بعثات الحجاج.. أجواء من السعادة والروحانية في لقاء إسلامي

بعثات الحجاج.. أجواء من السعادة والروحانية في لقاء إسلامي

تلبس المدينة المنورة عادة في مثل هذه الأيام من موسم الحج ثوباً ملوناً يعكس الألوان المختلفة التي تحتضنها المدينة النبوية من أفواج الحجيج قبل انتقال تلك الأفواج إلى مكة المكرمة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.
وفي الوقت الذي تشير إحصائيات القدوم حتى صباح الخميس الماضي إلى رقم يقترب من 800 ألف بقي منهم زهاء ربع المليون حاج من مختلف الجنسيات الإسلامية، تتوافد في هذا الأثناء قوافل الحجيج القادمة من روسيا ودول الاتحاد السوفيتي سابقاً بشاحناتهم المميزة والتي تشبه إلى حد بعيد الناقلات العسكرية. وتبدو الصورة على قدر كبير من التشويق من خلال هذه البانوراما الرائعة التي يلحظها الراصد للحجيج قريبا من المسجد النبوي مع التنوع الهائل في اللغات واللهجات والأعراق والألوان لترسم لهذا البنك الإسلامي صوراً عالمية الأبعاد لا تتعلق بعرق دون عرق ولا لغة دون أخرى.
يقول الأمريكي يحيى فلاد "أجمل ما يميز الحج هو هذه الصور الرائعة لتمازج البشر بمختلف جنسياتهم وألوانهم صفاً واحداً لا يحتقر فيهم ضعيف ولا يعلو بينهم عال ". ويقول الإيراني بختيار زادة "الوحدة الإسلامية في الحج تعلو على الاختلافات السياسية التي تفرق الصفوف ليأتي مشهدنا في الحج متجانساً ومتشابهاً إلى حد بعيد حتى وإن كان كل منا يملك اختلافاً خاصا يفترض فيه أن يخلق زيادة لنا لا نقصا علينا".
وتتميز تلك البعثات فيما بينها بشيء من الروح التي يصبغها أفرادها على الجو العام السائد فيها بعد أن تم تأمين مساكن البعثات من خلال مؤسسات تتعاقد معها وزارات الحج المعنية في البلدان الإسلامية بالتنسيق مع وزارة الحج السعودية الأمر الذي يسير في اتجاه مقبول من غالبية البعثات وأفرادها، إلا أن الحجاج السودانيين بدماثة خلقهم المعروف وخفة الدم التي أسبغها عليهم النيل لا يكفون عن النقد الذاتي لتنظيم بعثتهم التي يتهمونها بالقصور تجاه سكنهم في المنطقة المركزية وفنادقها الفاخرة. ويشير الحجاج السودانيون إلى أنهم الوحيدون الذين يجدون مشكلة في سكن البعثات مع الإشارة إلى أن تكلفة حج السوداني الواحد تبلغ نحو العشرة آلاف ريال سعودي. ويهمس أحد إفراد البعثة متحدثاً عن أمير الفوج السوداني والذي لم يتعد عمره الرابعة والعشرين قائلا "إنه قريب حاكم الإقليم ويعمل في مكتبه"، مشيرا بطرافة إلى أن أمير الفوج هذا هو الذي ضاع من فوجه وبعد عناء طويل تم العثور، عليه متسائلا: كيف يتم التعيين لرئاسة الفوج؟ وبأي شروط ؟.
ويشير آخر ـ بطرافة أيضا ـ إلى جيش الموظفين في ثكنات الحجيج: السودانيين ولكن بإدارة بطيئة لمشكلات أفرادها ويروي بطرافة فيما كانت سيارات الحجيج في انتظار من يستقبلها، ويضيف الطائف إبراهيم "إذا صادفت وأنت في الشارع حاجا ضائعا فتأكد أنه سوداني" مبررا ذلك بالقول لأنهم يسيرون فرادى لا جماعات ولكونهم أبعد البعثات عن الحرم فهذا أدعى لأن يضيعوا ثم لأنهم في فنادق متواضعة لا يعطون حين خروجهم بطاقات تحمل عنوان الفندق أو خريطته.
وليست تلك مشكلة الحاج السوداني وحده إذ إن الكثير من البعثات تعاني من مشكلة ضياع الأفراد عن مجموعاتهم رغم كثير من الاحتياطات التي تقوم بها كل تلك البعثات والتي تصرف لها الجهات الرسمية الكثير من المال وتوظف لها العديد من القطاعات العسكرية والكشفية لإبقاء موسم الحج خاليا من المنغصات التي قد تضيع جو الروحانية الذي يلف صفوف تلك البعثات المجتمعة من كل فج عميق.

الأكثر قراءة