في ألمانيا فقط: القرصنة تحرم 70 ألفا من وظائفهم
شركة تاوبر بيشوفس هايمر فاينيج لديها الكثير من الأصدقاء في الصين. ويفضّل مدير الشركة راينر هونديسدورفير حسم الأمور اليوم قبل الغد. فهم يقومون بنسخ آلات فاينيج بكل تفاصيلها ويعرضون مستنسخاتهم في المعارض، وعلى الملأ في كل مكان.
وكما هي الحال بالنسبة لشركة ( تاوبر بيشوفس هايمر فاينيج) فإن الحال هي ذاتها بالنسبة لمعظم الشركات الأخرى أيضاً، والتي تُعتبر منتجاتها مطلوبة في الدول النامية. وسواء كان الحديث الآن عن جنرال موتورز، أو سيمينز، أو سوني، أو ياماها، أو ترانس رابيد لم تعد أي من الشركات تؤمن نفسها من الشركات المقلّدة الدءوبة من الشرق الأقصى. ويصل حجم الانتحال اليوم إلى الملايين. ويمكن القول إن الأضرار الاقتصادية ضخمة للغاية, لا بل إنها حيّرت المعنيين بشكلٍ أكبر.
وقد وصلت هذه المشكلة منذ فترة بعيدة إلى النطاق السياسي. وبالفعل فإن الصينيين وغيرهم من الدول النامية راغبون عن المضي تماشياً مع تصورات الدول الصناعية. وبرغم هذا فإنه لا يمكن حلّ المشكلة بالعنف. ولا يوجد أي مزوّد يريد أن يتخلّى عن السوق الضخمة.
وسواء قلّت أو كثُرت الصادرات الألمانية فإنها تمنح بإرادتها دوماً المزيد من "براعة المعرفة" إلى الشرق الأقصى. ومع المتطلبات بالإنتاج المحلي، أو أجزاء التزويد المحلية، تنتقل المعرفة إلى الخارج. إن الشركات تعيش في معضلة. فمن ناحية هي تدرك الخطر، وتريد التجارة من ناحية أخرى. ولهذا تقوم بعقد حلول الوسط بأحجام كبيرة.
وبالفعل تتزايد الأضرار بقوة، حيث يبلغ حجم الأضرار الاقتصادية ما يزيد على 300 مليار يورو سنوياً حول العالم عن طريق قرصنة الإنتاج. في الصين، يتم تقليد كل ما هو مطلوب تقريباً من قبل جهة معيّنة، أو نسخه دون موافقة أو ترخيص. وبناءً على تقديرات غرفة التجارة الدولية، تجاوز حجم الخسائر عن طريق الانتحال منذ عام 2004 حدود ما يعادل 500 مليار دولار سنوياً. بينما يقف المتضررون مكتوفي الأيدي أمام هذا. ولا تُؤخذ حماية براءة الاختراع، والتشريعات في الاعتبار بجدية في الصين، حيث غالباً ما تكون الحكومة نفسها وراء نسخ البراعة، مثلما حدث في قضية ترانس رابيد حينما تم نسخ التكنولوجيا الأجنبية. وإذا ما تم إغلاق أحد مصانع القرصنة، يظهر غيره في اليوم اللاحق.
ومن الطبيعي أن تكون صناعة التصدير الألمانية، وبالتالي آلاف الشركات المتوسّطة، معنيّة بقوة في هذا. فقد تمت مضايقتها من قبل الصينيين بصورة تنظيمية: وسواء تم نقل التكنولوجيا أو لا، فلن يكون هناك مناقصات تجارية. ومباشرةً مع الشركات الصغيرة، والتي لا تلعب أي دور على الصعيد السياسي، يتم تغيّر الاتجاه بصورة متهوّرة على نحوٍ خاص. ومن يطرق على باب حماية براءته العلمية، يتم إخراجه من السوق، ومن ثم، وبرغم هذا، تقليده. وتُلغى نحو 70 ألف فرصة عمل في ألمانيا سنوياً بسبب القرصنة على الإنتاج. وتقدّر رابطة الآليات المحلية، والمعدات الصناعية، الأضرار في قطاع صناعة الآلات الألمانية وحدها بنحو 4.5 مليار يورو في السنة.
وراجت هذه المسألة عموماً في ألمانيا منذ فترة. وبالفعل لا يمكن حتى لمستشارة الاتحاد أن تغيّر شيئاً من هذه الحقائق في غضون زيارة يومين إلى الصين. نعم تجري محادثات في هذا الشأن، ولكن بالكاد يظهر أي شيء ممكن أكثر. إن النزاع حول التقنيات المتقدّمة سوف يتقدّم أكثر بكل الوسائل من قبل هؤلاء الذين لا يملكونها. وهنا لا تساعد لا المخاطبات، ولا المناشدات.
