مشروع طبي لإنقاذ حياة 5000 مريض من الموت سنويا بسبب الأخطاء الطبية
تشهد السعودية حاليا إطلاق مشروع طبي يهدف إلى تقليل حدوث الأخطاء الطبية القاتلة بين مراجعي المستشفيات الحكومية والأهلية، وسيقوم مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في جدة بتطبيق هذا المشروع اعتبارا من أمس وفق برنامج علمي أعد له قبل أكثر من شهرين يركز على تجنب الوقوع في الأخطاء الستة التي حدد أنها من عوامل رئيسية يمكن تجنبها للتقليل من وفاة بعض الحالات المرضية.
ووفقا للدكتور طارق بن عبد الله لنجاوي مدير مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في جدة فإن السعودية تعد ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية التي تطبق هذا النظام.
ويبين الدكتور النجاوي في حوار مع "الاقتصادية" أن إدارة المستشفى وضعت خطوات عملية وتحليلية داخل المستشفى لبدء تنفيذ هذا المشروع الذي من شأنه أن يسهم في إنقاذ حياة بعض المرضى الذين يسقطون نتيجة أخطاء طبية.
وكان هذا البرنامج ـ الذي أعلن عن بدء تطبيقه في الولايات المتحدة مطلع 2005 من قبل مجموعة التآلف وهي مشاركة مجموعة من المستشفيات في تقليل الأخطاء الطبية من أجل محاولة إنقاذ حياة 100 ألف مريض في الولايات المتحدة ـ قد سجل نجاحا في تموز (يوليو) من العام الماضي إذ تمكنوا من تحقيق إنقاذ حياة 120 ألفاً من الأخطاء الطبية القاتلة.
ووفقا لمصادر خاصة فإن تطبيق هذا البرنامج بنجاح في السعودية من شأنه أن ينقذ حياة خمسة آلاف شخص بإذن الله حيث تقدر مصادر طبية عدد المتوفين بأخطاء طبية في السعودية بنحو خمسة آلاف شخص.
ويقول الدكتور طارق لنجاوي إن المسألة ليست مسألة إمكانيات ولكن مسألة تنظيم وأخذ الاحتياطات المطلوبة... إلى الحوار
ما الهدف من هذا المشروع؟
رغبة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في جدة في نشر الوعي الصحي في المجتمع بالأخطاء الطبية، وتـماشياً مع زيادة التركيز من قبل وزارة الصحة في الفترة الأخيرة وبتوجيه من الدكتور حمد المـانـع، وزير الصحة، بدراسة ومتابعة الأخطاء الطبية لتقليل نسبة حدوثها. ففي عام 1999، صدر تقرير من الهيئة الطبية الأمريكية (I.O.M = Institute of Medicine) عن الأخطاء الطبية في الولايات المتحدة، والتـي يعتبرها الجميع على أعلى مستوى في الخدمات الطبية، وقد كان تقريراً مفزعاً للقطاع الصحي عموماً. وحقيقة كانت هزةً أصابت الكيان الطبـي. التقرير في مختصره نص على أن عدد الوفيات الناتجة عن الأخطاء الطبية في أمريكا يراوح سنوياً بين خمسة آلاف وعشرة آلاف على مستوى الولايات المتحدة وهذه نتيجة أخطاء طبية كان من الممكن تلافيها فيما لو طبقت الرعاية الصحية بصورة صحيحة. كانت أرقاماً مفزعة، وبالتالي بعد التقرير ظهرت نشرات كثيرة عن تحليل أسباب الأخطاء الطبية في أمريكا وطرق تفاديها إلى أن ظهر في عام 2005 نشاط كبير على مستوى ثلاثة آلاف مستشفى في الولايات المتحدة أنشأوا مشروعاً لإنقاذ مائة ألف نفس قد تتعرض للوفاة بسبب الخطأ الطبـي.
