خيم الأطفال تتحول في الحج للمفترشين الكبار
ربما لم يطرأ ببال الدكتور الألماني المسلم محمود بودو مصمم خيام مشعر منى بشكلها الحالي خروج الخيام البلاستيكية الصغيرة و"الفوضوية" بين تلك المنظومة من خيام منى، هذا المشروع العملاق الذي مكن السعودية من تجسيد خيم تحقق بها أسس الأمن والسلامة، لاحتواء إسكان أكثر من مليوني حاج في بضعة أيام.
وسجلت الخيام البلاستيكية أو ما تعرف بخيام الرحلات حضورا قويا في السنوات الأخيرة في مشعر منى وعرفات، حيث وجد الكثيرون من الحجاج المفترشين والمتخلفين من عمرة رمضان ضالتهم في دور خدمة تلك الخيام، حيث تتميز بسهولة حملها ونقلها ونصبها وقدرتها على أداء جزء من الحاجة، للوقاية من الشمس أو المطر والبرد، إضافة الى سعرها الزهيد.
وعرفت السعودية هذا النوع من الخيام قبل نحو عقد ونصف من الزمن، وكانت تنتشر آنذلك في البيوت كإحدى وسائل الترفية للأطفال، وبدأت تظهر وتنتشر على استحياء مع الناس على كورنيش البحر وفي المنتزهات والمسطحات الخضراء وخارج المدن، لكن انتشارها في الحج بدأ في السنوات الأخيرة.
وكان في البداية يتسرب على استحياء بين أطراف المخيمات وعلى الأرصفة وتحت الجسور، حتى أصبحت بكثرتها في العامين الماضيين تشكل إزعاجا يعوق تحركات الحجاج ودراجات الخدمات والدوريات الأمنية، وتشجع على فوضوية الافتراش من ساحات الحرم حتى آخر مكان في مشعر منى.
واليوم في ظل تسرب أعداد كبيرة من متخلفي العمرة وفقراء الحج إلى مشعر منى، لم يعد يتوافر المكان أمام الحجاج المفترشين إلا بصعوبة في ظل وجود شوارع وطرقات عريضة ونظيفة أنشأتها الحكومة السعودية لسهولة تنقل الحجاج بين مشعر منى، لكن إطلاق مئات من الحجاج المتخلفين من العمرة لفتح ووضع هذه الخيام والنوم بداخلها وسط تراكم أعداد كبيرة من تلك الخيم بجانب بعضها بعضا أضحت تلك "المنظومة الفوضوية" بألوانها الزاهية محط اختبار لقوة كبيرة من قوات المشاة تتحرك في هاجسها إلغاء إقامتها.
وهنا يؤكد اللواء سعد الخليوي مساعد قائد قوات أمن الحج لإدارة وتنظيم المشاة، أن فريقا من رجال الأمن يتجاوز تعداده ثمانية آلاف من الضباط والجنود تم تدريبيهم وتهيئتهم لأول مرة في أعمال الحج، لإزالة الخيام البلاستيكية من حج موسم هذا العام.
يدرك جميع المسؤولين المكلفين بالعمل في المشاعر المقدسة من مدنيين وعسكريين مدى إزعاج هذه الخيام في الطرقات والشوارع وتعطل حركة السير، ووقوع الحوادث وإعاقة وصول سيارات الخدمات والإسعاف والدفاع المدني إلى الأماكن التي تقصدها بسهولة، إضافة إلى ما تخلفه من بيئة قذرة، مرورا بعدم توافر أدنى اشتراطات السلامة لساكنيها. في الوقت الذي استغل المتخلفون والمفترشون حشوها من الداخل بالأطفال والنساء أمام رجال الأمن في محاولة لاستغلال الجانب الإنساني على أطهر بقاع الأرض وفي أفضل أيام السنة أمام رجل يسعى إلى محاولة تطبيق النظام وحماية حياة الفوضويين.