روسيا .. شريك تجاري صعب المراس

روسيا .. شريك تجاري صعب المراس

الخبر السار يقول: عقب أعوام مديدة من المفاوضات يبدو انضمام روسيا السريع إلى منظمة التجارة العالمية ممكناً. ويمكن للروس أن يستفيدوا من هذا الانضمام بعد أن ظلت واشنطن تعرقل انضمام روسيا بسبب ممارسات موسكو، في حماية أسواقها الوطنية من خلال تقديم المعونات المالية لاقتصادها دون توقف، وبسبب ضعف تدخل الدولة لحماية حقوق الملكية الفكرية.
والآن تخلّى الأمريكيون عن المقاومة، برغم أن روسيا، كما في السابق, بعيدة عن النموذج المثالي فيما يتعلّق بأمور اقتصاد السوق. من ناحية أخرى، تمكنت الصين من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، برغم أن حقوق الملكية الفكرية هناك لا تخضع لحماية كبيرة مثلها في ذلك مثل روسيا.
أما الخبر السيئ فيقول: ستبقى روسيا شريكاً صعباً حتى بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، ولن يعمل الاستحواذ على مبادئ الحقوق التحررية على التهوين من ماضيها الشمولي والاستبدادي.
وما يصعّب التعامل مع روسيا في الوقت الراهن ازدواجية صورة الدولة ما بين قدرتها العسكرية النووية التي تجعلها تحتل مركزا ذا شأن على الساحة الدولية من ناحية ومن ناحية أخرى تستشعر هذه الدولة تراجع أدائها الاقتصادي بشكل يدفعها للخوف من التراجع أمام دولة أخرى صاعدة مثل الصين.
إن دولة تتمتع بقدر من الثقة الهادئة بالنفس ما كانت لتقدم على خطوة وقف تزويد دولة جوار مثل أوكرانيا بالغاز الطبيعي في فصل الشتاء. لقد بعث بسمارك في وقت من الأوقات برسالة إلى بدمونت وصف فيها روسيا حينها قائلا :" إن روسيا التي تبدو ضعيفة اليوم كما لم يحدث لها حتى في أسوأ مراحلها، هي نفسها التي تبدو في الوقت ذاته قوية كما لا يحدث عندما تكون في أوج عظمتها".
ويبدو أن هذه الكلمات تنطبق على أحوال روسيا اليوم وهذا ما يجعل التعامل مع روسيا غاية في الصعوبة.
وهنا من الممكن أن يظهر كل شيء بصورة سهلة وبسيطة على الورق، ذلك لأن روسيا وأوروبا الغربية تفضلان أن تكمّل كل منهما الأخرى، بدلاً من الوقوف ندا لند. وتملك أوروبا الغربية اقتصادات متطورة بصورة أعلى، ولكنها فقيرة بالمواد الخام، بينما تملك روسيا مثلها في ذلك مثل الكثير من الدول النامية والصاعدة المواد الخام اللازمة والضرورية لكنها لا تزال متخلّفة في الكثير من القطاعات الأخرى في الاقتصاد.
وحتى الآن لا يمكن القول إن روسيا تصدر المواد الخام بصورة كبيرة (الغاز والنفط) إلى الغرب، الذي في المقابل يعمل على بيع المنتجات المُصنّعة بصورة كبيرة إلى روسيا. وهذا النموذج يختلف تماما عما يجري مثلا مع الصين التي لا تتوانى عن تقليد المنتجات الغربية، وطرحها بأسعار متدنية في الأسواق العالمية.
ولكن على أوروبا الغربية أن تعتاد، كما هي الحال مع الولايات المتحدة الأمريكية، على أن تستخدم روسيا حجم الأرباح الناتج عن تبادل أسعار صرف العملات الأجنبية، التي تفوز بها عن طريق بيع المواد الخام، في مساهمات في الشركات الغربية. ولكن لا تزال المساهمات الصغيرة في مجموعة الملاحة الجوية والفضائية EADS البداية فحسب. وسيجيء اختبار العلاقات المتبادلة، عندما تبحث موسكو عن التقدّم الشرائي أكثر في بعض القطاعات الحساسة، مثل صناعة التزويد. ومثل هذه المحاولة فشلت قبل فترة وجيزة في بريطانيا، ولكن لا يمكن للأوروبيين والأمريكان التبشير بسوق حرة دوماً، وفي الوقت ذاته، حماية إغلاق شركاتهم مقابل متداولين غير مرغوب فيهم.

الأكثر قراءة