أعتقد أن 100 ألف يتوفون من المرضى نسبة كبيرة.. هل هناك تحديد لأنواع الأخطاء واستراتيجيه للعمل عليها؟
نعم، نسبة كبيرة جداً. وعندما تـحلل أسباب الأخطاء الطبية تجد أن الخطأ في التشخيص والخطأ في العلاج يشكلان نسبة 40 في المائة من الأخطاء الطبية، يليهما الخطأ في استعمال الأدوية الذي يشكل نحو 25 في المائة. وتقريباً من كل مائة شخص يدخلون المستشفى اثنان منهم معرضان للأخطاء الطبية نتيجة الأدوية فقط. بينما الأخطاء الطبية متعددة الجوانب. لذا اشتركت هذه المستشفيات لوضع هذا التآلف لإنقاذ 100 ألف نفس وسمي بهذا الاسم، ووضع هدفاً أساسياً أن يكون لديهم خلال سنة ونصف السنة إحصائيات كاملة تثبت أن جهدهم أثمر عن إنقاذ 100 ألف نفس من الذين كانوا يتوفون نتيجة الأخطاء الطبية. واحتفلوا بنجاح التجربة بعد سنة ونصف السنة، فقد بدأوا في كانون الأول (ديسمبر) 2005، وبحلول حزيران (يونيو) 2006 أي قبل ستة أشهر من الآن احتفلوا بنجاح مجموعة التآلف، وبدل أن ينقذوا 100 ألف نفس أنقذوا 120 ألفاً. وقد أعلن ذلك في عدد من المؤتمرات وفي الصحافة الأمريكية وفي المجلات الطبية. وكان تركيز هذا الهدف على أشياء محددة لأن الأخطاء الطبية مثل ما أسلفت متعددة الجوانب، أخذوا منها الأشياء الرئيسية وركزوا عليها. ولأن الموضوع لا يزال جديداً حيث أعلن في الأشهر الثلاثة الماضية فقط، فقد رأى مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في جدة أن من واجبه أن يكون هو السباق للأخذ بهذه المبادرة. ووضعنا الخطوات العملية والتحليلية داخل المستشفى لبدء مشروع مماثل، وتم وضع هدف عملي للمستشفى خلال العام المقبل 2007. أما بالنسبة لمستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة فنحن نسير حاليا على الخطط الموضوعة ونأمل أن تشاركنا بقية المستشفيات في ذلك.
لماذا لا يكون هذا المشروع على مستوى مستشفيات السعودية؟
بإذن الله إذا نجح مشروعنا هذا على مستوى المنطقة الغربية فبالتأكيد سيصبح على مستوى المملكة. كما أنه عندما بدأنا في السابق تطبيق مشروع الجودة بدأت بتطبيقه مستشفيات جدة ثم مكة المكرمة، ثم تبنته وزارة الصحة والآن يطبق في جميع المستشفيات.
هل من الممكن أن تذكر لنا أنواع التداخلات الطبية الرئيسية التي يركز عليها هذا التآلف؟
هذه التداخلات هي:
1ـ منع عدوى القساطر الوريدية.
2ـ منع عدوى جروح العمليات.
3ـ منع عدوى المرضى على أجهزة التنفس الاصطناعي.
4ـ منع الأخطاء الناتجة عن وصفات الأدوية.
5ـ التدخل السريع للحالات الحرجة.
6ـ التدخل السريع لمرضى جلطة القلب.
كم تقدر لدينا نسبة الأخطاء الطبية القاتلة؟
من المشكلات التـي نعانيها في القطاع الصحي، عدم وجود الإحصائيات المتكاملة التـي من خلالها نستطيع اتخاذ القرار المناسب، ولكن نستطيع أن نبنـي على تجربة الغير. وأتوقع أن النسب لدينا لن تكون أفضل إذا لم تكن الأسوأ، نتيجة لعدم وجود النظام الذي يساعد على تفاديها. في الولايات المتحدة من كل مائة مريض يدخلون المستشفى يوجد اثنان منهم يتعرضان لأخطاء طبية نتيجة الأدوية وليس بالضرورة أن تكون قاتلة ولكن لا ندري أياً منهما سينتهي بمضاعفات. وهذه أخطاء تعتبر نسبتها عالية جداً 2 في المائة، وقد تكون أخطاء بشرية كأن يدخل المللي جرام في الوصفة كميكروجرام أو المغذية في العِرْق أصبحت إبرة في العضل. بمعنى أن اختلاف الوصفة الطبية يؤدي إلى أخطاء طبية قد تكون وخيمة. أما بالنسبة لإصابات العمليات فقد ركزوا على إصابات العدوى في نظام العمليات، وتجنبها بسيط جداً وهو (متى يعطى المضاد الحيوي هل قبل العملية بيوم أم قبلها بساعة؟). ذلك أن لها نظاما محددا وواضحا، فإذا أعطي المضاد الحيوي المناسب في الوقت المناسب بواسطة الطبيب الخبير يمكن تقليص نسبة العدوى في العمليات بنحو 90 في المائة وبالتالي فإن تأثيرها على المريض يمكن أن يتلاشى. النقطة المهمة بلا شك لك أنت الطبيب والعامل في القطاع الصحي هي صحة المريض، فهي تعتبر أمانة في رقبتك ولا بد أن تحافظ عليها. جزء آخر مهم هو التكلفة الطبية، فالنظام الأمريكي يصرف مليارات المليارات على الرعاية الصحية، والدولة هنا لله الحمد لم تتأخر في الصرف على المواطن وعلى الرعاية الصحية. فأساليب الوقاية بسيطة جداً والمسألة ليست مسألة إمكانيات ولكن مسألة تنظيم وأخذ الاحتياطات المطلوبة.
هل مستوى الجودة هنا أقل من المعايير العالمية الصحية المطلوبة؟
ما من شك أن الواحد يتمنى أن يكون أفضل من الكل، ولكن الاعتراف بالواقع هو طريق الإصلاح، الواقع الذي لدينا. نعم الجودة في الخدمات الصحية أقل من الولايات المتحدة وأقل من دول أوروبا الغربية، لكن بكل حق أقول ما زلنا بحمد الله وبشهادة منظمة الصحة العالمية أفضل من دول كثيرة جداً. وبالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط فإن المملكة تقع في أعلى قائمة الهرم من حيث الجودة والرعاية الصحية، فهل نحن راضون عن هذا الشيء؟ طبعاً لا، فأنا أتمنى مع الإمكانيات الموجودة في البلد أن تكون أفضل وأن ينظر الباقون ويتساءلون: لماذا السعودية تفوقت في الجودة الصحية؟ لكن طريقها طويل. الولايات المتحدة، وأوروبا الغربية، وإنجلترا، وألمانيا لم يصلوا لهذه المكانة بين يوم وليلة، وإنما أخذوا سنوات حتى وصلوا لهذه الجودة. والوصول لها ليس بسحر وإنما علم معروف وإمكانيات معروفة إذا تم التركيز عليها مع الرغبة في الوصول إليها. إننـي لا أعتقد أنها صعبة ومستحيلة، فالمطلوب وضوح الرؤية وأن تكون الجودة جزءاً رئيساً من العمل الطبـي وتسخير الإمكانيات لهذا الشيء.
هل تعتقد أن المستشفيات الأهلية ملتزمة بمعايير الجودة؟
الأخطاء موجودة في المصحات الطبية بنوعيها (الخاص والعام)، ولكن دائماً تركز وسائل الإعلام وجمهور الناس على مستشفيات القطاع الخاص لأن المريض يدفع مقابل علاجه فيكون صوت شكواه أمرّ. وأود أن أشير هنا إلى أن ما حصل خلال السنوات الثلاث الأخيرة في منطقة مكة المكرمة، نظراً للدعم الكبير الذي تلقاه مجلس تطوير الخدمات الصحية في منطقة مكة المكرمة من الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، حقيقةً نقلة نوعية كبيرة جداً في الجودة.
هل تعتقد أن لمستوى ثقافة الناس هنا دورا في التقليل أيضا من الأخطاء الطبية؟
كلما زاد وعي المريض زاد تقويض الخطأ الطبـي. وهذا يأتي من ناحيتين:
الناحية الأولى: توقعاته للمردود من العلاج، فأحياناً يـُخيّـل للمريض أن هذا خطأ طبـي وهو ليس كذلك، ولكن هو مضاعفات ممكن حدوثها للعلاج ومذكورة في المراجع الطبية ومتعارف عليها. يعني إذا ضربنا مثلاً بسيطاً فإن مريض السرطان إذا لم يكن لديه الوعي بمردود العلاج قد يتوقع أن أي مرض سرطان لابد أن يشفى، "الشفاء بيد الله" ولكن الطب له حدود. وبالتالي مهما عملت من جهد مع المريض فلن تصل إلى توقعاته لأن توقعاته في الأصل لم تكن مبنية على أسس علمية. لذا فإن وجود الوعي لدى المريض يساعد الطبيب من ناحية النتيجة النهائية. وهناك لجان في المستشفيات متخصصة في توعية المريض لتجنب الأخطاء الطبية.
الناحية الثانية: هي أن زيادة وعي المريض عن مرضه وطريقة علاجه قد تكون عاملاً مساعداً للطاقم الطبـي لتجنب الأخطاء الطبية.
