الأسهم الأمريكية قدمت في 2006 أفضل أداءً لها منذ 3 سنوات

الأسهم الأمريكية قدمت في 2006 أفضل أداءً لها منذ 3 سنوات

[email protected]

المستثمر المتابع لأحوال سوق الأسهم الأمريكية خلال عام 2006 ملّ كثيراً من تحذيرات المُحللين والاقتصاديين عن التضخم وارتفاع أسعار الفائدة واحتمال ركود الاقتصاد وانخفاض معدلات النمو وانخفاض أسعار المساكن، وهو بحق أي عام 2006 شهد الكثير من المُنغصات التي تُقلق كل مُستثمر حذر حكيم ولكن من بين كل هذه القلاقل تحققت نتائج إيجابية نهاية عام 2006، وفي هذا التقرير السنوي الذي دأبت الاقتصادية على نشره سنستعرض أهم أحداث العام الذي مضى والتي تُفيدنا في قراءة ما قد يحدث في العام الجديد 2007 الذي نعيش أُوائل أيامه الآن مُسترشدين في قراءتنا المُستقبلية بآراء الاقتصاديين والمُحللين.

نتائج إيجابية
كما ذكرت سابقاً أن عام 2006 لبس ثوب القلق والخوف إلا أنه حقق نتائج إيجابية سواء على صعيد المؤشرات الرئيسية أو على مستوى الشركات، أما على مستوى الاقتصاد الكلي فإن الوضع لم يكن ولن يكون جيداً، فعلى صعيد المؤشرات الرئيسية حقق مؤشر داو جونز ارتفاعاً بنسبة 16.3 في المائة حتى نهاية عام 2006 وبهذا يكون قد تجاوز أعلى مستوى له وهو 11722.98 نقطة الذي كان قد وصله في عام 2000، بل إنه من فرط حماسه تجاوز هذا المستوى ولامس 12510 نقطة، وكما هو معروف فإن "داو جونز" يعتمد في أدائه على 30 شركة من أكبر الشركات الأمريكية وإحداها شركة جنرال موتورز حيث أسهمت في تحقيق هذا الارتفاع لمؤشر داو جونز بسبب ارتفاعها 50 في المائة خلال عام 2006.
أما مؤشر S&P 500 فقد ارتفع بنسبة 13.6 في المائة يليه مؤشر ناسداك بنسبة 9.5 في المائة أما مؤشر راسل 2000 للشركات الصغيرة Small Cap فقد كان الأوفر حظاً كعادته حيث ارتفع بنسبة 17 في المائة، وتُعتبر هذه النتائج هي الأفضل منذ عام 2003 على مستوى المؤشرات الرئيسية.

قطاعات السوق
قطاع بناء المساكن كان القطاع الأكثر استحواذاً على حديث واهتمام المُستثمرين وعليه كان يُركز ويعقد الاقتصاديون الأمل في أن يُساهم تحسن هذا القطاع في دفع عجلة إنفاق الفرد حتى يتحسن مستوى الاستهلاك وترتفع معدلات نمو الاقتصاد، ذلك أن الأفراد الأمريكيين يستطيعون الحصول على المال من جراء رهن مساكنهم ومن ثم يُنفقون جزءا من أو كل هذا المال ويستهلكونه ولكن انخفاض أسعار المساكن قلل من حجم السيولة التي أُنفقت، وما زال قطاع المساكن يُعاني الكثير والكثير ويُعتبر من أخطر قطاعات الاستثمار خلال عام 2007، ولكن هذا لا يمنع من أن هناك شركات ضمن هذا القطاع تملك فرصا دون غيرها.
الشركات العاملة في قطاع صناعة السيارات انخفضت مبيعاتها منذ عام 2005 ولكن مع توقع تحسن معدلات الاتفاق فقد نرى بعض السيولة تتجه نحو شراء السيارات مما يُمهد إلى أن يًساهم قطاع صناعة السيارات في نمو الناتج المحلي GDP خلال عام 2007، أما أفضل القطاعات أداء خلال عام 2006 فهو قطاع صناعة الحديد والصلب بارتفاع شركاته بنسبة تتجاوز 50 في المائة، وهذا عائد إلى استمرار قوة الطلب على الحديد عالمياً.

