده في عملية خفض الاستهلاك، المضي قدما في تنفيذ برامج توعية وتثقيف المزارعين بضرورة الترشيد، انتهاج سياسة زراعية متوازنة، واستخدام تقنيات الري الحديثة على نطاق واسع. إلى تفاصيل الندوة:
أكد سمير قباني عضو اللجنة الزراعية في غرفة الرياض، أن القطاع الزراعي الخاص في المملكة يدرك قضية ندرة المياه وأهمية المحافظة على الموارد المائية، وبالتالي انتهج منذ سنوات خطوات إيجابية وناجحة في استخدام تقنيات الري الحديثة التي أدت إلى تخفيض نسبة استهلاك المياه، وقال "لدينا تجارب جيدة وناجحة في كثير من الزراعات، والدراسات تشير إلى توجه القطاع الزراعي إلى استخدام الري بالتنقيط في زراعات النخيل التي تقدر بنحو 22 مليون نخلة تقريبا، وتستهلك ما يقارب 2.8 مليار متر مكعب من المياه سنوياً، بحسب الدراسات المائية من وزارة المياه، وهناك توجه إلى استخدام وسائل الري بالتنقيط، وهي تؤدي إلى تخصيب يتجاوز 50 في المائة، وكثير من المشاريع الزراعية بدأت تتوجه لهذه التقنية بالفعل، ولقد ثبت أن استخدام وسائل الري الحديثة، كالري بالتنقيط أدى إلى خفض الاحتياجات المائية للنخلة إلى أكثر من 50 في المائة"، مؤكدا أن هذه أكثر التجارب العملية والناجحة التي يقوم بها القطاع الزراعي الخاص، أما في مجال استخدام الرشاشات المحورية فقد قدمت الشركات أجهزة رشاشات محورية متطورة وهذه رشاشات حديثة تعمل آلياً وتستطيع قراءة حالة الطقس مثل الرطوبة والحرارة مما أدى إلى تخطيط إدارة الموارد المائية وإعطاء النبات حاجته المناسبة من الماء، وإلى تخفيض ما يقارب 50 في المائة من الاستهلاك المائي لبعض المحاصيل، وهذه كلها تجارب ناجحة يزخر بها القطاع الخاص.
وأضاف قباني "لقد أثبت القطاع الزراعي سابقا قدرته على التكيف مع المتغيرات وإعادة الهيكلة حسبما تقتضي السياسات الزراعية المتغيرة، مشيرا إلى تخفيض القيمة الشرائية لمحصول القمح من المزارعين، والذي انخفض تدريجيا من 3500 ريال للطن حتى وصل إلى ألف ريال للطن، وكذلك انخفاض المساحة المزروعة والإنتاج إلى ما يقارب النصف وحصرها على الاكتفاء الذاتي بعد أن تجاوز الإنتاج في وقت من الأوقات أربعة ملايين طن من القمح، إضافة إلى تقليص مساحة زراعة الأعلاف بمنع تصديرها للخارج، مؤكدا أن القطاع الزراعي والعاملين فيه بدأوا منذ فترة في التحول لوسائل وأنظمة الري الحديث الذي من شأنه تخفيض استهلاك المياه وإدارتها بكفاءة أكثر، ويمكن عبر إجراءات مختلفة دعم هذا التوجه.
ويرى قباني أنه لابد من أن يكون القطاع الزراعي جاهزا ومتقبلاً لإعادة الهيكلة التي يتطلبها وضع المياه متى أصبحت هناك دراسات مائية حديثة ومن أهمها اكتمال الدراسات الهيدرولوجية الجديدة التي تعطي التقييم الحقيقي والعلمي للمياه الجوفية في الطبقات الرسوبية ومن ثم يمكن أن تكون هناك إعادة الهيكلة للقطاع الزراعي وبموجب استراتيجية زراعية ذات رؤية واضحة وعلى فترة زمنية محددة تأخذ الدراسات المائية الحديثة كأساس، ولا تغفل الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية على القطاع الزراعي والعاملين فيه.
