الصحة والسلامة المهنية

[email protected]

بادرة رائعة من الهيئة التنفيذية لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي أن تضع ضمن جدول أعمالها في اجتماعها الدوري الـ65 إنشاء لجنة خليجية للصحة والسلامة المهنية، وذلك لأهمية "الصحة المهنية" مفهوما وتطبيقا وكذلك تشريعا وتنفيذا.
ورغم أهمية الصحة المهنية وضرورة تطبيق مفاهيمها وقوانينها، فقد جاء إنشاء لجنة تعنى بهذا الأمر متأخرا نوعا ما، ولكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا.
لدينا في مملكة الإنسانية، وبفضلٍ من الله، القدرات والإمكانات التي أرجو أن يستفاد من خبراتها ويستعان بعلمها وقدراتها ولا نضيع مزيدا من الوقت والجهد في مناقشة هذا الأمر والتسويف في تطبيق مفاهيم الصحة المهنية وقوانينها، وكذلك التعريف بالكم الهائل والنوعي الذي نمتلكه في هذا المجال، حيث نضاهي الدول المتقدمة في عدد، نوعية، وكفاءة المختصين بـ "الصحة المهنية" في بعض مؤسساتنا العملاقة ممن قطعت شوطا كبيرا في هذا الجانب.
منذ زمن بعيد، وفي أكثر من مناسبة ومقال، نوهت إلى ضرورة إدخال وتطبيق مفهوم الصحة المهنية إلى مصطلحاتنا وحياتنا اليومية، حيث تناقش الصحة المهنية أدق التفاصيل وأهمها في حياتنا العملية.
لست في حاجة إلى التعريف الأكاديمي بـ "الصحة المهنية" كما هو مشتق من الكتب ويصعب علينا فهمه وتطبيقه، بل سأعرف الصحة المهنية بأنها "المحافظة على وحماية صحة العامل من الأخطار التي تحيط به في بيئة عمله، والتقليل منها".
هناك من يتعامل يوميا مع موادٍ وأدوات خطرة قد تسبب له أضراراً، أمراضاً، أو حالات من العجز الدائم أو المؤقت خلال ممارسته لمهنته، وفي أسوأ الأحوال الوفاة.
ويختلف تأثير بيئة العمل ودرجة خطورته وسرعته بنوعية المهنة ومتطلباتها بدءا من طريقة الجلوس والإضاءة في المكتب إلى التعامل مع المواد الكيمائية الخطرة، مرورا بالإشعاعات النووية وكل ما يتعلق بالمهنة من أخطار وآثار لها علاقة بأدق التفاصيل.
لكن، ورغم التعامل اليومي مع الكثير من المواد والمعدات الخطرة للغاية، يمكننا الحد والتقليل من الإصابات والآثار السلبية للمهنة عندما يزداد وعينا وإدراكنا ونسارع في تطبيق مفاهيم وإرشادات الصحة المهنية.
يهمني كثيرا أن نبتعد عن العشوائية والقرارات الارتجالية ونجعل كل ما يتعلق بالصحة والسلامة المهنية يطبق بشكل علمي ومدروس ونتيجة الأبحاث والدراسات ونبدأ حيث انتهى الآخرون وبشكل عاجل.
تؤلمني كثيرا إصابات العمل التي تؤدي إلى إعاقة البعض وكان من الممكن تفاديها، أو التقليل من تأثيرها، لو قمنا بتوعية العاملين، وتأمين معدات الحماية والوقاية لهم وألزمناهم بقوانين وأنظمة الصحة المهنية دون تهاون أو تراخ.
الجهل والتهاون الذي يسيطر على البعض أثناء تأديتهم عملهم، خاصة عند التعامل مع المواد والمعدات الخطرة، يجعل نسبة الإصابة مرتفعة للغاية.
إنني أجد أن إنشاء لجنة خليجية للصحة والسلامة المهنية فرصة علينا الاستفادة منها والتوسع في التوعية بأهميتها وسرعة تطبيق أنظمة وقوانين الصحة المهنية العالمية بشكل علمي ومدروس دون تهاون أو تراخ، والاستفادة من الإمكانات المتوافرة لنشر ثقافة الصحة المهنية في المجتمع بشكل واسع وسريع لحمايتهم ووقايتهم من الأخطار المحيطة بهم في بيئة العمل وزيادة ساعات عملنا وطاقاتنا بسلامة وأمان دون إصابات وحوادث عمل.
ولا يفوتني التنويه بضرورة التكاتف والتعاضد في نشر وتطبيق مفاهيم الصحة المهنية بين كل من له دور وتأثير في ذلك. وفق الله الجميع وحماهم ووقاهم، والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي