شركات الاتصالات والكهرباء والتأمين .. تجاوز ضغط التنطيم وتسعير المنتجات
ينصب تحليلنا اليوم على أربع شركات تنتمي إلى ثلاثة قطاعات يعتبر نشاطها احتكاريا أو شبه احتكاري، حسب القدرة على الترخيص ودخول المنافسة. واستطاعت الشركات أن تقف بين ضغط التنظيم وتسعير منتجاتها لضمان تحقيق الربحية لملاكها. وفي ظل الوضع الحالي السائد في سوق المال ومع وجود سوق مغلقة أو احتكار، مما يجعل المخاطرة والقدرة على تأثير المنافسة شبه معدومة أو منخفضة إلى حد كبير ومع تحقيق الشركات الربح ونموه في هذه القطاعات، لا تزال قراءة السوق سلبية لها ولم تختلف عما عداها من القطاعات، وكأن القضية متساوية في التأثر وللكل. سيتم تناول قطاعات: الاتصالات، الكهرباء، والتأمين، والتي تعتبر من ضروريات حياتنا الحديثة أو من خلال تسهيل مختلف المؤثرات الخارجية علينا. ومن المعروف - كما أشرنا - أن السوق التي تتعامل مع منتجات هذه القطاعات تعتبر سوقا احتكارية تستلزم تطوير سياسات ونظم لضمان المنافسة الحرة وتسعير المنتجات بصورة تضمن العدالة للمستهلك. وحاليا يتم تنظيم قطاعين من خلال هيئتين مختلفتين، وتشرف مؤسسة النقد على قطاع التأمين الذي يلزمه كثير من التنظيم في ظل المتطلبات المستقبلية والدور المأمول مستقبلا له. التحليل المالي للقطاعات المختلفة، والذي سيتم من خلال طرحنا سيتناول جوانب مختلفة ومن المفترض أن تكون الرؤية مختلفة، وفي حال تساوي الرؤى يكون الطرح تجاه السوق سلبيا وغير منطقي. وهنا يجب أن نوضح أهمية وجود التقييم الصحيح لوضع السوق واتجاهاته والذي يفتقده حاليا بسبب الوضع الحالي الذي تعايشه سوق الأسهم السعودية.
المتغيرات المستخدمة
كالعادة سيتم التعامل مع السعر وربح الشركة وإيرادها من خلال النمو الربعي (نمو الربع الحالي مقارنة بالسابق) والنمو المقارن (نمو الربع الحالي بالربع المماثل من العام الماضي). كما سيتم الربط بين السعر والربح في مكرر الربح، والربح والإيراد في هامش صافي الربح ودرجة التحسن فيه. وسيتم إلقاء الضوء على دور المصادر الأخرى في دعم الربحية للشركات. المتغيرات السابقة توجهنا للتعرف على كفاءة السوق وسلامة توجهها من خلال العلاقة بين الربح والإيراد والسعر، وبالتالي توجهها نحو الاتجاه الصحيح من عدمه.