من جهته، قال المهندس عبد الله الشعيبي من مجموعة شركات محمد أبو نيان، "إن المشكلة التي نواجهها تكمن في إدارة موارد المياه، الأمر الذي يجب أن نركز عليه سواء في قطاع المياه في وزارة المياه والكهرباء أو في القطاع الزراعي".
وأضاف "أن وزارة الزراعة يجب عليها أن تبذل جهداً أكبر في موضوع الترشيد، وأقترح على وزارة الزراعة أن ترفع من مستوى إدارة الري لديها إلى مستوى وكالة، ويتم تغيير اسم الوزارة، إلى وزارة الزراعة والري، لأن الري والزراعة صنوان لا يفترقان لأن الوزارة بحاجة إلى كوادر مؤهلة في مجال الري وعلى مستوى عالٍ بحيث يستطيعون التعاون مع الموجودين في الوزارة، لتحديد الاحتياجات المائية الفعلية".
وأبدى الشعيبي استغرابه من عشرات البحوث التي عملت سواء على مستوى الماجستير أو الدكتوراه من "جامعاتنا أو من طلابنا" ولم نجد إلا النزر اليسير الذي تناول مشكلة المياه في قطاع الزراعة، لذلك ينبغي إعداد بحوث ودراسات عن المحاصيل المعينة التي تحتاج إليها البلاد وكيفية التغلب على مشكلة هدر المياه، والنظر في إمكانية زراعة محاصيل معينة لا تستهلك مياها كثيرة وتقاوم الجفاف، لابد لنا من وضع مخطط عام يتواءم مع مناخ ونوعية المياه المتوافرة في بلادنا، وللأسف فإن كثيراً من أبحاثنا تجرى في أمور بعيدة عما نواجهه الآن من مشكلات خاصة بالقطاع الزراعي.
وأضاف "بأن هذه الأبحاث تحتاج إلى دعم، ولكن القطاع الزراعي الخاص ينبغي أن يكون له دور رئيس بحيث يتبنى مع الجامعات ومراكز البحوث والدراسات عملية البحث في التغلب على مشكلة تقليل كمية الري للمحاصيل الزراعية، ولكن أيضاً ومن جهة أخرى, على الجامعات ومراكز البحوث أن تسهل من إجراءاتها، فالجامعات والقطاع العام فيهما إجراءات بيروقراطية كثيرة تحد من تعاون القطاع الخاص معهما، فمثلاً عملية الموافقات عن طريق وزارة التعليم العالي تأخذ ما لا يقل عن ستة شهور وهذا الأمر يؤثر على الدراسات ذات الطابع المعين والتي قد يكون عنصر الوقت حاسماً فيها".
من جانبه، يرى الدكتور عبد الرحمن العذبة أستاذ المياه والري في قسم الهندسة الزراعية في جامعة الملك سعود، أن استهلاك القطاع الزراعي للمياه مشكلة عالمية، وقال "إن القطاع الزراعي في المملكة يستهلك ما نسبته 85 في المائة من المياه، وهذه مقولة صحيحة، غير أنها ليست مقولة خاصة بالمملكة وحدها، فمعروف في العالم كله أن القطاع الزراعي هو أكبر مستهلك للمياه".
وأضاف "إذا أردنا أن نرشد مياه الري من خلال استخدام تقنيات ري حديثة لا بد من تطبيق أمرين: الأول أن تسند هذه التقنية إلى إدارة ري وبدونها سيفشل مشروع الترشيد في مياه الري وسنخسر ملايين الريالات. الأمر الثاني: هو مفاهيم الري، مثلا الري "الذكي" ليس تقنية بل مفهوم، فالري الذكي ليس بالضرورة أن تحصل على أعلى إنتاجية ولكن يمكن أن تضحي بجزء من الإنتاجية وليكن 5 أو 10 في المائة، وفي قضية ترشيد المياه عندما نركز على التقنية فقط، خطأ فادح يجب أن نعيد النظر فيه".