أداء الشركات
الشركات الأمريكية حققت معدلات نمو جيدة جداً فاقت التوقعات وتبين هذا مع إعلان نتائج الربع الثالث، حيث تمكنت الشركات الخمسمائة المُدرجة ضمن مؤشر S&P500 من تحقيق نمو يصل إلى 16 في المائة، ولكن لندع الحديث عن معدلات نمو الشركات لأن هذا الأمر لن يتم حسمه إلا بعد إعلان نتائج الربع الرابع خلال الفترة المقبلة.
إن معظم الشركات المُدرجة ضمن مؤشر داو جونز ارتفعت أسعار أسهمها ماعدا ثلاث شركات هي Home Depot وشركة وول مارت Wall-Mart وشركة إنتل Intel Inc كان حظها سيئاً، أما أفضل الشركات التي حققت أرباحا ضمن مؤشر S&P 500 هي شركة Allegheny Technologies أحد أهم مُصنعي الحديد والصلب، محققة ارتفاعا لسهمها بنسبة 151.3 في المائة تليها شركة NVDIA بنسبة 102.5 في المائة، وبالطبع كان هناك شركات خاسرة ضمن مؤشر S&P 500 وأكثرها خسارة كانت شركة First Data التي هبطت بنسبة 40.7 في المائة.

أسهم الاكتتاب
الأسهم المطروحة للاكتتاب كانت في سرعة طرحها مثل الطفل الذي يتعلم المشي ففي بداية عام 2006 طُرحت الشركات شيئاً فشيئاً ثم انخفض عددها منتصف العام كأنها ستنعدم، ثم انهمرت كالمطر مع نهاية العام وتوالت واحدةً تلو الأخرى حتى وصل عددها إلى 200 شركة من ضمنها شركة "ماستر كارد" التي تم طرحها بقيمة 2.4 مليار دولار أمريكي وهو الأضخم منذ سنتين.
أسوأ شركتين طُرحتا للاكتتاب وخسرتا منذ تداولهما هما شركة "فوناج" لاتصالات الإنترنت الهاتفية التي هبطت بنسبة 13 في المائة، ومثلها شركة "أوربكوم" التي هبطت 30 في المائة، وزادت الشركات التي طُرحت للاكتتاب عام 2006 بنسبة 20 في المائة وهي أكثر من نسبة الزيادة في 2005 التي كانت 17 في المائة، يتوقع أن يزداد عدد الشركات المطروحة للاكتتاب وتزيد قيمتها على 21 مليار دولار في عام 2007.

النمو الاقتصادي
خلال العام الجديد 2007 سيستمر القلق الاقتصادي جراء انخفاض المؤشرات الاقتصادية خلال عام 2006، حيث إن معدل نمو الناتج المحلي GDP للربع الثالث بعد المراجعة وصل إلى 2.2 في المائة وهذا يُظهر تباطؤا في نمو الاقتصاد، مما زاد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي، علماً بأن الاقتصاد شهد خلال عام 2006 انخفاضا في طلبات المصانع بنسبة 4.7 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر)، وكذلك انخفاض في الطلب على السلع المُعمرة بنسبة 8.2 في المائة وانخفاض مؤشرات النمو الصناعي، وهذا جعل المُستثمرين يستشرفون العام الجديد بقلق على نمو الإنتاج الصناعي تحديداً.
من المعروف أن إنفاق المُستهلكين يُعتبر أحد أهم مصادر نمو الاقتصاد الأمريكي لذا فإن انخفاض أسعار المساكن سواء الجديدة أو المُستخدمة الحالية يُعتبر ذا تأثير قوي على مستويات إنفاق الفرد، وهذا الانخفاض حدث في عام 2006، حيث انخفضت المساكن المُستخدمة بنسبة 1.7 في شهر آب (أغسطس) لأول مرة منذ أيار (مايو) 1995، وأيضاً هبطت أسعار المساكن الجديدة بنسبة 22 في المائة منذ أعلى مستوى لها في تموز (يوليو) من عام 2005، وهذا الانخفاض في الأسعار له تأثيراته السلبية كما قلت على إنفاق الفرد، حيث تُعتبر المساكن بالنسبة للأمريكيين بمثابة أصل يُوفر السيولة ويمنحهم المال جراء الاقتراض برهن المسكن، هذا المال الذي يتوافر للأمريكيين يتم إنفاقه من قبلهم لاستهلاك العديد من المنتجات والخدمات، لذا فإن هبوط قيمة المساكن قلل من حجم السيولة التي من المُمكن أن تتوافر في أيدي المُستهلكين.

