ضرورة دمج التقنية في البنية الأساسية للمشاريع العقارية لتحقيق النجاح
ضرورة دمج التقنية في البنية الأساسية للمشاريع العقارية لتحقيق النجاح
أكد جريج باريت رئيس مجلس إدارة "إنتل"، أن تقنية المعلومات هي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها، وأن الاستخدام الذكي لهذه الوسيلة هو ما يجعل التعليم أفضل. ودعا باريت خلال حواره مع "الاقتصادية"، إلى ضرورة دمج تقنية المعلومات في البنية الأساسية للمشاريع العقارية، والبحث عن أفضل الخيارات والإمكانات التقنية المتاحة في كل صقع من أصقاع العالم، وعدم التردد في الذهاب إلى الغرب والإطلاع على أحدث الاتجاهات في مجال المعلوماتية والاستفادة والتعلم منها متى كان هناك العزم على التحول إلى بناء المجتمع الرقمي. وأوضح أن الفرصة مواتية للمملكة لعمل أشياء لم يسبق إليها أحد، وأنه يجب عدم التوقف عند إنجازات الآخرين؛ بل يجب إسراع الخطى والتقدم عليهم إلى حدود أكثر رحابة وبعدا. فإلى تفاصيل الحوار:
هناك تطور متسارع في إنشاء المشاريع العقارية الكبرى في المنطقة .. كيف ترون ضرورة الاهتمام بدمج تقنية المعلومات في مشاريع البنية الأساسية لهذه المشاريع؟
الناس دوما يتحدثون عن ذلك، ومن الواضح أنه من السهولة بمكان أن تقول إننا سنبدأ في توفير بنية تحتية ذات إمكانات تقنية هائلة مثل تقنيات الواي فاي والألياف البصرية وتكنولوجيا النطاق العريض. بيد أنني لست متأكدا من أن الجميع يتبنون منهجا متكاملا. فتبني منهج متكامل يعني أن تكون هناك رؤية واضحة وأنشطة بارعة ودراية كاملة بالبنية التحتية والخدمات والتطبيقات التي تساهم في نجاح العمل. ومن ثم يجب أن يسير الاندماج والتكامل التام بين البرمجيات والعتاد جنبا إلى جنب. وأنا لا أرى أي مثال حاليا يطبق تلك المفاهيم مجتمعة معا. ربما إذا ذهبت إلى دبي ورأيت تطور الموانئ هناك، فهم يبنون مكانا للشحن أو الجمارك ورأيت مبنى الجمارك في المطار، فقد يفكر البعض في تنفيذ تلك الفكرة هنا على أرض المملكة. وربما يهتم البعض بإنشاء المدن الجديدة التي تحظى بالإنتاجية والرعاية الصحية والتطور التقني والحكومة الإلكترونية وهي حزمة أولويات يجب دمجها مع بعضها بعضا. أعتقد أن هذا هو التحدي الحقيقي وفي الوقت نفسه هناك فرصة جيدة يمكن استخدامها. والدولة التي تهتم بتلك الأفكار سيكون لها حظ أوفر من ناحية التقدم الاقتصادي. ومن ثم فمن الضروري الاهتمام بدمج تقنية المعلومات في البنية التحتية للمشاريع العقارية.
من المعلوم أن القطاع العام يلعب دورا مهما جدا في تطوير الاقتصاد الوطني في المملكة، هل تعتقدون أن الناس والحكومة على دراية بتلك الأفكار والمشكلات التي تتحدث عنها؟
في الواقع الحكومة تستمع لآراء من القطاع الخاص ومن جانب الهيئات الاستشارية، فالحكومة تستمع إلى الآراء ولا تتجاهلها. إن تشييد البنايات وتزويدها بأحدث التقنيات يتطلب المزيد من الجهد والعمل الدؤوب. والتحديات تكمن في توفير الخدمات والتطبيقات المهمة والرعاية الصحية. إنها مهام معقدة، وكل مهمة منها تعد بمثابة مهمة صعبة للغاية وتمثل تحديا بحد ذاتها، وليس من السهل التعامل معها. ولا يمكن لشخص أو شركة بمفردها أن تقوم بذلك، وبالتالي الأمر يتطلب تضافر الجهود وجلب أفضل الإمكانات من جميع أنحاء العالم.
ما النصحية التي تقدمونها في هذا الشأن للقطاعين الخاص والحكومة من واقع خبرتكم العملية؟
في المقام الأول من الأهمية بمكان أن يكون لدى القائمين على الاستثمار في المملكة العربية السعودية أهداف طموحة يسعون لتحقيقها، وأن تكون هناك جهود حثيثة من أجل الوصول إلى القمة وحتى تكون الأفضل.
ثانيا: أدعو إلى البحث عن أفضل الخيارات والإمكانات التقنية المتاحة في كل صقع من أصقاع العالم، وألا يكون هناك تردد في الذهاب إلى الغرب والاطلاع على أحدث الاتجاهات في مجال المعلوماتية والاستفادة والتعلم منها متى كان هناك العزم على التحول إلى بناء المجتمع الرقمي. فإذا أردت أفضل بنية تحتة في مجال الرعاية الصحية، فلا داعي للذهاب هناك ونسخ مستشفى رقمية أو خلافه؛ فكلما كان لديك أفضل رعاية صحية رقمية وأفضل استخدام لتقنية المعلومات، ستحصل على أفضل الخدمات في مجال رعاية المرضى وأفضل سجل طبي إلكتروني. وهذه الرعاية الصحية الرقمية ليست مقصورة على الغرب والدول المتطورة؛ بل تجدها في دولة مثل تايلاند. وإذا أردت أفضل استخدام للتعليم فعليك باستخدام تقنية المعلومات.
أيضا لا يكفي دعوة القطاع الخاص لاستخدام التكنولوجيا، ويفترض ألا تألوا الحكومة جهدا في توفير كل ما يحتاج إليه المواطنون من دعم، ولا سيما أن الحكومة لها دور كبير في ذلك، وحوكمة الشركات، واستخدام التكنولوجيا لتطوير التدريب والتعليم وجعله مستمرا دون توقف، إضافة إلى توفير رعاية صحية بأسعار معقولة.
وعلى الحكومة أن تبادر بإيجاد جميع الأنظمة التي تساعد على تنظيم الاستثمار، كما أن على القطاع الخاص المساهمة في تطبيقها، ولا سيما أن هناك فرصة عظيمة للمملكة لعمل أشياء لم يسبق إليها أحد، وبالتالي يجب عدم التوقف عند إنجازات الآخرين؛ بل يجب إسراع الخطى والتقدم عليهم إلى حدود أكثر رحابة وبُعدا.
من المعلوم أنكم تولون اهتماما كبيرا بقطاع التعليم ومن كبار مناصريه، كيف ترون مدى أهمية دور تقنية المعلومات في مجال التعليم، ولا سيما أن المملكة تتجه نحو تبني استخدام التقنية في مجال التعليم؟
أعتقد أنه من الأهمية بمكان القول إن تقنية المعلومات هي وسيلة وليست غاية في حد ذاتها. والاستخدام الذكي لهذه الوسيلة هو ما يجعل التعليم أفضل. وإذا ما تم استخدام تقنية المعلومات بطريقة صحيحة، فستصبح العملية التعليمية أكثر إثارة ومتعة وستجعل الأطفال يتعلمون ويحبون التعليم أكثر. ومن ثم فإن الاستخدام الفاعل والأمثل لهذه الأداة هو الأهم.
ويمكننا أن نخلص من ذلك بالقول إنه متى ما أردنا دمج التقنية داخل الفصول الدراسية لجعل التعليم أفضل، فإن أول شيء يجب البدء به هو تطوير المعلم. ولذا، فقد قررنا منذ سنوات عديدة أن أهم شيء يمكننا فعله هو تطوير برامج تدريبية فاعلة للمدرسين حتى يتمكن المعلمون من استخدام تقنية المعلومات على النحو الأمثل.
وأود أن أشير هنا إلى أننا نسعى من خلال برنامج "إنتل" "العالم إلى الأمام"، إلى تدريب 10 ملايين معلم على الاستخدام الفاعل للتكنولوجيا في التعليم، مع إمكانية الوصول إلى مليار من الطلبة. كما نعتزم استثمار أكثر من مليار دولار أمريكي خلال السنوات الخمس المقبلة، في ميادين عديدة من بينها التعليم.
وتمتلك "إنتل" تاريخاً طويلاً في السعي لتطوير التعليم حول العالم، وتعمل برامجها المستمرة على إعداد المعلمين والطلبة وتهيئتهم للنجاح في الاقتصاد العالمي.
وتستثمر "إنتل" 100 مليون دولار في التعليم سنوياً، كجزء من مبادرة "إنتل" للتعليم، وذلك بالتعاون مع الحكومات والمؤسسات التعليمية في 50 دولة. وساعد برنامج "إنتل" للتعليم أكثر من .53 مليون معلم في أكثر من 35 دولة. أيضا قمنا بتدريب نحو 200 ألف معلم خلال العام الماضي في منطقة الشرق الأوسط وتركيا. كما سنعمل هنا في المملكة على تدريب 50 ألف معلم خلال العامين المقبلين.
