ليس لدينا وقت للتغيير
ليس لدينا وقت للتغيير
يحكى أن شخصا اعتاد العيش وحده في البرية سنين عديدة, علمته أن يدرك كمية الحطب اللازم قطعها لضمان الاستمرار طوال فصل الشتاء، وفي أحد الأيام بينما كان منهمكا في تجميع حطبه استعدادا لقدوم الشتاء، سمع خبرا في المذياع يحذر من هبوب عاصفة ثلجية قريبة جعلته يدرك أنه لا يملك حطبا كافيا لأنه كان يعول على الأسابيع المتبقية أمامه لقطع ما يكفيه، كما لاحظ أن منشاره قد تثلم كثيرا ولابد له من سن المنشار إذا أراد الإسراع في قطع الحطب، لكنه لم يفعل وواصل الاحتطاب وكلما احتطب أكثر تثلم المنشار أكثر، فيتأكد من أنه في حاجة ماسة إلى المزيد من الوقت والجهد لقطع الخشب، وأن موضوع سن المنشار أصبح ملحا أكثر ومع ذلك لا يتوقف لشحذ المنشار ويواصل القطع، ثم ينظر فجأة إلى السماء ويجد أن الثلج بدأ في السقوط .
تتضمن القصة دروسا عديدة في منهجية التغيير أهمها من وجهة نظري هو الاستعداد دوما للتكيف مع المتغيرات, إذ يعتقد البعض أن قضاءه سنوات عديدة في رحلة عمل سلسة تحصنه من ضرورة التسلح باستراتيجيات تخطيط جديدة.
كما تتعرض القصة لفخ آخر نسقط فيه أحيانا وهو اعتقادنا أننا سنكون أكثر إنتاجا إذا عملنا بنشاط في المنتج النهائي، مثلما فعل الناسك عندما استمر في قطع الحطب دون توقف لشحذ منشاره الصدئ الذي يمنعه من تحقيق حصيلته المرجوة ولو أنه صرف مزيدا من الوقت لشحذ المنشار لكان حصل فيما بعد على مزيد من الحطب في مدة أقل وأنقذ نفسه من مواجهة مشكلة العاصفة الثلجية، بعبارة أخرى: عندما يواجه المرء أزمة ما فإن استغراق بعض الوقت في التقييم والبناء لا يعد إضاعة للوقت، لكن العديد من المؤسسات والمديرين لا تعتقد ذلك منطلقة من مفهوم "المهمة تستبعد الصيانة" وعند مواجهتها بضرورة مراجعة استراتيجياتها أو تدريب مواردها البشرية للتغلب على تحدياتها التنافسية ومشكلات التسويق أو انخفاض الجودة تكون ردة فعلها الفورية "نحن مشغولون تماما بعمليات إنتاج السلعة أو إجراءات تقديم الخدمة, ولا يمكننا تخصيص وقت لإجراء تغييرات عميقة " أي أنها تفضل التركيز على تنفيذ العمل بدلا من القيام بإعادة تقييم أساليب العمل وسياساته. .
لقد أصبح التغيير الدائم طريقة للبقاء في دنيا الأعمال ولا شيء يعرقل تطور أي مؤسسة أسرع من اعتقاد أصحابها أن طريقتهم الماضية في العمل مناسبة لكي يعملوا بها في الغد, ومع ذلك فإن جعل الأفراد يلتزمون بالتغيير ليس بالأمر اليسير لأن الطبيعة البشرية تميل إلى أن تسير على الطرق القديمة لإنجاز الأمور، والمضحك توقع البعض حدوث نتائج مستقبلية مختلفة مع اتباعهم الأساليب القديمة, ولذلك قيل: إذا أردت الحصول على نتائج جديدة فكر بأساليب جديدة.
استشارية برامج تمكين المرأة