من جهته، أوضح الدكتور حسين الغباري أستاذ هندسة نظم المياه والري في قسم الهندسة الزراعية في جامعة الملك سعود، أن لدينا زيادة مطردة في عمليات استهلاك المياه الجوفية، سواءً في الزراعة التي تمثل 80 إلى 90 في المائة، أو الصناعة، فعندنا تقدم صناعي ومصانع تفتح باستمرار، وأيضا عدد السكان يزداد، سواء المواطنون أو المقيمون، وبالتالي يزداد الاستهلاك، وهذه الزيادة أحدثت انخفاضاً حاداً في منسوب المياه الجوفية، وهذه الحقيقة عرفت عن طريق قياس المياه الجوفية في بعض آبار المراقبة سواء عن طريق وزارة المياه أو وزارة الزراعة، ولوحظ أن هناك انخفاضاً حادا.
وأضاف أن المياه الجوفية السطحية بدأت تجف في بعض المناطق، التي كانت تعتمد على المياه الجوفية السطحية التي عادة يتم تغذيتها عن طريق الأمطار والسيول.
وزاد "فيما لا تزال الزراعة في المملكة تعتمد على المياه الجوفية، وإذا أخذنا المصدر الثاني الذي أعتبره مصدراً مهماً، وهو مياه الصرف الصحي المعالج، وهو الذي يستخدم في بعض المناطق الرئيسية في منطقة الرياض، وبعض مناطق الشرقية إلى حد ما، حيث أصبحوا يستخدمونه في ري الحدائق والشوارع, والحقيقة أن هذا المصدر سيكون رافداً قوياً لاستخدامه في الزراعة إذا ما أحسنت معاملته ومعالجته فيمكن أن يستخدم ويخفف الضغط الذي يؤدي إلى الانخفاض الحاد في المياه الجوفية".
وتابع "نعاني نقص الكوادر الوطنية الفنية المدربة، سواء في الوزارات أو في الجامعات، في حين لم يفتتح قسم للمياه إلا في وقت قريب، وهناك مشكلة أيضا هي ضعف الدعم المادي للبحث العلمي في مشكلات المياه، وهذه أيضا من الأسباب التي عقدت من إيجاد حلول لمشكلة المياه، وإلى جانب نقص الوعي العام لدى المستهلكين، سواءً لدى مستهلكي مياه الشرب ومستهلكي مياه الزراعة, ولقد زرت أكثر من منطقة وذهبت لشركات زراعية وعملت تقييماً لنظم الري المحوري، وتقييماً لنظم الري بالتنقيط، لكن يبدو لي أن هناك نقصاً في الفنيين المدربين في معظم الشركات، وأيضا ضعف الوعي العام، وكيفية إضافة المياه المطلوبة للمحصول، فلا تزال هناك مشكلة في هذا المجال".
وشدد الغباري على ضرورة عدم الاستعجال في الانتهاء من الخطة الوطنية للمياه، لأن استخدامنا للمياه في العشرين أو الثلاثين سنة الماضية، استنزف كميات كبيرة وبالتالي لا نعرف ما هي الكميات الباقية، فالخطة الوطنية أو الدراسة المائية التي تقوم بها وزارة المياه ننتظر نتائجها لكي نعرف كم تبقى لنا من مخزون المياه.
وأكد أن القطاع الزراعي الخاص مدعو للمشاركة في تحمل مسؤولية الترشيد بوصفها مسؤولية اجتماعية ووطنية وذلك عبر المساهمة بدعم بحوث الري، مشيرا إلى اقتراح كان قد تقدم به وزير المياه "السابق" الدكتور غازي القصيبي، لإنشاء صندوق لتنمية الموارد المائية ليسهم فيه القطاع الخاص، ليس فحسب بل يتبناه القطاع الخاص، كون الواجب الوطني يحتم على القطاع الخاص المساهمة الفاعلة في هذا المجال، لأن العائد سيكون على القطاع الزراعي قبل أي قطاع آخر.
