المدن الاقتصادية والمعرفية والرؤية الجديدة
المدن الاقتصادية والمعرفية والرؤية الجديدة
لاشك أن قرار الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بإنشاء مدينة تقنية المعلومات والاتصالات قرار استراتيجي أتى في وقت مناسب. ولعل هذا القرار يعتبر متزامنا مع القرارات المتخذة سواء في المملكة العربية السعودية أو في الدول المجاورة في المنطقة، والتي تدرك أهمية توفر مثل هذه المدن على تطور صناعة تقنية المعلومات والاتصالات. فمدينة المعرفة في المدينة المنورة ومدينة الإنترنت في دبي، والقرى الذكية في مصر هي من الأمثلة على هذا التوجه.
يجب أن نتساءل، ماهو نصيب تقنية المعلومات من هذه المدن؟ هل هو مجرد استخدام بحت للتقنية وبيع أو تأجير مبان للشركات، أم أن هناك خططا مدروسة للاختراع والإبداع والإنتاج؟ وهل هناك توجه للاستفادة الفعلية من حضور الشركات العالمية في مجال التقنية في هذه المدن؟ هل سنرى كيانات وطنية كبيرة تسهم في الإنتاج المعرفي؟ ماذا عن العنصر البشري الذي هو أساس التقنية، فهل له نصيب من الاهتمام في بنائه وجعله عنصرا أساسا في صناعة التقنية وتقديمها؟ من سيقود هذه المدن ويوجهها؟ أم هل سنكون أمام مشاريع عقارية؟ هل سننجح في التأسيس والبناء والظهور الإعلامي المرموق (بروباجندا) من دون تحقيق للطموحات؟ هل لدينا طموحات؟!
إن المطلع على خططنا الاستراتيجية لتقنية المعلومات يجد أن الرؤى فيها تتمحور بشكل رئيس حول كيفية استخدام التقنية واستغلالها! بينما من تتطلع غيرنا من الدول إلى تصنيع التقنية وتصديرها، ما له دور كبير في زيادة النمو الاقتصادي لتلك الدول ورفع دخلها القومي. لماذا لا تسهم هذه المدن في نقلة نوعية في رؤيتنا إلى التقنية والصناعات المعرفية؟ إن المعطيات الاقتصادية الحديثة والمتغيرات الدولية التي تمخضت عنها السنوات الأخيرة تشير إلى ضرورة الخروج من قوقعة الاعتماد على تصدير الموارد الطبيعية لوحدها. بل لا بد من استغلال بعض دخل الموارد الطبيعية (قبل نضوبها أو الاستغناء عنها) في دعم وتأسيس صناعات أخرى ذكية (لا تنضب بل تتجدد) تدعم الاقتصاد الوطني وتعزز من المستوى التنافسي الدولي.
إننا في حقيقة الأمر في تنافس عالمي شرس وفي تنافس إقليمي أشرس لحمل لواء الريادة في الصناعات المعرفية. لذا وجب الحديث والنقاش والتفكير والتخطيط لما نطمح إليه من هذه المدن والمجمعات.