المُستثمرون في شركات التكنولوجيا يترقبون نتائج شركاتهم بحذر
المُستثمرون في شركات التكنولوجيا يترقبون نتائج شركاتهم بحذر
اعتادت سوق الأسهم الأمريكية أن ترتفع مؤشراتها في الأسابيع التي تسبق عيد الكريسماس ورأس السنة حتى أُصطلح على تسمية فترة الارتفاع هذه باسم "سانتا رالي"، ولكن انخفاض السوق في الأسبوع الماضي خيب آمال المُنتظرين لهذا الارتفاع السنوي، وهذا السيناريو حدث بالطريقة نفسها في نهاية العام الماضي ولكنه أخف وطأة هذا العام. الانخفاض الذي حدث ليس له ما يُبرره اقتصادياً وإنما توقع حدوثه بنسبة كبيرة المُحللون الفنيون، ذلك أن الارتفاعات في الأسابيع الماضية لا بد أن يعقبها جنيّ أرباح، صحيح أن البيانات الاقتصادية لم تكن على الوجه المُتوقع مثل تقرير السلع المُعمرة الذي صدر، ولكن الصورة العامة ما زالت متفائلة وتُنبئ بتحسن الاقتصاد وانحسار ضغوط التضخم.
أنهت أسواق الأسهم الأمريكية نشاطها على انخفاض بعد أسبوع كامل وأكثرها هبوطاً كان مؤشر ناسداك الأكثر انخفاضاً بنسبة 2.3 في المائة نظراً للتوقعات المُستقبلية السيئة التي أعلنتها كُبريات شركات التكنولوجيا وعلى رأسها شركة أوراكل، مما جعل المُستثمرين في شركات التكنولوجيا يخافون أن تُعلن شركاتهم التوقعات نفسها فقاموا بالبيع، أعقبه في الهبوط مؤشر S&P 500 الذي انخفض بنسبة 1.1 في المائة، أما أقلها انخفاضا فهو مؤشر داو جونز بنسبة 0.8 في المائة.
البيانات والمؤشرات الاقتصادية التي صدرت كانت متنوعة ولكن المُستثمرين تأثروا بالنتائج السيئة منها مثل مؤشر أسعار المُنتجين PPI الذي ارتفع في تشرين الثاني (نوفمبر) بنسبة 2 في المائة على عكس نتيجته التي كانت منخفضة في تشرني الأول (أكتوبر) بنسبة 1.6 في المائة، أما مؤشر أسعار المُنتجين الجوهري Core PPI الذي يستثني أسعار الأطعمة والوقود فارتفع هو الآخر في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 1.3 في المائة بعد أن كان مُنخفضاً في تشرين الأول (أكتوبر) بنسبة 0.9 في المائة، ثم صدر تقرير سيئ عن مبيعات السلع المُعمرة في تشرين الثاني (نوفمبر) التي ارتفعت مبيعاتها بنسبة 1.9 في المائة!!! إذن أين الخبر السيئ في هذا الإعلان؟ الخبر جاء على هذا النحو: أنه في حالة استثناء مبيعات سلع معمرة مثل معدات ومركبات النقل باختلافها تهبط مبيعات السلع المعمرة في تشرين الثاني (نوفمبر) بنسبة 1.1 في المائة، وهذا يعني انخفاضا في النشاط الصناعي حيث إن آلات التصنيع التي تعتبر سلعا معمرة هبط الطلب عليها.
يؤيد فكرة انخفاض النشاط الصناعي صدور مؤشر فيلادلفيا لشهر كانون الأول (ديسمبر) حيث انخفض بنسبة 4.3 بعد أن كان مرتفعاً بنسبة 5.1 في المائة. صحيح أن هذا المؤشر يُغطي النشاط الصناعي في منطقة محددة من الولايات المُتحدة الأمريكية ولكن يُمكن سحبه على الوضع العام لكامل الدولة، الأخبار الجيدة جاءت على يد تقرير عن عدد المنازل الجديدة حيث ارتفعت بنسبة 6.7 في المائة.
أخبار الشركات ونتائج أرباحها كان لها وزنها هذا الأسبوع، والاهتمام بها جاء نتيجة الاهتمام بالشركات التي أعلنت أرباحها مثل بنك مورجان ستانلي وشركة فيدكس اللذين أعلنا نتائج إيجابية على عكس النتائج التي أعلنتها شركات مثل بالم وكوالكوم وشركة أوراكل التي جاءت مبيعاتها وأرباحها موافقة للتوقعات بينما أعلنت عن توقعها انخفاض عدد تراخيص استخدام برامجها خلال الفترة المقبلة مما سيؤثر على مبيعاتها، ومن الطبيعي أن يعقب هذا الإعلان نتيجة عمليات البيع على السهم وأسهم أخرى تأثرت بالخبر مما أدى إلى انخفاض في مؤشر ناسداك بشكل موجع ليصل نهاية الأسبوع إلى 2.3 في المائة، لكن هذا لا يمنع أن هناك شركات قدمت أخبارا جيدة ولكن تأثيرها على قطاع التكنولوجيا محدود مثل شركة رد هات Red Hat التي أعلنت نتائج أرباح قوية وارتفعت 25 في المائة.
