الحداثة الأصيلة
رافقني صديقي العزيز الشاعر الدكتور صالح الشادي لحضور أمسية شعرية في مركز الملك فهد الثقافي في الرياض مساء الإثنين الماضي. كانت الأمسية تضم كوكبة من المبدعين الشباب أدارها بحميمية الشاعر سامي الجار الله. كنت أرقب بعين المتخصص الرؤى النفسية المتوارية خلف نصوص هؤلاء الشعراء لأخرج بانطباع خاص عن فرسان تلك الأمسية الجميلة.
حين تأملت طروحات الشاعر حيدر الجنيد، لاحظت أنها متأثرة بتجربة الشاعر المتألق فهد عافت. أما وجدانيا، فقد تناول قضايا إنسانية بعمق وفلسفة خاصة عكست تفردا في شخصيته الأدبية، وفي بنائه النفسي.
أما الشاعر الصحافي ياسر الكعنان، فقد قدم كما من الرؤى العقلية والانفعالية الإنسانية الجميلة. ولاحظت أنه لديه مهارات اتصال فاعلة لأفكاره، ربما كان لعمله الصحافي دور في ذلك، وهذا ما جعل له حضورا مميزا. كما استوقفتني كذلك، عفويته في التعبير عن قلقه حين جاهر به. الأمر الذي يدل على حرصه على تقديم "المثالية" التي يطمح إليها كل شاعر مبدع.
ماجد العثمان، الفارس الثالث، اتسمت شخصيته بالثقة بالنفس، وتعكس طروحاته منظومة قيمية وخطا شعريا متوازنا يدل على نفسية تنزع إلى المثاليات وإثبات الذات بشكل وثاب وجميل.
استوقفتني إدارة الشاعر المجيد سامي الجار الله للأمسية، فقد كان حميميا، مرحا، عفويا مما ساعد على خلق حالة من التمازج النفسي بين الحضور وفرسان الأمسية بشكل رائع.
صفقت من الأعماق لمداخلة الدكتور سعد الصويان، الذي أوضح أن النصوص الحداثية التي وردت تعكس حداثة أصيلة نابعة من ثقافة المجتمع وليست مستوردة بحيث تبدو مستهجنة، كما أعجبني في تطلعه إلى مشاركة الشاعرات والمهتمات بقضايا الشعر الشعبي من جيل الشاعرات بهذا المستوى الثقافي نفسه.
في نهاية الأمسية سألني صالح: ما رأيك؟
فقلت: ستقرأه قريبا.
حقا، لقد كانت أمسية راقية بكل المقاييس، متمنيا التوفيق لكل تجربة إبداعية تعكس نبض الوجدان العام.
تحية لوزارة الثقافة والإعلام.