ولكن ما الشيء الذي من الممكن أن يحقق المساعدة؟ قانون حماية محسّن، والمزيد من براءات الاختراع، وقضاة أفضل، يمكن أن يكونوا أكثر مساعدة، ولكن ليس قبل أن يحدث الضرر. إن قانوننا في الصين فيما يتعلّق بهذا الأمر ليس ذا قيمة كبيرة. والمرء لا يدرك أية حماية براءة اختراع بالمنطق الذي نعتمده. وهذا يستمر إلى أن يحدث مكروه ما.
ومع تحسين الإنتاجية المستمر، تصبح الحماية من قرصنة الإنتاج غير المرغوبة ممكنة خلال فترة زمنية محددة. ولكن برغم هذا فإنه لا يوجد حل دائم. وإن المنافسة مع التكنولوجيا الأفضل، والتحديث الأسرع ينتهيان عاجلاً أم آجلاً إلى مأزق. وفي زمن الإنترنت وتقنية الكمبيوتر، فإنه لا يمكن الحماية من تقدّم المنتج المدفوع من قبل الزبائن حتى فترة طويلة.
وأما بالنسبة للشركات المتوسّطة في مجال بناء الآلات والمعدات، من المفترض أن يتم إنتاج طريقة، والتي تحلّ المشكلة قبل أن تقوم: الآلات، والخدمات، والقطع البديلة، من المفترض أن يتم إنشاؤها بطريقة، بحيث لا يمكن نسخها أكثر. وكما يُقال، فهي بحاجة إلى حماية نسخ "مبنيّة داخلها". ويُفترض بالتنمية التكنولوجية أن تؤكّد من الإشارة الأولى للمنتج الجديد، بأن الإنشاء التام لا يُفترض أن يكون قابلاً للتقليد أو النسخ من قبل أي جهة خارجية. وهذا لا يمكن أن يكون ممكناً إلا لدى المنتجات الباهظة نسبياً، ببساطة لأن هذا الشكل من حماية التقليد والنسخ يتسبب بتكاليف باهظة. وبهذا فإن المنسوجات، وآلات صنع القهوة لا يمكن أن تتماشى مع هذا النوع من الحماية. ولكن فيما يتعلّق بقطع البناء، والآلات والمحركات، فإن تكلفته، قياساً مع الأضرار المتجنّبة، دوماً أقل.
إن مثل هذا الأمر يكلّف الكثير من الأموال. وبرغم هذا فإنه الطريق السليم، ليس باهظاً جداً، خاصةً عندما تشارك الكثير من الشركات في حلّ هذه المهمّة. إن الشركات الألمانية المتوسطة تحتاج إلى مشروع مشترك، والذي يتم حمله من قبل الجميع. ومن المفترض أن يتم جمع جميع الأساليب والحيل تنظيمياً، والتي تتناسب مع إنتاج الأجهزة التقنية بصورة، لا تمكّن من إعادة نسخها. ومن يمسك المشكلة من جذورها، لديه أفضل الفرص، للقضاء عليها.
ويُفترض أن يتم المضي في هذا المشروع بصورة جماعية، بالتالي يمكن أن يتم تطوير أساليب ذات تكاليف زهيدة نسبياً بسرعة. وكل شركة فردية مدعّوة بعينها للمشاركة. لابد من خلق جو من المنافسة الفكرية بهدف الوصول إلى أفضل الحلول. وأن يتم البحث عن المبادئ المثيرة عن طريق التجربة. ومن المفترض جمع التجارب والخبرات كلها بعضها مع بعض، والشركات نفسها تحظى بالتجربة والخبرة الأكبر في ما يتعلّق بهذه المشكلة المعقّدة.
وتُعتبر التكاليف بالنسبة لشركة منفردة باهظة جداً. وعلى كل واحد يساعد، طالما أنها ستحقق منفعته. ومن المنظور الحالي، فإن على الشركات في المستقبل أن تحمي منتجاتها عن طريق استراتيجيات شاملة وعامة ضد القرصنة. ولهذا ستتم دراسة سلسلة القيمة المضافة الإجمالية، و من المفترض ضمانها في المواقع المريبة عن طريق إجراءات الحماية.
إن قرصنة المنتجات ليست مشكلة الدائرة القانونية، أو التشغيلية. إنها مشكلة، والتي تواجه جميع المجالات. الشراء، والتطوير، والإنتاج، والقانون، وتكنولوجيا المعلومات، والتسويق، وما بعد المبيعات، كلها مهمة تماماً مثل حماية براءة الاختراع. وسيكون هناك إجراءات جذرية في الكثير من القضايا، ولكن هنالك الحلول الفردية أيضاً، والتي يتم بناؤها على المعارف المعالجة المشتركة.