التضخم والدولار
"الاحتياطي الفيدرالي" تحدث كثيراً عن التضخم وبين أن نسبته مرتفعة خلال فترات مختلفة من العام ولكنه أكد أن التضخم تحت السيطرة، لكنه عاد ليتحدث عن تخوفه من التضخم مرةً أخرى وربما هذا يعود إلى الخوف من تأثير انخفاض قيمة الدولار، حيث إن انخفاض الدولار ألقى بظلاله السيئة على الاقتصاد وكأن الاقتصاد الأمريكي لا يكفيه ما يُعانيه من ضغوط، فرأينا انخفاض الدولار 4.4 في المائة بداية كانون الأول (ديسمبر) ويبدو أن هناك المزيد من الهبوط ومعظم التوقعات ترى أن الدولار سيبقى عند مستويات متدنية وقد يهبط أكثر، لذا فإن أي ضعف في الاقتصاد الأمريكي ويرافقه تزايد العجز في الميزان التجاري سيؤدي حتماً إلى وضع سيئ.
انخفاض الدولار سيجعل الشركات الأمريكية رخيصة الثمن بالنسبة للمُستثمرين الأجانب ولكنه في المُقابل سيُمكن ويُساعد الحكومة الأمريكية على تسديد ديونها بثمن رخيص، وإذا استمر هذا الانخفاض فإن المشترين للدولار من الأجانب لن يستمروا في دعمه وإقراض الحكومة الأمريكية، نعود للحديث عن التضخم الذي قادنا إلى الدولار، حيث إن التوقعات تتحدث عن أن مؤشر أسعار المُستهلكين الأساسيةCore CPI سيصل في عام 2007 إلى نسبة 2.4 في المائة ولكنه يبقى ضمن النطاق المقبول بالنسبة للبنك المركزي، وهذا التضخم لا يعني أن المُستهلكين سيتوقفون عن الاستهلاك وخير دليل على ذلك أن الاستهلاك لم ينخفض منذ عام 1991م لذا سيبقى الاستهلاك عند مستويات مقبولة.

تأثير النفط
كما هو معروف ومُسلم به فإن النفط له تأثير قوي على كل اقتصاد ولكن له تأثير أقوى على الاقتصاد الأمريكي سلباً أو إيجاباً وقد شهدنا في عام 2006 ارتفاع أسعاره ثم انخفاضها، لذا فإن كثيرا من الاقتصاديين يتوقعون استمرار انخفاض سعره حتى مع توجه دول أوبك إلى تخفيض الإنتاج، وهذا الانخفاض المُتوقع سينعكس بالإيجاب على أداء الشركات وأرباحها وبالتالي أسعار الأسهم، ورأينا في عام 2006 كيف أنه مع بدء انخفاض أسعار النفط بدأت الأسواق تشهد الارتفاع في مؤشراتها، من جهة أخرى فإن انخفاض أسعار النفط سيؤدي بالضرورة إلى توافر مزيد من السيولة في أيدي المُستهلكين مما يعني توجه هذه السيولة المُتوافرة واستهلاكها في نواح أخرى، كما يُعول الاقتصاديون دائماً على إنفاق الشركات مع بداية كل عام لما لإنفاقها من أثر كبير على الاقتصاد وسيتبين هذا الإنفاق من خلال شراء الشركات مزيدا من معدات التصنيع والسلع المُعمرة.

الفائدة
أسعار الفائدة ذات فاعلية على الاقتصاد ويستخدمها البنك المركزي في مكافحة التضخم الذي يُعاني منه الاقتصاد الأمريكي، وقد لاحظنا ثبات نسبة الفائدة منذ النصف الثاني من عام 2006، هذا الثبات هو أسلوب البنك المركزي حتى يتمكن من الموازنة بين مكافحة التضخم وبين الرغبة في نمو الاقتصاد بدرجة معقولة تضمن عدم ركوده.

هذه الرغبة في التوازن أطلق عليها محافظ البنك المركزي عبارة "الهبوط الآمن" Soft-Landing وهي فكرة تقوم على تهدئة نمو الاقتصاد عند مستوى يسمح بتخفيض معدلات التضخم المرتفعة دون أن يدخل الاقتصاد الأمريكي في دائرة الركود الاقتصادي، والأقرب للصواب أننا لن نرى تغييراً قريباً في سياسة وطريقة إدارة البنك المركزي لسياسته النقدية بداية العام الحالي.
صحيح أن الاقتصاديين يتوقعون أن تبقى الفائدة عند معدلها الحالي خلال النصف الأول من العام الجديد 2007، ولكن عند حدوث مزيد من انخفاض الدولار فإن هذا قد يُجبر البنك المركزي إلى رفع الفائدة حتى يكون العائد على الدولار أعلى ويكون أكثر جاذبية.

