صداع في رأس الوطن
صداع في رأس الوطن
لا شك أن قضية منح البناء من أكثر الأمور حساسية وجدلا وإحراجا لكثير من الجهات الحكومية، لقد خلقت تلك القضية سوقا رائجة للمحسوبية والاستنفاع والوسطاء والشائعات والاتهامات وغيرها من أوجاع الرأس المختلفة.
وأكاد أجزم أن قضية المنح كانت من أعظم الأمور التي أدت إلى خلل وعطب في التنمية العمرانية يحتاج إصلاحه إلى ثمن باهظ مكلف وربما استمر صداعه عشرات السنين.
من أبسط مشاكلها أن الدولة تعجز عن أن تجد موقعا لمدرسة أو مرفقا صحيا أو مبنى حكوميا، بل إنني اذكر أنه قبل نحو 20 عاما أننا بحثنا عن ارض لإقامة مشروع عملاق حيوي ومعلم من معالم العاصمة يخدم المدينة فلم نجد. هذا قبل 20 عاما ( تخيل قبل 20 عاما ) أي أن جميع الأراضي مملوكة في بلد صحراوي شاسع المساحات مترامي الأطراف. نعم جميع الأراضي مملوكة حتى لم تتبق أرض لمساجد الله، هذا شيء محزن ومؤسف أن قارة من الصحراء لا تجد أراضي لمشاريعها وأراضي لمدارس أبنائها ولمستشفياتها ومرافقها الأخرى.
ومع هذا اجزم أن الفرصة ما زالت متاحة وما زال في الوقت بقية، لنستفيد من التجارب السابقة والأحداث التي عصفت بالتنمية العمرانية، وأن نتأمل فيها. إذ إن ذلك ربما يفتح الأعين على كنوز الدنيا التي بين أيدينا ألا وهو الذهب الأصفر نعم الذهب أقصد تلك الصحاري الشاسعة، التي يمكن أن نحولها إلى ذهب وثروة وخيرات لا يصدقها عقل.
بكل بساطه تخيل أن جميع تلك الأراضي في يد الدولة لا تعطيها ولا تقدمها إلا لمن يبدع فيها ويضع الأفكار الجميلة وتحت شروطها أي أن المطور ملتزم ببناء المدارس على حسابه. (هذا عرض لا يصدق لوزارة التعليم) وملتزم ببناء المراكز الصحية (هذا عرض لا يصدق لوزارة الصحة)، وتنفيذ شوارع فسيحة جدا ومواقف في كل شارع وحدائق غناء.
(هذا عرض لا يصدق لوزارة الشؤون البلدية و القروية)، وشبكات للكهرباء على أعلى المواصفات وشبكات للصرف الصحي ومحطات لمعالجة المياه (هذا عرض لا يصدق لوزارة المياه و الكهرباء) بل إن الهدية التي يمكن أن تقدم إلى المواطنين المحتاجين هي أن تخصص نسبة من تلك المخططات إلى ذوي الدخول المحدودة.
تخيل ذلك وتخيل كم حجم الفرصة التي ستتاح للوطن وجميع الجهات الحكومية فوزارة التربية والتعليم ستجد مدارس جاهزة على أعلى المواصفات وبمساحات كبيرة كافية, ووزارة الصحة ستجد مباني المراكز الصحية جاهزة دون صراع مع وزارة المالية. ووزارة المياه والكهرباء سوف تجد الشبكات والمحطات الجاهزة والمواطن الضعيف يجد أرضا بخدماتها. ووزارة الشؤون البلدية والقروية ستجد الحدائق والمرافق البلدية على أعلى المواصفات. كل ما على الجهات أن الحكومية أن تطلب ما تريد
أنا متأكد أن المطورين سوف يوافقون على كل الشروط وسوف يقولون بكل ثقة: يا وزارات اطلبي وتدللي.