ماذا عن مشروع برمجة صرف الأدوية آلياً بدلا من الكتابة اليدوية التي يستعملها الأطباء؟
من ضمن محاور مشروع الأخطاء الطبية صرف الأدوية آلياً، وحسب الأبحاث الأخيرة كلما كانت الأدوية مبرمجة آلياً كلما قلت نسبة الأخطاء، وهذا من الأساسيات الموجودة الآن التي سيدخل فيها جميع المستشفيات. فوصفة طبية بالإنجليزية تكتب IM تعنـي إبرة في العضل من الممكن أن تقرأ عند كتابتها بخط اليد IV وتعنـي حقنة الوريد والفارق كبير جداً. كذلك المللي جرام تكتب mg والمايكروجرام mg والفارق بينهما كبير كجرعة. بالتالي فإنه كلما حاولت تلافي الأخطاء سواء عن طريق الكتابة أو عن طريق إدخال المعلومة من الطبيب عن طريق الحاسب الآلي أو معلومات موجودة على جهاز الحاسب الآلي كلما قلت نسبة الأخطاء. كذلك يحتفظ الحاسب الآلي بالتاريخ الدوائي للمريض والتداخلات بين الأدوية المختلفة ضمن فوائد أخرى عديدة.
هل الكتابة اليدوية تؤثر في الأخطاء الطبية؟
الكتابة اليدوية جزء كبير من المشكلة، وكلما زاد الضغط على الطبيب في العمل و(عاين) مرضى أكثر كلما كانت كتابته غير مقروءة وهذا ليس بجديد بل هو أمر موجود منذ القدم. وتستطيع أن تتغلب على جزء كبير من مشكلة كتابة الأطباء للأدوية وكيفية قراءتها في الصيدلية، إذا ترجمت كلها عن طريق الحاسب الآلي.
ماذا عن مستوى الجهاز الفني أي الممرضات؟
الممرضة هي التـي تقضي معظم الوقت في رعاية المريض وهي المنفذة لتعليمات الطبيب، ويجب أن يكون لديها الوعي بأن تحرص على تنفيذ الأوامر بصورة طبية، والانتباه لو كانت هذه الأوامر غير صحيحة فمن واجب الممرضة تنبيه الطبيب إذا كان لديها الوعي الكافي، وهذا من الأشياء التـي نركز عليها في المستشفى، فأي ممرضة تأتينا من أي مكان كان لا بد أن تمر باختبار تقييم معرفتها بالأدوية الطبية بحيث تعرف الأدوية التـي تعطيها والأدوية التـي لا تعطيها، ومع زيادة الوعي لدى الطاقم التمريضي تكون النتيجة أفضل.
كيف يمكن إشراك جميع المستشفيات على مستوى السعودية؟
مثل ما أشرت أن بداية الفكرة كانت في أمريكا بتآلف اشترك فيه ثلاثة آلاف مستشفى أنقذوا بفضل الله تعالى ما يفوق 120 ألف نفس. سنأخذ المبدأ نفسه وسيكون انطلاقتنا لبدء التطبيق، وسنتشارك مع مديري المستشفيات لوضع آلية لتنفيذ هدفنا حتى لو أنقذنا نفساً واحدة ونطبق قول الباري عز وجل:"ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً". هذا كلام مقدس ورد في القرآن الكريم إذا استطعنا تطبيقه بهذه الطريقة فسنكون أسعد الناس. لكن الأهداف ستكون واضحة، حيث ستكلف لجنة لتحديد الأهداف وهل هي خمسة آلاف نفس، باعتبار فارق السكان بيننا وبين الولايات المتحدة؟ وهل هي وضع آلية التطبيق للنظم الستة؟ هل هي مشاركة في الأفكار وفي الأنظمة؟ كل هذه محاور مطروحة أمامنا.
لماذا لا يوجد لدينا إحصاء؟
الإحصائيات تحتاج إلى طاقم متخصص بهذا الشيء، وتحتاج إلى وعي من الإدارات الطبية المختلفة بأهمية الإحصاء وبأهمية المعلومة الطبية الدقيقة لتبنى عليها القرارات، وهي الآن موجودة ولكن ليست بالصورة الكافية.