ماذا عن الانتقادات الموجهة لمشروع كمبيوتر محمول بسعر 100 دولار لأطفال العالم الثالث المقدم من مختبر إم آي تي ميديا؟
لنرجع قليلا إلى الوراء، فأحيانا يكون من الأهمية بمكان الرجوع إلى أحداث تاريخية لقراءة بعض التعليقات. فعندما اقترح نيكولاس نيجروبونتي القائم على إدارة مختبر إم آي تي ميديا إنتاج جهاز كمبيوتر محمول مزود بذراع تدويرية لتحريكه ودون أي جرافيك أو برامج. وعندما سألني شخص ما عن هذا الجهاز كان جوابي أنه ليس كمبيوتر محمول حقيقيا؛ بل مجرد أداة، ولا يعتمد تطبيقات الكمبيوتر. وهذا هو الشيء الوحيد السلبي الذي ذكرته حول جهاز السيد نيجروبونتي. إن العتاد الرخيص أمر مهم جدا؛ لأن هناك أماكن لا تنتج مثل هذه الأشياء، لكن الأكثر أهمية أيضا هو أن يكون هناك اتصالية، خاصة تقنية النطاق العريض. فالكمبيوترات يجب أن تكون مزودة بإمكانية الاتصال بالإنترنت والربط بالشبكة وأيضا المحتوى، فإذا جلبت كمبيوتر رخيص الثمن إلى السعودية وليس مزودا بمحتوى عربي، فسيكون صعب التعامل معه. إننا بحاجة إلى التعليم كي نعمل على تدريب المعلمين حول كيفية استخدام التكنولوجيا. فالناس يجب أن يستخدموا الأجهزة وألا يعتادوا على الاحتفاظ بها فحسب. والآن عندما يتحدث نيجروبونتي حول هذا الموضوع يقول "نعم لدي كمبيوتر محمول رخيص الثمن ولكن أيضا الاتصالية والمحتوى والتعليم أمور مهمة ولا يمكن تجاهلها. أنا لا أنتقد وجود أجهزة وعتاد رخيصة الثمن. لن أنتقد نيجروبونتي ولن أقول عنه شيئا سيئا، رغم أنه اعتاد أن يهاجمني في الصحف. فهو يحاول دوما أن يصورني وبيل جيتس على أننا أعداء نقف ضده وأن "إنتل" و"مايكروسوفت" شركتان شريرتان نوعا ما. ولكن أعتقد أن "إنتل" و"مايكروسوفت" لهما نفس العقلية والفكر لاستخدام قدراتهما وإمكاناتهما بطريقة فاعلة في تحقيق مصالحهم المشتركة. ولدينا شراكة مع "مايكروسوفت" قبل الحديث عن مشروع نيجروبونتي بسنوات عديدة، ومن ثم فإن اتفاقنا على عدم جدوى مشروع كمبيوتر محمول رخيص لدول العالم الثالث لا يعني أننا نقف في خندق واحد ضد نيجروبونتي؛ بل هذا مجرد تلاقح في الأفكار.
كيف ترون حجم المنافسة بين "إنتل" و"آي إم دي"، ولا سيما عقب صفقة الاستحواذ الأخيرة لشركة آي إم دي وضم "آي تي تي"، وإلى أي مدى ستؤثر قضية عدم الثقة المثارة ضدكم من قبل "آي إم دي"؟
المحكمة ستقول كلمتها في قضية عدم الثقة المثارة ضدنا، ونحن لم نقدم على فعل أي شيء خطأ. ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى أن الجميع يثق بنا، ومن ثم فها نحن موجودون هنا، ولكن أحيانا يدير العالم لك ظهره. نحن في منافسة مع "آي إم دي" منذ أكثر من 25 عاماً. المنافسة أمر جيد، فهي تجعل كل شركة تتحرك على نحو أسرع وتعمل على جلب تقنيات أفضل إلى الأسواق. ويمر كل من "إنتل" و"آي إم دي" بمراحل جيدة في وقت ما ومراحل سيئة في وقت آخر. "آي إم دي" ضمت "آي تي تي"، وأعتقد أن هذا سيزيد من حدة التنافس. والمنافسة أمر جيد بالنسبة للشركتين وللمستهلك وأنا سعيد بذلك.
إلى أي مدى ستؤثر "التكنولوجيا الهدامة"، من وجهة نظركم، في مجال التعليم وهل ستجعله أرخص أم أغلى، ولا سيما أن بعض التكنولوجيات تصبح متقادمة رغم مرور فترة بسيطة على طرحها؟
إذا نظرت إلى تقنية الحاسوب فستجد أنها تتطور وتتحسن يوما بعد الآخر. ولكن عمر تقنية معينة هو أربع – خمس سنوات، والأمر كله يرجع إلى مدى حاجة المستخدم لتلك التقنية. لا أرى أن هناك شيئا هداما وفقا لتكنولوجيا الكمبيوتر الأساسية. وها نحن نرى أن بعض التقنيات اللاسلكية، وتقنيات الواي فاي، والواي ماكس وولدت لتبقى، حيث نجد عليها إقبالا من المستخدمين. فالمستثمر أو المستخدم لا يقبل على شراء تقنية يعتقد أنها سرعان ما ستخبو وتصبح عديمة القيمة. وبالتالي أرى أن التكنولوجيا الهدامة ليست مؤثرة إلى حد كبير.