استطلاع "الاقتصادية": نصف المدرسين غير راضين عن وظيفتهم
الرضا عن النمو والارتقاء الوظيفي أمر في غاية الأهمية لرفع كفاءة العاملين، وفي حال توافر الرضا الوظيفي فلن يشكو موظف من زميله أو من رئيسه بل سيتعامل مع مصالح الناس عامة بالرضا ويجعلهم يشعرون بالرضا نفسه. ربما يعتقد البعض أن الراتب الأعلى هو الذي يضمن الرضا للموظف بالدرجة الأولى ولكن تبين أن فرص التقدم والتطور والترقي الوظيفي هي أول ما يضمن رضا الموظف.
والمعلم .. عينة من الموظفين أصحاب الثقل الكبير في المجتمعات، لذا طرحنا استبانة تحمل سؤالا موجها للمعلم "هل أنت راض عن مهنتك؟" على نحو ألف معلم لتكون النتيجة 505 قالوا "لا" 495 أجابو بـ "نعم" أي نحو 50 في المائة من المعلمين غير راضين عن مهنتهم وعللوا ذلك بأسباب مقنعة ومتفرقة.
من جهته، نسب الدكتور سعيد بن دبيس أستاذ علم النفس في كلية التربية في جامعة الملك سعود، سبب عدم رضا المعلم عن مهنته إلى أنه اقتحم السلك التعليمي وهو غير مؤهل لذلك لتكون المهنة قد فرضت عليه.
ووصف الدكتور دبيس مهنة التدريس بـ "المقبرة"، مبررا ذلك: ليس فيها تطور وتعاني من الجمود والمعلم بشر يسأم من التكرار والرتابة، فالمعلم ينقصه كثرة الدورات التي تنمي من قدرته كمعلم كي لا يقبع في عمل روتيني وهو بطبيعة الحال ممل وممجوج".
وتابع: لا يمكن أن ننسى أيضا الضغوط النفسية التي تواجه المعلم وبالتحديد حديثي التخرج كزيادة الأعباء الدراسية والظروف المادية أيضا كون الراتب لا يلبي رغبات المعلم الحديث حيث يكون هاجسه الأول والأخير التفكير في الزواج وما يلحق به.
وأردف أستاذ علم النفس: إن المعلم يعاني أيضا من عدم تفاعل الطلاب معه في أحيانا كثيرة، إضافة إلى التعرض للمشكلات الكثيرة والمتكررة يوميا كما أن بعض المعلمين غير قادر على الوصول إلى انسجام مع الطلاب ما يجعله غير راض عن مهنته.
من جهته، أكد علي الغامدي معلم في إحدى ثانوية الرياض، أنه ليس راضيا عن مهنته لأسباب عديدة، لافتا إلى أن المعلم ربما يكون الموظف الوحيد الذي لا يأخذ حقه الوظيفي كما يستحق، وقال: المعلم يتعين على المستوى الثاني وهو يستحق الخامس أي بفارق ثلاثة آلاف كراتب شهري، إذا كيف سيرضى عن مهنته وهو مظلوم ماديا.
وأبان: ليست المشكلة مادية فحسب بل على صعيد المجتمع، فالمعلم أضحى غير مرغوب فيه ومحل تندر المجالس بضياع هيبته وفقدان وقاره.
وأضاف: من الأمور التي تنفر المعلمين وتجعل بينهم وبين انتمائهم لمهنتهم فجوة كبيرة، كثرة الأعباء التعليمية بخلاف الحصص الدراسية والأنصبة الكثيرة نجد تكليفهم بأمور إدارية لا علاقة لهم بها من اتصالات على أولياء أمور الطلاب الغائبين وتسجيل المتأخرين صباحا ومهام أخرى.
في السياق ذاته، أرجع المعلم محمد الغامدي باب عدم الرضا عن المهنة إلى أن المعلم مظلوم في مدرسته وفي منزله وفي مجتمعه، مبينا: المجتمع يرى أن المعلم محسود على راتبه وإجازته رغم أنه لا يحصل إلا على 45 يوما في السنة كإجازة قد تتقلص مع الأيام وراتبه حين يتعين لا يتجاوز أربعة آلاف ريال، مستغربا نظرة الغيرة من المعلم.
وأشار إلى أن المعلم هو الموظف الوحيد الذي يعمل خارج نطاق عمله، لافتا إلى أنه يصحح دفاتر الواجبات ويصحح الاختبارات ويضع نماذج الأسئلة في منزله ومع هذا لا يحصل على خارج دوام "أوفر تايم"، بينما غيره لا يعمل دقيقة واحدة إلا بحسابه.