وأشار إلى أن إحدى المشكلات الرئيسية في السابق، تتمثل في عدم توافر دراسات مائية حديثة، ولكن منذ أن فصلت وزارة المياه عن وزارة الزراعة، تبنت الأولى منهجاً عملياً وعلمياً، عندما بدأت في بحث تحديث المعلومة فيما يخص المياه، ودراستها ومن ثم بناء استراتيجية وفق المعلومات الحديثة، وهذا أضحى توجها لوزارة المياه التي تقوم حاليا بإنجاز ما يعرف بالاستراتيجية الوطنية للمياه، وعقب الانتهاء من هذه الدراسة، سنتعرف بشكل عملي وعلمي وموضوعي على وضع المياه في المملكة. وألمح إلى وجود خطة استراتيجية زراعية وطنية تقوم بإعدادها الآن وزارة الزراعة، في ظل تنسيق بين وزارتي الزراعة والمياه والقطاع الزراعي.
وبين أن الاستراتيجية الزراعية الوطنية تهدف إلى تخفيض نسبة استهلاك المياه بما لا يقل عن 35 في المائة، بحلول عام 2020. ووصف ذلك بأنه أسلوب منهجي وعلمي، نتعرف من خلاله على وضع المياه في المملكة والتوقعات المستقبلية.
وقال الغباري "نحن في حاجة إلى إنجاز ما لا يقل عن ست دراسات هيدرولوجية، بهدف تقويم أوضاع المياه الجوفية في الطبقات الرسوبية، حتى نستطيع أن نتحدث بمعرفة ودراية عن وضع المياه في الطبقات، وعندما تنجز هذه الدراسات نستطيع أن نبني عليها استراتيجية زراعية، أما قبل ذلك فتبدو المسالة معقدة".
من جانبه، شكا الشعيبي من ضعف البحوث حول المحاصيل الزراعية، والاستفادة من مياه الأمطار، مبينا أن 127 مليون متر مكعب من مياه الأمطار التي تهطل سنويا، لم نستفد منها، وتساءل عن الجهود التي قامت بها وزارة المياه أو وزارة الزراعة للاستفادة من هذه المياه، مؤكدا أنه لم ير أي جهود من قبل الوزارتين لتوظيف هذه الكميات الكبيرة من مياه الأمطار، علما بأن مياه الأمطار ليست مالحة ولا تحتاج إلى تحلية بل تحتاج إلى جهد حقيقي من قبل الجهات المعنية.
وقال "يجب أن نضطلع بدور مهم تجاه المزارعين بأن نعمل على توضيح حقيقة أن لدينا مشكلة في المياه، وأن هذه المشكلة تتزايد سنويا، وبالتالي لا بد من الترشيد، فكثير من المزارعين لا يعرفون ما كيفية الترشيد والاستهلاك "المقنن"، وهنا يتجلى دور الجهات العلمية، والزراعية، ومراكز الإرشاد الزراعي، لتضطلع بدورها كاملا في التوعية والتثقيف بأهمية الترشيد".
وأكد أهمية تطوير تقنيات وأساليب استخدام مياه الري، وبالتعاون مع البنك الزراعي، على أن يتحمل أعباء منح القروض وشراء "التقنيات الحديثة"، بحيث يحصل عليها المزارع حتى يتمكن من القيام بعملية الترشيد التي تعود بالفائدة عليه وعلى مجمل الاقتصاد، وأن نحاول تقليل الري السطحي، فهو يستخدم كميات مياه كبيرة.