القطاعات المختلفة ونظرة كلية
نتناول من خلال طرحنا ثلاثة قطاعات من زاوية المتغيرات السابق الإشارة إليها، لنعرف الاتجاهات الحالية ودرجة تفاعل السوق معها. وتعتبر الكهرباء من القطاعات الاحتكارية المهمة، حيث حققت خلال الربع الأخير نموا ربعيا ومقارنا مرتفعا بلغ 121 و11 في المائة، كما نمت إيراداته بمعدلات مرتفعة في الإيرادات بلغت ربعيا 20 في المائة ومقارنا 5 في المائة، ومعها كان يجب أن يتجه المؤشر للنمو والارتفاع وما حصل العكس، حيث هبط ربعيا 19 في المائة ومقارنا 32 في المائة. كما أن هامش صافي الربح تحسن بصورة كبيرة مما يعكس أن تحسن الربح ناجم من تحسن السيطرة على المصروفات، كما هو واضح، وهنا لا تتفق النتائج بين السوق وأداء الشركة. وعلى مدى الفترة الكلية نجد الرؤية نفسها ارتفعت الأرباح حتى بلغت 1.9 مليار ريال وبنسبة نمو 13 في المائة والإيرادات تجاوزت 15 مليارا بنسبة نمو 5 في المائة، ولكن المؤشر هبط بنحو 32 في المائة. النتيجة نفسها بالنسبة لهامش صافي الربح وتحسنه، وبالتالي النتائج الكلية اتفقت مع النتائج الربعية وعكست سلبية في تفاعل السوق هنا. في قطاع الاتصالات حققت الأرباح الربعية نموا سلبيا بلغ 3 في المائة لكن نموا مقارنا بلغ 10 في المائة، كما تحسنت الإيرادات ربعيا ومقارنا بنحو 2 و19 في المائة. وهنا نجد هامش صافي الربح سلبيا، ما عكس ارتفاعاً وزيادة في المصروفات، ولكن المؤشر كان تفاعله سلبيا وبصورة أقسى من المفروض. النتائج الكلية كانت إيجابية من حيث نمو الربح بنحو 15 في المائة ونمو الإيراد بنحو 22 في المائة وإن هبط هامش صافي الربح، لكن المؤشر هبط بصورة كبيرة بلغت 31 في المائة وهي متفقة مع النتائج الربعية وتعكس سلبية واضحة في تفاعل السوق. قطاع التأمين لم يكن أحسن حالا من سابقيه، حيث نما الربح سلبا خلال الربع الثالث بنحو 21 في المائة ولكن نما مقارنا بنحو 36 في المائة ونما الإيراد خلال الربع الثالث سلبا بنحو 6 في المائة ونما مقارنا بنحو 26 في المائة، والنتيجة كانت تتمثل في هبوط الهامش خلال الربع الثالث ومقارنا هبط أيضا بنسبة لا تذكرو المؤشر تفاوت في الأداء، حيث هبط ربعيا وارتفع مقارنا وهو تقريبا اتجاه متوازن مع اتجاهات الربح والإيراد. النتائج الكلية تمثلت في ربح تجاوز 366 مليونا ونمو عند 50 في المائة وإيراد تجاوز المليار ونمو بلغ 26 في المائة، ونمو في الهامش 21 في المائة، ونمو في المؤشر في الربع الثالث بلغ 26 في المائة، وهو اتجاه صحيح ومتناغم.
شركة الكهرباء السعودية
حققت الشركة نموا ربعيا ضخما تجاوز 100 في المائة (122 في المائة) ونموا مقارنا نظرا لوضوح موسمية الإيراد وتأثير الصيف على الدخل والحرارة ونما بنحو 11 في المائة وبالتالي الاتجاهات تعني نموا في الدخل واضحا. كما أن الإيرادات نمت ربعيا بنحو 19.82 في المائة ومقارنا بنحو 5 في المائة وهو اتجاه إيجابي ولكن السعر أفرز تغيرات مختلفة، حيث نما السعر ربعيا سلبا 19 في المائة ومقارنا بنحو 31 في المائة، كما هو واضح من الجدول. النتيجة المتوقعة هي تحسن مكرر الربح حيث هبط من 51 مرة في الفترة السابقة ليصل إلى 32 مرة. الإيرادات الأخرى لا تمثل مصدرا رئيسيا ومهما للشركة وتمثل نسبة بسيطة من دخل الشركة وإن نمت في الفترة الأخيرة. الفترة الكلية توضح تحسن ربحية الشركة ونموها 13 في المائة وتحسن الإيرادات ونموها 5 في المائة وتحسن هامش ربح الشركة ونموه عند 7 في المائة. البينات توضح تحسنا جذريا في ربحية الشركة وتبقي مستويات مكررات الربحية مرتفعة، وحسب قدرة الشركة على التفاعل مع الطلب واتجاهات السعر والربح والإيرادات فيها يتحدد مستقبل الشركة.
