المؤشر الأحمر يؤرخ لمرحلة خسائر الشعراء
المؤشر الأحمر يؤرخ لمرحلة خسائر الشعراء
للشعر قدرة عجيبة على التسلل دون استئذان إلى كل تجمع حركي اجتماعي، راصدا جميع الظواهر، بحس عال، طارحا في بعض الأحوال صورة فاعلة تأتي بصيغة رفض وأحيانا أخرى كعلاج! كونه يتعامل مع المعطيات كردة فعل وصوت يقتبس ضجيج الرأي العام ويحاكيه ويقدمه كطرف آخر في الموضوع والمشهد.
لذا كان هبوط سوق الأسهم السعودي سبب في شحن الكثير من الأفكار والصيغ المطروحة ضمن قوالب أدبية، نتيجة الضرر الذي تعرض له الكثير من أبناء البلد، أثناء هذا الهبوط، وقد طُرح الكثير من القصائد التي حاول شعراءها بعث رسائل مباشرة لولاة الأمر وصناع القرار، وكانت تلك القصائد في شكلها الحقيقي" إعلان رفض" ومحاولة ممارسة ضغط كي يتم التدخل لإيجاد حلول تنصب في صالح المتضررين، وفي الجانب الآخر تعتبر هذه الحركة الشعرية التي تكثف حضورها مع هبوط المؤشر، هي حركة تدوين مرحلة مهمة، تم التعامل معها أدبيا بشكل لافت وبصوت عال، والجميل ما صاحب هذا الحضور من سخرية والتقاط كوميدي لا يخلو من إسقاط على الوضع.
يقول الشاعر خالد الزهيري في قصيدة تتراقص وجعا :
أصبحت عقب المال مديـون للغيـر
وأصبحت عقب الجيب راكب غمـاره
والراس شيّب واشتغـل بالتفاكيـر
والفقر في بيت الغنـا شـب نـاره
كما أن المتابع لحركة النشر عبر الإنترنت يجد الكثير من المشاركات الشعرية التي كانت تعتمد على التقاط هذا الهم الاجتماعي وتجسيده عبر نصوص وكتابات أدبية، وقد كتب عضو في إحدى المنتديات باسم "د. محمد" نصا جميلا يحمل الكثير من الصور المحزنة أتى فيه:
قال الذي في سوق الأسهم تغربل
أندق حاله قبل ماله يدبَّل
شاروا عليّه ناسِ غشْمٍ مهبّل
دبّل قروشك عام سبعة وعشرين
قلت اصبروا قدمت قرضٍ على البنك
أُما شرولي رزّ ولاشروا زنك
والله يسهّلها على اللي شكا الضنك
كما أن حالة الرصد للتفاعل مع هذا الهبوط لم تتوقف عند حد أو جغرافيا، حيث تفاعل المغني المصري شعبان عبد الرحيم مباشرة، وقدم أغنية لا تخلو من رغبة انتشار وتسويق و"زيادة مبيعات"، يقول فيها مخاطبا المؤشر الأحمر:
شغال في النزول بقاله شهرين
شرينا بالغالي وبعنا بالرخيص
وبعنا هدومنا وحتى الأميص
ورغم تفاهة الأغنية وهبوط مستواها إلا أنها تعد مشاركة لم تتم لولا تصاعد أحداث هذه الهبوط.
ويرى الكثير من المتابعين أن دخول هذا الجانب الاقتصادي لأرض الشعر المحكي بالذات، يعد تفاعل شفاف، يعكس أهمية النتاج الحاضر الذي يؤرخ كافة الظواهر والأحداث الاجتماعية، كما علق البعض ساخرا أن ثمة غرض شعري جديد سيتم إضافته للأغراض المعروفة ألا وهو"غرض الخسائر".