من جهته، أكد قباني أهمية توعية المزارع بحقائق وضع المياه، حتى يعي محدودية الموارد المائية، ولكن التوعية وحدها لا تستوفي كامل الأهداف المنشودة، ما لم تصاحبها إجراءات أو تشريعات تؤدي إلى إلزام أصحاب المشاريع الزراعية وبخاصة الشركات المساهمة وكبار المزارعين بضرورة التوجه نحو الإدارة الحديثة للمياه واستخدام الوسائل الحديثة في الري الزراعي، مشيرا إلى أن وزارة الزراعة سبق أن ألزمت الشركات المساهمة بتركيب عدادات غير أن هذا الإلزام لم يحظ بالمتابعة.
واقترح أن يتم فرض عدادات على المشاريع الكبرى والشركات المساهمة، وأن تكون هناك أنظمة وتشريعات ترغم المزارع على التحول إلى الوسائل الحديثة في الري المقنن، فضلا عن استمرار التوعية بالتعاون بين إدارة الري الحديثة في وزارة الزراعة، والقطاع الخاص من خلال اللجان الزراعية. ونبه إلى الدور الذي تقوم به اللجنة الزراعية في غرفة الرياض، عبر اللجنة الفرعية للإعلام الزراعي، التي تعمل على تطوير الخطة الإعلامية للتركيز في الفترة المقبلة على المساهمة في توعية المزارع بأهمية إدارة الموارد المائية بشكل أفضل، كونها ثروة وطنية غير متجددة.
وقال "يجب التعريف بهذه التقنيات الحديثة من قبل القطاع الخاص من خلال المعارض والمؤتمرات والندوات، ليس فقط في المدن الرئيسية بل حتى المناطق الزراعية، والقيام بالدعاية والإعلان والتي هي من اختصاص القطاع الخاص للتعريف بهذه التقنيات، وتسليط الضوء من خلال وسائل الإعلام أو عن طريق المنشورات على التجارب التطبيقية المحلية والعالمية".
من جهته، قال عبد الرحمن القحطاني مدير اللجنة الزراعية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، "إن الظروف الآن مناسبة في المملكة بأن يكون هناك دعم، يحقق غاية التحول إلى استخدام التقنيات الحديثة في الري، خصوصا أن مقننات وأجهزة وتكنولوجيا الري دائما في تطور وتحديث مستمر، وهذه الأجهزة والمقننات المائية موجودة، سواء في التصنيع المحلي أو ما يستورد، فما علينا فقط إلا أن نحدد صاحب القرار ونحدد مقدار الدعم السنوي، ووضع خطة عشرية أو خطة خمسية، للتحول إلى مقننات الري الحديثة، على أن يتزامن هذا العمل مع جهود توعية المزارعين بوضع المياه، وأهمية ترشيد الاستهلاك كونه خيارا لا فكاك منه، وأن يتم تحديد مدى زمني لهذا التحول، ولنبدأ بمحصولين أو ثلاثة أو أربعة، وإذا ثبت أن هناك كفاءة في الري وفي الإنتاج، أصبح نموذجا يمكن أن يضمن في الخطة المائية أو الخطة الزراعية المائية في المملكة".
وأضاف "أنه لابد أن تنفذ حملات توعية شاملة تستهدف المزارعين، وفي البدء يجب أن نعرف من هو المزارع الذي نعنيه، لكي نقترب من تحقيق الهدف بتلمس درجة الوعي لدى المزارع حتى نتمكن من إيصال الرسائل المهمة التي تتعلق بأهمية الترشيد، فالمزارعون سواء في الشركات الخاصة أو المزارع العادي غير مؤهلين لتطبيق المقننات الحديثة".
وزاد "يجب أن يكون لوزارة المياه مهندس هيدروليكي، ومهندس مياه صرف صحي، ومهندس مياه ري، وأن يتم استحداث وظائف بالمديريات"، مبيناً أن "في الصين أو في اليابان أو في أمريكا تجد أن المرتبات الأعلى هي لمهندس الري".
