البنوك الصغيرة تعلق آمالا كبيرة على الدعاية

البنوك الصغيرة تعلق آمالا كبيرة على الدعاية

هنالك جائزة في سويسرا لمن يستطيع الإجابة عن السؤال التالي: ما العلاقة بين رغد العيش الذي يعيشه المواطن في سويسرا بوضع البلاد كمركز مالي ؟ ". في حالة حظر التدخين وتخفيض عدد فروع البنوك السويسرية بنسبة كبيرة فإن سويسرا ستفقد بلا شك جزءا من نكهتها. قد تستطيع البلاد أن تبقى على قيد الحياة بلا شك غير أن البنية الحالية لسويسرا كمركز مالي ستكون قد اعترتها بعض الخدوش.
لقد ابتدأت النتائج تظهر للعيان منذ الآن, فالبنوك السويسرية الكبيرة شرعت في إغلاق بعض فروعها, وثمة تخوف لدى بنوك الدولة في الكانتونات من أن يتم تقليص فروعها أيضا. كما ابتدأت البنوك الكبرى تتوجه لزبائنها بالرجاء ليتوجهوا إلى فرع البنك في الضاحية المجاورة لضاحيتهم ولسان حالها يقول: "يؤسفنا جدا أن نفعل ذلك, ولكن لا بد لنا من الترشيد". وقد أثار ذلك غضب بعض الزبائن, خصوصا كبار السن منهم, وهم يعتبرون الزبائن الأكثر ولاء وإخلاصا للبنوك التي يتعاملون معها, حيث أصبح عليهم الآن أن يقطعوا مسافات طويلة للوصول إلى البنك. ولهذا فليس من المستغرب أن تفقد البنوك بعضا من عملائها, ومع ذلك فإن هذا ليس هو أسوأ ما يمكن أن ينتج عن هذه الحالة.
لقد احتدمت المنافسة بين البنوك, حيث شرعت البنوك وبشكل خاص البنوك التعاونية, في استقطاب زبائن البنوك الكبرى الغاضبين. ويجري, لهذا الغرض, شن حملات دعائية عدوانية. وقد نشرت إحدى صحف الأحد السويسرية إعلانا على صفحة كاملة فيها صورة لرجل على القمر, ونص يقول : هل مستشارك المصرفي موجود أيضا هناك ؟ الأفضل لك أن تجيء إلينا." أما صاحب الإعلان فهو " مايجروس بانك - Migrosbank ", الذي يزعم بأنه سيبقى دائما قريبا من زبائنه لأنه يملك شبكة واسعة من الفروع. ولعل مصدر الإغراء في هذا البنك هو الرسوم المنخفضة والفوائد الجذابة على الرهنيات. ويتوجه البنك بدعايته إلى ذوي الثروات الكبيرة قائلا : "نحن ندعوكم إلى جلسة استشارية, فإذا توفرت لديكم الرغبة تستطيعون أن تجيئوا إلينا حتى بعد ظهر يوم السبت. " أو: "إذا كان لديك 250 ألف فرنك على الأقل, فنحن على استعداد لأن نعطيك سلسلة متكاملة من المقترحات الاستثمارية المثيرة للاهتمام, بل إن أحد البنوك التعاونية قام باستئجار خدمات أحد الشعراء, الذي ابتدع شعارا إعلانيا على نوافذ حافلات الركاب في المدينة : " تعال إلينا, فنحن نعرفك معرفة شخصية ".
إن الحملات الإعلانية التي تنظمها البنوك التعاونية لا تترك أمام بنوك الكانتونات فرصة لالتقاط الأنفاس. فهي تسأل في إعلاناتها : " هل تعرفون حقا بنك كانتون زيوريخ (ZKB )؟ نحن نوظف المحترفين الذين يمكنكم الثقة بهم والاعتماد عليهم. فإذا كنت رجل أعمال فأنت تستطيع أن تستفيد بشكل خاص من التوسع الذي أجريناه في خدماتنا المصرفية, حيث أننا أصبحنا في الهند أيضا وكأننا في وطننا. " إن هذه الدعاية التي يقوم بها بنك الكانتون تشكل ضربة موجهة للبنوك الكبرى, التي يهرب زبائنها الأقوياء من سطوة السلطات المالية عن طريق نقل حساباتهم إلى دبي أو سنغافورة كثيرة الإغراءات. ومما لا شك فيه أن الحوافز المتاحة تشد بشكل خاص الزبائن الأجانب.

إن المنافسة تحيي الأعمال. فها هي بنوك رايف آيزن التعاونية السويسرية تبذل من الجهود, أكثر مما تبذل بنوك الكانتونات, لاستمالة زبائن البنوك الأخرى إليها من خلال فوائد مغرية على القروض لشراء المنازل والشقق السكنية. ومن الجدير بالذكر أن بنوك رايف آيزن تحظى بدعم شقيقاتها بنوك رايف آيزن النمساوية ذات السجل الحافل بالنشاط, التي تمكنت من أن تصبح من القوة ما جعلها في مصاف البنوك الكبرى في فيينا. كما أن لرايف آيزن تمثيلا في ليشتنشتاين أيضا, حيث توجد قاصات محكمة الإغلاق, يستطيع الزبائن بمساعدة رايف آيزن أن يودعوا فيها ما يتوافر لديهم من أشياء ثمينة في جو من التكتم والسرية. وهذا يمثل حافزا إضافيا للأجانب. أما هل سيكون لهذا الإنفاق الذي تقوم به البنوك على الدعاية والإعلان نتائج إيجابية, فهو ما ستجيب عنه الأيام المقبلة. ولكن ثمة أمر واحد مؤكد هو أن زبائن البنوك السويسرية سيظلون في المستقبل أيضا يقدرون اهتمام بنوكهم بهم على الصعيد الفردي. وهنا أيضا يلعب التكتم دورا بالغ الأهمية.
وفي هذه الأثناء بدأت هيئة البريد السويسري أيضا في منافسة البنوك السويسرية. فكما في ألمانيا أصبح البنك البريدي السويسري يحتل مركزا متميزا في سويسرا كمركز مالي. ومن المعروف أن البنك البريدي يتوافر على أوسع شبكة فروع بين البنوك السويسرية كلها. ويعمل البنك البريدي على استقطاب المستثمرين بعروضه الاستثمارية المغرية, ومرة أخرى يخاطب البنك البريدي الأجانب من بين من يخاطبهم.

الأكثر قراءة