علامات تفاؤل
دائما يبحث المُستثمرون عما يدعو للتفاؤل في بداية كل عام جديد لم لا؟ وقد كانوا في عام 2006 متشائمين ومتخوفين ومن ثم انتهى العام بنتائج إيجابية ورائعة لم يُحققها منذ عام 2003، وأول علامات التفاؤل هي أن المُستثمرين يعقدون الأمل على توقع عدم قيام البنك المركزي الأمريكي برفع الفائدة مما يُقلل من الضغوط على الشركات التي تمول مشاريعها بالاقتراض.
كما أن اقتصاد العديد من الدول سيشهد نمواً خاصة الصين والهند واليابان التي تعتمد في نمو اقتصادها على قوة الصادرات وهذا بدوره سيعود بالنفع على الاقتصاد الأمريكي نظراً لتداخل اقتصاديات العالم وتنوع استثماراتها البينية، أما الأوضاع السياسية فإنها من المُحتمل أن تتجه نحو التهدئة خاصة مع دخول الديمقراطيين إلى مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية.
أيضاً ستستمر موجة اندماج الشركات والاستحواذ نظراً لوجود سيولة ضخمة حيث شهدنا صفقات اندماج واستحواذ عالمية قُدرت بـ 3.5 تريليون دولار أمريكي منها 1.3 تريليون حجم الصفقات التي تمت في الولايات المتحدة الأمريكية ويُتوقع أن يكون حجم الصفقات في عام 2007 أكبر بكثير، هذه الاندماجات وعمليات الاستحواذ تُكون شركات ضخمة وقوية تسعى إلى تحقيق نمو واقتناص فرص أقوى مما يوجه المُستثمرين على اختلاف أحجامهم نحو هذه الشركات بغرض الاستثمار فيها.

نظرة فنية
لا يُمكن أن نستغني عن أخذ نظرة على مؤشر ناسداك من ناحية التحليل الفني وبشكل سريع حيث بالنظر إلى الرسم البياني المرفق الذي يُبين أداء "ناسداك" على الإطار الأسبوعي Weekly Chart نجد أن "ناسداك" يسير في قناة صاعدة على المدى الطويل وقد استخدمنا ثلاثة متوسطات مع رسم القناة الصاعدة وهذه المتوسطات هي متوسط عشرة أسابيع (ما يُكافئ متوسط 50 يوم) ومتوسط 20 أسبوع (يُكافئ متوسط 100 يوم) ومتوسط 40 أسبوعا (يُكافئ 200 يوم) وترتيبهم من الأعلى إلى الأسفل على التوالي.
نلاحظ أن "ناسداك" يسير في قناة صاعدة وأنه منذ تجاوزه لمستوى 2375.45 في بداية شهر تشرين الثاني (نوفمبر) وهو أصبح يسير بشكل جانبي كأنه يُشكل نمط تماسك Consolidation وما زال باقي فوق متوسط حركة عشرة أسابيع (50 يوما) وهذا أمر إيجابي طالما أنه فوق هذا المتوسط، كما يتضح أن مستويات الدعم على المدى الطويل هي عند مستوى 2375 نقطة يليها متوسط 40 أسبوعا (200 يوم) عند مستوى 2337.38 نقطة، ونلاحظ أن مؤشر RSI في القسم الأعلى من الرسم البياني كان يسير في اتجاه صاعد ولكنه بدأ يأخذ نمط الهبوط بعد أن وصل إلى مستوى69.73 نقطة وربما نشهد خلال الأسابيع المقبلة موجة بسيطة من الهبوط ومؤشر S&P 500 أوضح مؤشر يفضح الرغبة في هذا الهبوط على الرسم البياني اليومي الخاص به.
مراقبة المؤشر على الرسم البياني اليومي Daily Chat تُظهر إشارات التحذير على مدى أقصر من الرسم البياني الأسبوعي، لذا يجب مراقبتها علماً بأن قراء "الاقتصادية" الذين اعتادوا على متابعة تقرير الاقتصادية الأسبوعي عن أسواق الأسهم الأمريكية يجدون في التحليل الفني الأسبوعي الجواب الشافي بإذن الله.

<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/masho8.12.jpg" width="499" height="300" align="center">
<img border="0" src="http://www.aleqt.com/picarchive/masho8.1.207.jpg" width="350" height="250" align="center">

الأكثر قراءة