من جانبه، اقترح العذبة أن تنشأ جائزة لأفضل جهة ترشد المياه، وتكون جائزة معتبرة من وزارة الزراعة أو الغرفة التجارية، وتعلن هذه الجائزة، بحيث تجعل لها بنود وعناصر، ويشكل فريق عمل من الخبراء والمختصين ليقوموا بترشيح أي جهة أو منشأة استخدمت مياه الري بطريقة منهجية واضحة.
على الجانب الآخر، أكد الغباري موافقة وزارة المالية على برنامج الترشيد عن طريق إدارة شؤون مياه الري، ومدته خمس سنوات، وميزانيته 15 مليونا، وأضاف "نتوقع أن تكون هناك النقلة الأولى قريبا لتبدأ من إدارة مياه الري في وزارة الزراعة في ترشيد مياه الري في المملكة، وهي تعمل بميزانية تبلع ثلاثة ملايين ريال سنويا، وهي تمثل الخطوة الأولى في عملية الترشيد".
من جهته، أوضح عبد الكريم الغامدي مدير عام الإدارة العامة لشؤون الري في وزارة الزراعة، أن الوزارة اتخذت جملة من التدابير للمحافظة على المياه للأغراض الزراعية من خلال محورين أولهما يستهدف تخفيض الطلب عليها، والثاني يتناول زيادة عرضها وتنمية مصادرها، ونظرا لأهمية تخفيض الطلب على المياه خصوصا بعد توسع القطاع الزراعي عملت الوزارة على حفر الآبار وتوزيع الأراضي البور في بعض المناطق، إصدار ضوابط لمنع تجزئة الأراضي الزراعية، الحد من المحاصيل ذات الاستهلاك العالي للمياه وتنويع الإنتاج الزراعي، منع تصدير القمح والأعلاف الخضراء، إنشاء بعض السدود والاهتمام بأراضي المراعي والغابات، استزراع بعض أراضي المراعي والغابات، تشجيع استخدام وسائل الري الحديثة في الزراعة، تكثيف التوعية الإعلامية، إلى جانب تصنيع الأعلاف، استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الأغراض الزراعية، وترشيد استخدام المياه للأغراض الزراعية.
وأكد الغامدي أن المملكة تولي القطاع الزراعي أهمية خاصة باعتباره أهم الروافد الاقتصادية في المملكة، والذي بدوره حقق نموا أدى إلى ارتفاع قيمة الناتج المحلي الزراعي إلى 37 مليار ريال عام 2004، وجاء في مقدمة القطاعات الاقتصادية من حيث توطين الوظائف لتوفيره 582 ألف فرصة عمل تشكل 8 في المائة من إجمالي عدد العمالة في المملكة ويبلغ عدد العاملين السعوديين في هذا القطاع 279 ألف عامل أي ما يمثل نحو 48 في المائة من إجمالي أعداد العمالة في هذا القطاع، كما أسهم القطاع الزراعي في ثبات أسعار المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية خلال العقود الثاثة الماضية رغم التغيرات التي طرأت على الاقتصاد السعودي أو الاقتصاد العالمي على حد سواء، إضافة إلى المساهمة الفاعلة في توفير فرص عمل في الأنشطة المرتبطة به سواء تلك التي تسبق العملية الإنتاجية أو المتعلقة بالعمليات التصنيعية والتسويقية للمنتجات الزراعية، كما يسهم في تحسين مستويات دخول أبناء الريف وتوطينهم في قراهم، ومنع هجرتهم.
واستعرض الغامدي النجاحات التي تحققت في مجال الزراعة، مشيرا إلى أن المملكة حققت الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع الزراعية والغذائية كالقمح والتمور وبيض المائدة، والألبان الطازجة، كما بلغت مراحل متقدمة في الاكتفاء الذاتي من منتجات الخضراوات، الفواكه، اللحوم الحمراء، الأسماك، ولحوم الدواجن.