الأسبوع الحالي
سيُغلق سوق الأسهم اليوم الإثنين بمناسبة عيد الكريسماس وهذا يُفسر سبب أن تعاملات الأسبوع الماضي كانت هادئة وأحجام الصفقات المنفذة أقل مما سبق، ذلك أن المُستثمرين معظمهم مُنشغلون بموسم العيد والاستعداد له وأيضاً لأن صناديق الاستثمارية أغلقت مراكزها استعدادً للإعلان عن نتائجها السنوية. هذا الأسبوع سيكون هادئاً أيضا لكن هذا لا يمنع أن يُراقب المُستثمرون بعض البيانات الاقتصادية التي ستصدر هذا الأسبوع مثل بيانات تتعلق بنشاط التصنيع الذي بدأ الاهتمام به يتزايد بعد المؤشرات السلبية التي صدرت في الأسابيع الماضية وبيانات اقتصادية أخرى مثل مبيعات المنازل وثقة المُستهلك. من هنا يُمكن توقع أن أي انخفاض أو ارتفاع يقوم به السوق سيكون بسيطا.
من البيانات الاقتصادية التي ستصدر ما يتعلق بمبيعات المنازل الجديدة والمُستخدمة حيث يُتوقع ارتفاع مبيعات المنازل الجديدة إلى 1.02 وحدة سكنية مُباعة في تشرين الثاني (نوفمبر) بعد أن كانت مليون وحدة في تشرين الأول (أكتوبر)، أما مبيعات المنازل المُستخدمة يُتوقع أن تهبط لتكون 6.2 مليون وحدة بعد أن كانت 6.24 مليون وحدة سكنية، وبما أن أداء النشاط الصناعي جذب اهتمام المُستثمرين نتيجة المؤشرات الصناعية السلبية التي صدرت الأسبوع الماضي مثل مؤشر فيلادلفيا ومؤشرات أخرى صدرت في الأسابيع الماضية فإن الاهتمام بمؤشر شيكاغو PMI سيلقى اهتماما متزايدا، حيث يُتوقع أن يرتفع حتى 50.9 في المائة في كانون الأول (ديسمبر) بعد أن كان 49.9 في تشرين الثاني (نوفمبر)، أما مؤشر ثقة المُستهلك فيُتوقع انخفاضه في كانون الأول (ديسمبر) إلى 101.8 بعد أن كان 102.9 في تشرين الثاني (نوفمبر).
التحليل الفني
اتضحت الرؤية أكثر وها نحن نرى "ناسداك" يهبط بنسبة 2.3 في المائة في أسبوع مُبتعداً عن المتجه الصاعد وكسره بشكل واضح مما يعني توجهه الصريح نحو جني الأرباح بعد فترة من عدم قدرة المُستثمرين على اتخاذ قرار واضح ولكن نتائج أرباح كبريات شركات التكنولوجيا غير الجيدة وغير المُتوقعة حسمت الموقف ودفعت المُستثمرين إلى بيع أسهمهم، ورأينا بعدها مؤشر ناسداك يتراجع حتى أغلق عند 2401.18 قريباً جداً من متوسط 50 يوما. وفي تقرير الأسبوع الماضي بينت بشكل واضح أنه إذا لم يتمكن "ناسداك" من الرجوع فوق المتجه الصاعد فإن مصيره إلى هبوط أكثر وبينت أن متوسط حركة 50 يوما وأيضاً الحد السفلي "للبولينجر باند" سيعمل عمل مستوى دعم يمنع من هبوط أكثر لـ "ناسداك".
نظراً للوضع الفني وأننا نعيش فترة نهاية العام فمن الأفضل مراقبة السوق وكيف سيهبط ونتلمس مستويات الدعم التي ستعين "ناسداك" على تحقيق هبوط آمن ومُسالم. "ناسداك" حالياً يقف عند أول مستويات الدعم وهو متوسط حركة 50 يوما عند مستوى 2401.68 نقطة يليه مستوى دعم صغير عند 2390 نقطة تكون في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، منطقة الدعم الثانية توجد قريباً من مستوى 2320 نقطة وهو قريب من مستوى تراجع فيبوناتشي الشهير 32.8 في المائة. قد يقول البعض أن هذا إفراط في التشاؤم، والحقيقة أنها نظرة لما سيكون عليه الحال إن ساءت الأمور لا أكثر، ولو اتجه "ناسداك" نحو الارتفاع فإن أول مقاومة تقف في وجهه هي عند مستوى 2432 نقطة بسبب وجود متوسطي حركة عشرة و20 يوما عند هذه النقطة تقريباً.