"سمينز" تجمع عمدة وأسطورة كرة قدم وطباخ ومدير سيرك في مشروع بـ 2.8 مليار يورو
ماذا الذي يمكن أن يجمع رودولف جولياني عمدة مدينة نيويورك السابق وأسطورة كرة القدم بيليه وفرانكو دراجوني مدير أشهر سيرك في العالم والملياردير الأسترالي جيمس باكر والطباخ العالمي الين دوكاسي ورئيس مجلس إدارة مجموعة سيمنز الألمانية كلاوس كلاينفيلد؟
إن ما يجمع هذا الخليط هو رغبتهم جميعا في تحقيق الشهرة وجني الأموال على ظهر جزيرة استوائية صغيرة قبالة سنغافورة. من الجانب الألماني: تسهم "سيمنز" في المشروع كشريك في كونسورتيوم جمعته حولها شركة تطوير وإبداع العقارات الأمريكية "ايت واندر" . مجموعة النخبة المختارة هذه تحاول الحصول على الطلب لبناء منتجع فندقي وترفيهي ضخم على مساحة واسعة تبلغ 49 هكتارا، وتقدر تكلفة تطوير هذا المنتجع بما يزيد على 5.5 مليار دولار سنغافوري، أي ما يعادل 2.8 مليار يورو. وفي حالة إذا حصلت هذه المجموعة في نهاية كانون الأول (ديسمبر) على العطاء من الحكومة السنغافورية، ستكون "سيمنز" هي الشركة المسؤولة عن وضع جميع التصاميم التكنولوجية للمنتجع الذي يطلق عليه اسم جزيرة هاري Harry's Island. ويقدر خبراء في هذا القطاع حجم الطلب من نصيب "سيمنز" من 10 إلى 20 في المائة من تكلفة البنية التحتية، أي بما يراوح بين 300 و500 مليون دولار.
لكن الأهم للألمان من كل هذه الأرقام العارية من كل شيء هو عامل الدعاية والترويج المؤثر. حيث إن مارك أدفنت رئيس مجلس إدارة شركة إيت واندر، يريد أن يصنع في هذه الجزيرة الاستوائية معجزة تأخذ الألباب, فهو يريد أن تصبح جزيرة هاري موقعا خلابا يجذب السياح من جميع بقاع الأرض. ويقول مدير المشروع بيتر ووج نحن نريد اجتذاب ضيوف من الهند مثلما نريد أيضا من الصين إلى سنغافورة، فيما يتكهن أدفنت من جانبه قائلا نحن نتوقع قدوم 15 مليون زائر سنويا على الأقل. وتمتد المهام الموكلة لـ سيمنز لتغطيتها من تكنولوجيا الأمن والسلامة مرورا بتكنولوجيا النقل والطاقة حتى تكنولوجيا تزويد الماء.
قد يكون وقع الاسم أكثر مللا مما هو عليه واقعيا، حيث إن أحد الأدوار الرئيسية لوجاهة وفخامة المشروع على سبيل المثال تلعبه رقابة مداخل المواقع التي لا تفتح أبوابها إلا للأثرياء جدا، أي أصحاب المليارات - على سبيل المثال ( نادي الـ 400) المخطط لبنائه، الذي سيكون كملجأ ينسحب إليه أغنى 400 شخص على وجه الأرض. وفي الوقت نفسه سيقدم لهم في المبنى المجاور توي بوكس ألعاب ترف للشراء مثل طائرات خاصة أو يخوت فارهة بمبلغ إجمالي يقدر بنحو 200 مليون دولار.
ويقول مسؤول المشروع فرانك تريبيس، الذي يمثل رسميا شركة سيمنز في سنغافورة لمشاريع البنية التحتية الضخمة، سوف نقدم في الجزيرة أعلى المستويات التكنولوجية، على سبيل المثال رقابة الدخول بالأنظمة الحيوية. وفي الواقع، لم يقم تريبيس خلال الـ 24 شهرا الماضية بأي شيء آخر سوى احتضان مشروع جزيرة هاري على مدار الساعـة. وهذه مهمة ليست بالبسيطة, فالشركة الألمانية من مدينة ميونيخ يجب أن تؤسس في جميع المطاعم الـ 50، والفنادق والملاهي والمسارح وصالات العرض وكذلك ملعب بيليه الرياضي المخطط لبنائه، وأجهزة تبريد وتكييف. وتخطط "سيمنز" لإدارة جزء من التكنولوجيا المنفذة بنفسها.
شيء بديهي أن يقوم كلاوس كلاينفيلد، رئيس "سيمنز"، باستعمال كل الوسائل من أجل المشروع. فهو يريد خلال الأسابيع المقبلة، حسب أنباء وردت، إطلاق بوق الدعاية شخصيا في سنغافورة. وهذا ما يعطي إيت واندر حق استغلاله في دعايتها من الآن كدعاية ستجلب للشركة الأصوات أمام هيئة توزيع العطاء. في الدعاية يقف رئيس مجلس إدارة "سيمنز" مبتسما أمام خريطة ذهبية اللون لسنغافورة، ويمتدح المنتجع الترفيهي في سنغافورة وشركته في ميونيخ قائلاً أمام الكاميرا سوف نستغل كل طاقاتنا وكل علمنا من أجل النهوض بجزيرة هاري على أرض الواقع. و"سيمنز" لديها المقدرة على إنشاء أكثر منتجعات العالم تطورا من الناحية التكنولوجيـة. ويلي كلاينفيلد في الدعاية دور بيليه.
وفي الحقيقـة، سيحتم على رئيس "سيمنز" ورجاله تقديم ما هو متطور ومبدع على ظهر هذه الجزيرة، فادفنت لا يعرف حلولا وسط، إذا كان الأمر يمس حلما من أحلام حياته. فهو يعرف تماما أن الأسمنت المسلح والزجاج والحديد الصلب لا تملك تلك الجاذبية لجلب الزوار. ولهذا فكر أدفنت في قصة خيالية لتحقيق مخططاته على أرض الواقع. الرواية هي نسج خيال عن مغامر اسمه هاري اوبراين، شهد في الأربعينيات حادث سقوط طائرته على أرض الجزيرة الصغيرة قبالة سنغافورة، وتعرف عليها وأحبهـا. وبعد مرور الزمن بني عليها هاري فندقا فخما، وفي أحد أفلام الدعايـة أطاحت عاصفة هوجاء بسطح الفندق. من هذه القصة الخيالية، وكما يريد ادفنت واقعيا، سيتم بناء فندق مشابه تماما لفندق هاري، ويستقبل هذا الفندق أول الزبائن بعد أربعة أعوام. ودور "سيمنز" في القصة هو أنها ستعمل على أن يطير سطح الفندق مرة واحدة كل ليلة، حتى يضفي ذلك على الزوار الأثرياء نفحة من حس المغامرة فيما هم يتناولون العشاء.
لكن هذا المطعم سيكون جزءا أساسيا من مجمع الترفيه الضخم. فالمشروع سيشهد إنشاء أفضل فنادق العالم بجانب مراكز ايورفيدا Ayurveda Centers وكذلك تستطيع العائلات أخيرا استئجار أجنحة فندقية على نمط بيوت أشجار صناعية. وسيكون هناك أيضا ستوديو تلفزيون ضخم ينقل ما يجرى على الجزيرة إلى العالم الخارجي، وسيقدم السيرك العالمي سيرك دو سوليل Cirque du Soleil كل ليلة عروضه الرائعة على منصة المسرح الخاصة به، فيما سيكون دور بيليه هو ترويج ملعبه الرياضي، كما سيؤسس مدرسة لرياضة كرة القدم. هذا كله سيعطي محطة أبحاث علوم البحار لمسة خضراء تسرّ الزوار. وينوي ادفنت الاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من أشجار الأدغال، ويريد كذلك تمديد شوارع مائية صناعية وشلال مياه بعلو عشرة طوابق.
وتربط كلاينفيلد كما تسري الأنباء في أوساط "سيمنز"، بـأدفنت علاقة شخصية جيدة، لهذا السبب وقع الاختيار على الشركة الألمانية من ميونيخ، فأدفنت وحسب ما يقول: لقد خاطبت جميع أصدقائي في جميع أنحاء الكرة الأرضية. وفقط بهذه الطريقة يستطيع الحلم أن يصبح حقيقـة. وفي مشروع الجزيرة سيعمل الألمان مع شركات عديدة، منها شركة استشارات الأمن والسلامة التي يملكها عمدة نيويورك جويلياني. فالدويلة سنغافورة لديها تخيلات معينة في كيفية حماية مواطنيها وضيوفهـا. ومن مخططات الحماية التي ستقف عليها "سيمنز" مسؤولية حماية الجانب البحري للجزيرة. وفي نظر لجنة التوزيع كان اختيار أدفنت شركة سيمنز اختيارا صائبا، فالألمان في الدويلة الغنية يتمتعون بشهرة عالية، فهم يصنعون هناك منتجات متعددة منها أجهزة السمع، وكما يقومون أيضا بتزويد شركة السكك الحديدية. وتبذل "سيمنز" منذ أشهر جهودا لافتة للنظر من أجل أن تضع نفسها في سنغافورة في إطار ما يسمى شركة المواطن.
ويتوقع أن يضيء أول المصابيح على جزيرة هاري في عام 2010، بعد فترة بناء قياسية قصيرة. ويتوقع أدفنت البداية في تحقيق الأرباح انطلاقا من عام 2015. وترتبط "سيمنز" خلال فترة العطاء بشركة إيت واندر حصريـا ولم تدخل شركة سيمنز بأي مساهمة في رأس مال الجزيرة، ولكنهم سيتكفلون بمصروفات تطوير التصورات التكنولوجية المبتدعـة. ولكن في حالة إذا ما فازت إحدى الشركات المنافسة مثل كونسورتيوم الشركة الماليزية جينتنج أو المجموعة الأمريكية كيرزنر بالعطاء الضخم في سنغافورة، فيحق حينئذ لشركة سيمنز أن تبيع لأي منهما إنجازات فردية - حيث يكونوا قد جمعوا الخبرة الكافية من خلال تحضير المخططات لجزيرة هاري.