وتشترك وزارة الاتحاد للبحث والتكنولوجيا، الآن بحماس بالتعاون مع عدة مقاعد دراسة في جامعة ميونخ التطبيقية في مشروع رائد وأولي، والذي يضمّ "نطاق نشاط الصناعة الإنتاجية ضد القرصنة الإنتاجية" بصورة تنظيمية، ومن المفترض أن يعمل هذا المشروع على الوصول إلى الحلول المحتملة. وهذا من الممكن أن يكون خطوة أولية مهمة، حيث يُعد دعم الشركات لها مطلوباً بصورة خاصة. وفي المحصّلة النهائية، من المفروض أن يتم ابتكار كتيّب بجميع المبادئ الحالية، وبالإضافة إليها، حزمة من الأساليب الفعلية لحماية النسخ المبني داخل الآلة. وبهدف التقدّم نحو جوهر المشكلة، نحن بحاجة إلى المزيد: جهود كبيرة في البحث في تكنولوجيا تقنية الحماية من النسخ. وهنا يدور الأمر حول البحث عن الفرص في الإنشاء لدى إجراءات الإنتاج، والبرمجيات وتكنولوجيا الكمبيوتر المستخدمة. ولكن حتى المسائل التنظيمية، وقطاع الخدمات - والقطع البديلة، تقدّم عدداً كبيرا من نقاط البداية.
وتتحقق أهمية ذات مستوى أعلى تتحقق نفسه، حيث عندما ينجح أمر إنشاء المنتج على ذاك النحو، بحيث يصبح التقليد مُكلفاً وشاقاً، عندها تكون الحماية ضد القرصنة الإنتاجية مؤثّرة فعلاً. وفي حالة السلع الاستهلاكية الأسهل، فإن الحماية في الغالب غير ممكنة إلا عن طريق التعريف بالمنتج. ولدى الآلات ذات القيمة الباهظة فإن الحماية "المبنيّة داخل المنتج" ضد التقليد هي الحل الوحيد الآمن.
إن الهندسة العكسية للمقلّد يتم تجنبّها لدى الأجزاء الميكانيكية أو الإلكترونية على أفضل نحو عن طريق الصندوق الأسود، وهناك يتم إدخال الكثير من الوظائف المركزية في مركّبة غير قابلة للتفكيك. وإذا ما حاول المقلّد فتح المُركّبة، فإنه يدمّرها. وبهدف تسهيل مثل هذا الصندوق الأسود، والعمل على رواجه أكثر، هو عدم دفع الأسعار إلى الأعالي بقسوة.
ولدى المنتجات، والتي لا تعتمد على تطوّر فردي، تصل إلى ضرورة تخصيص أجزاء أو مركبات محددة، والتي يصعب تقليدها. ولتطوير أمن إعادة الإنتاج من المفترض أن يتم فهم القطع والمركّبات من البداية على أساس مبدأ تقليص القرصنة الإنتاجية. وما ينطبق على هذا الأمر هنا، بأن حمل مسؤولية الحماية من النسخ المبكّرة يحقق المساعدة. أما التجهيز المتأخر فيما يتعلّق بإجراءات الحماية فلن يؤدي إلى تحقيق الهدف.
وإن الجهود نحو كفاءة خالصة تصطدم بأعالي الحدود. إلى جانب الأمنية بإنتاج فعّال، وتقليص النفقات الرأسمالية، تظهر الحماية من النسخ على أنها توظيف هدف منافس، وهي تكلّف المال. ولكن قياساً مع الأضرار التي يمكن تجنّبها، فهو توظيف جيّد للمال.
وإزاء سلع التكنولوجيا المتقدّمة التحديثية، هنالك إجراءات إضافية في مرحلة تصنيع المنتجات للحماية من قرصنة الإنتاج غير المرغوبة. ومن الممكن عن طريق تقليص الفجوة للمستحدثات الجديدة، والتعديلات، والتنويعات أن تصبح سرعة تحوّل الأجيال سريعة، بحيث لا يتمكّن المقلّد من تحمّل نفقات التقليد أكثر.
وهي من الممكن أن تصل إلى حد تطوير تحليل تنظيمي شامل في التقنية الأساسية. وفي النهاية تنشأ مقترحات متخصصة بالقطاع فيما يتعلّق بتطوير المنتجات المنسوخة والإجراءات. والجهود المشتركة لجميع المساهمين في هذه الحالة واعدة بالنجاح، وضرورية. ولا يمكن تقبّل الرأي بأن المشكّلة يمكن أن تحلّ نفسها بنفسها مع مرور الزمن. والازدهار في الأسواق النامية بسرعة، سيستمر حتى أعوام مديدة. وهي أسواق المستقبل بالتأكيد. وبالكاد يمكن لأي مزوّد أن يبقى بعيداً عن هذه السوق حتى فترة طويلة.
وعن طريق الإجراءات القانونية المعتادة اليوم، والمعارضات السياسية، يصبح المناخ التجاري من جديد أكثر تكدّراً. ومن غير الجيد، رفع الدعاوى القضائية من جهة، والتقديم لطلبات شراء جديدة من الناحية الأخرى. هذه هي الحال، ويبقى إنشاء المنتجات المحميّة من النسخ، وإجراءات الطريق الأكثر تأثيراً ولباقة، بهدف القضاء على هذه المشكلة في العالم. ولهذا فإن من المجدي توظيف ما هو مكلف.
-----
الكاتب يُدير المعهد التعليمي للاقتصاد التشغيلي وإدارة الشركات، والإنتاج، في جامعة ميونخ التطبيقية، والشركة الاستشارية TCW GmbH & Co. KG في ميونيخ.