"الاتصالات السعودية"
واحدة من شركتين تعمل في مجال الاتصالات وحسب الجدول رقم (2) نجد أ، ربح الشركة الربعي والمقارن نما سلبا بمعدلات صغيرة ربما بتأثير المنافسة من "اتحاد الاتصالات" ولكن إيرادات الشركة نمت سلبا في الربع الثالث وإيجابا في فترة المقارنة، ومع اتجاهات السعر السلبية وهبوطها في الربع الثالث بنحو 15 في المائة وهبوطها مقارنا بنحو 60 في المائة اتجه مكرر الأرباح نحو التحسن حيث هبط من 41 مرة ليصل إلى 15 مرة كمضاعف للسعر وهي قيمة منخفضة وجذابة للمستثمرين. الإيرادات الأخرى نمت خلال الربع الثالث مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي ولكن يبقي حجمها محدودا. ربح الشركة خلال الفترة الكلية نما بنحو 4 في المائة والإيرادات نمت بنحو 7 في المائة، وبالتالي نما هامش صافي الربح سلبا بنحو 3 في المائة، ما يوحي بزيادة مصروفات الشركة ونموها. الاتجاهات السعرية، وإن عكست إمكانية الهبوط بفعل تغير الربح والإيراد تبقى أعلى مما يجب.
"اتحاد الاتصالات"
وهي الشركة الثانية المالكة لرخصة خدمات الاتصال الخلوي في السعودية، والملاحظ أن ربحية الشركة أظهرت نموا في الربح للربع الثالث وللفترة المقارنة، وكذلك الإيرادات نمت بصورة كبيرة سواء في الربع الثالث أو في الفترة المقارنة، ولكن السعر نما سلبا في الفترتين الربع الثالث والمقارنة، كما هو واضح من الجدول، والنتيجة وبسبب الربحية وليس السعر تحسن مكرر الأرباح، إذ بلغ 75 مرة بعد أن كان سلبياً بفعل الخسائر. لا تمثل الإيرادات الأخرى ربما لصغر حجم السيولة المتوافرة حجما مؤثرا على ربحية الشركة، ما يجعل أرباح الشركة من النشاط الرئيسي. وأخيرا نجد أن الصورة الكلية توضح نموا في ربحية الشركة وتحولها من الخسارة للربح، ونمو إيرادات الشركة بصورة كبيرة، ما انعكس بصورة جيدة على الهامش وتحسنه بصورة كبيرة كما هو واضح. تبقى التوقعات حول انتشار الشركة وقدرتها على الحصول على حصص مناسبة تحسن من نظرة المستثمر وتسعيره لها رهينة بما سيتم تحقيقه في المستقبل.
"التأمين التعاونية"
الشركة الوحيدة المرخصة والعاملة في السوق السعودية، وإن كان هناك توجه وقرار بتوسعة السوق ودخول شركات جديدة فيها. الشركة لم تحقق نموا ربحيا وإن كان النمو المقارن مرتفعا، كما أنها اتجهت الاتجاه نفسه في الإيرادات من حيث النمو السلبي والإيجابي، كما هو واضح من الجدول. ولكن السعر اتجه في الاتجاه نفسه من زاوية الهبوط الربعي والنمو المقارن. والسعر والربح أديا إلى تحسن المكرر، حيث بلغ 16 مرة هبوطا من 19 مرة، وبالتالي يعكس استثمارا جاذبا هنا. الإيرادات الأخرى كنشاط التأمين تمثل حجما جيدا، ولكن هبطت في الفترة الحالية عن الفترة المقارنة، كما هو واضح من الجدول. "التعاونية" في الفترة الكلية شهدت نموا في الربح ونموا في الإيراد عند 50 في المائة و23 في المائة على التوالي، ما أدى إلى نمو وتحسن هامش الربح بصورة كبيرة.
مسك الختام
النتائج السابقة توضح أن السوق لا تزال تعيش في وضع عدم وضوح الرؤية، وخاصة في "التأمين" الذي يتوقع له مستقبل كبير، ولعل إدارة الشركة وعدم تحركها فيما يختص بنمو الربح والإيراد ضمن ما أسهم في التقييم الحالي لها. الشركات الباقية فرص النمو واضحة فيها وتبقي الوضع نفسه وكما هو حاصل في "التأمين" نجد أيضاً قطاع الاتصالات. و"الكهرباء" قصة أخرى وحسب السياسات المستقبلية سيكون الوضع غير الواضح حاليا الفيصل هنا.