هل هي سرية؟
بالنسبة لنا ليست سرية، بل بالعكس نحن نقوم بالمبادرة إذا صار خطأ طبـي. جزء كبير من تلافي عواقب هذا الخطأ هو أن توصل المعلومة الصحيحة لأهل المريض وأقاربه في الوقت المناسب. ومن واقع الخبرة لدينا فإننا نقوم على الفور إذا ما حدث أي خطأ عندنا بإبلاغ المريض وأهله وأن العواقب ستكون كذا وأن من حقكم عمل كذا، سواء إيقاف طبيب أو إبلاغ الجهات المسؤولة أو دفع الدية كلياً أو جزئياً. أعتقد أن هذه ليست مسألة سرية، لأنك كلما حاولت أن تكون سرية كلما ازداد وضعك صعوبة. ولدينا لجنة (طبية) لدراسة مثل هذه (الإشكاليات) هي لجنة الأخطاء الطبية.
هل تعتقد أن المسعفين الميدانيين والهلال الأحمر خصوصا يحتاجون إلى تطوير لتقليل الأخطاء الطبية وإنقاذ حياة الناس؟
القطاع الصحي بشكل عام يعاني نفس الكوادر الطبية المساعدة سواء أكنت تتحدث عن التمريض أو الفنيين أو المسعفين أو وإخصائيي الإسعاف. أعتقد أن جزءاً كبيرأ من التوجه التعليمي في الأساس هو أن تهيئ الناس ليتجهوا لهذا المجال، الحاجة في قطاع العمل كبيرة جداً، فنسبة غير السعوديين عالية جداً قد تتجاوز في بعض القطاعات 80 في المائة، وبالتالي توجد فرصة للسعوديين ليخدموا الوطن ويقوموا بعمل إنساني إلى جانب أنه مصدر رزق لهم،. لكن مخرجات التعليم للأسف لا تركز على هذا المجال بالصورة الكافية، الإسعاف هو جزء من المشكلة في الخدمات الطبية المساندة، وأتصور أن التوجه في الدولة الآن التركيز على الهلال الأحمر في الطرق وسمعنا عن الإسعاف الطائر بالهليوكوبتر للتغلب على مشكلة الطرق السريعة وغيرها، ولكنها نقطة ضعف في القطاع الصحي.
ألا تعتقد أن ثقافة الأسرة لها دور في هذا الجانب مثل الاهتمام بأطفالهم أو مساعدتهم ليساعدوا أنفسهم؟
في الحقيقة تطرقت لنقطة مهمة جداً، في الأسبوع الماضي نظمنا ندوة داخلية ودعونا لها نحو 400 طفل من مدارس مختلفة وكان هدف الندوة سلامة الطفل. وكان جزء كبير من الندوة عن الإسعاف الأولي، وطبعاً لم تكن كافية لتدريبهم، ولكن هي زرع بذرة لطلاب الابتدائي عن الإسعاف الأولي ووضع الحماس داخلهم وتشجيعهم على الاطلاع على الإسعاف الأولي. والمطلوب هو البداية من الأسرة مثل ما ذكرت أنت، ولا بد أن يكون الهدف أكبر من ذلك، وأن يكون هناك تعاون بين الجهات التعليمية والصحية، ففي مناطق كثيرة أسس الإنقاذ الرئوي والقلبي تدرس في المدارس، وعندنا للأسف هذه الفكرة ليست مطروحة للبحث.
هناك من يرى أن مراكز الطوارئ في المستشفيات الخاصة غير مهيأ لاستقبال الحالات الطارئة بعكس المستشفيات في الخارج؟
المشكلة موجودة، ولها أكثر من زاوية. المستشفيات الخاصة ما من شك أن وراءها أناسا يعتبرونها مصدر زرق لهم والدولة تشجع كل من يرى له عملاً جيداً، بالتالي إذا لم يجد صاحب المنشأة الصحية مردودا طيبا فلن يستمر، وأنا أتصور أن جزءا من المشكلة هو عدم شمولية التأمين، الذي أصبح لنا سنوات نأمل تطبيقه على كل مواطن بصورة أو بأخرى. والدولة أدرى بالمصلحة بهذا الشيء وطريقة تطبيقه.
كم تتوقع عدد السيدات اللاتي يجرين فحصا دوريا عن سرطان الثدي؟
قليل جداً ولا يصل إلى واحد من عشرة وهي نسبة ضئيلة جداً بالنسبة لمن تأتي من السيدات للفحص بنفسها، وذلك لعدم الوعي بأهمية الفحص، ونحن نتحمل المسؤولية أيضا لعدم تمكننا من نشر الوعي بالشكل المطلوب والشيء نفسه بالنسبة للأمراض الأخرى الموجودة.